أرجع أكاديميون واقتصاديون ارتفاع ورادات السودان من مصر إلى أزمة إغلاق ميناء بورتسودان والطرق المؤدية له، وقالوا إن الإغلاق نتجت عنه آثار جانبية تمثلت في مقاطعة معظم شركات الشحن العالمية لميناء بورتسودان، وأضافوا أن مصر المستفيدة من تجارتها مع السودان، ومضوا بالقول: نحن نوفر لهم مواد غذائية ومواد خام لصناعاتهم وهم يصدرون ما يصنعون ويستولون على النقد الأجنبي، داعين الحكومة السودانية بالتنسيق مع مصر لزيادة حجم التجارة بين البلدين والعمل لتحسين حجم نوعية الصادرات السودانية إلى مصر لتحسين الميزان التجاري بين البلدين لصالح السودان، موضحين أن صادرات السودان لها قيمتها المالية وأهميتها لدى مصر، ويمكن تنظيمها وفق القانون والاتفاقيات لاستفادة البلدين.
منتجات غذائية
وفي وقت سابق قال المجلس التصديري للصناعات الغذائية المصري، إن السودان استورد منتجات غذائية مصرية بقيمة 81 مليون دولار خلال الفترة من يناير إلى أبريل الماضي، بزيادة 33 مليون دولار عن الفترة نفسها من عام 2021م.
وبحسب بيانات صادرة عن المجلس، فإن السودان استحوذ على حصة تعادل 5.7% من إجمالي الصادرات الغذائية المصرية في أول 4 أشهر من 2022م، وارتفعت صادرات مصر من الصناعات الغذائية 44 مليون دولار في أول 4 أشهر من 2022م، لتسجل 1.41 مليار دولار، مقابل 1.36 في الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة 3%.
صادرات مصر
وأظهر التقرير الشهري الصادر عن المجلس التصديري للصناعات الغذائية، ارتفاع صادرات القطاع خلال شهر يناير الماضي بنحو 14% لتبلغ 305 ملايين دولار، مقابل 267 مليون دولار في يناير 2021، فيما تراجعت خلال شهر فبراير الماضي بنسبة 1% لتسجل 338 مليون دولار مقارنة 342 مليون دولار، وبلغت صادرات شهر مارس 419 مليون دولار، مقارنةً بـ388 مليون دولار في مارس بنسبة نمو 8% وقيمة نمو 31 مليون دولار، فيما بلغت صادرات شهر أبريل حوالي 350 مليون دولار بنسبة تراجع 6% مقارنة بصادرات أبريل 2021.
تكلفة الشحن
ويوضح الباحث والمحلل الاقتصادي د. فاتح عثمان، أن من أسباب ارتفاع واردات السودان من المواد الغذائية وغيرها من مصر خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بسبب أزمة إغلاق ميناء بورتسودان والطرق المؤدية إليه، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي” إن الإغلاق نتجت عنه آثار جانبية تسبب في مقاطعة معظم شركات الشحن العالمية لميناء بورتسودان، مضيفاً أنه أدى إلى ارتفاع تكلفة الشحن من وإلى ميناء بورتسودان إلى أضعاف مضاعفة، قاطعاً أن ذلك جعل الاستيراد عبر مصر أرخص بكثير من الاستيراد عبر ميناء بورتسودان، ويشير إلى أن عدداً كبيراً من المستوردين تحول من استخدام ميناء بورتسودان إلى الاستيراد المباشر من مصر خاصة للدقيق ومنتجاته مثل المكرونة والفول المصري، إضافة إلى دخول سلع لم يسبق قط للسودان استيرادها عبر مصر مثل البن.
هبوط كبير
ويلفت د. فاتح عثمان إلى أن ذلك يوضح مدى اتساع حجم التجارة بين البلدين في فترة التأثر بمشاكل ميناء بورتسودان، متوقعاً هبوطاً كبيراً في حجم الاستيراد من مصر بعد قيام مصر بحظر تصدير الدقيق ومنتجاته إضافة إلى تحسن وتيرة الشحن من وإلى بورتسودان وعودة بعض شركات الشحن العالمية للتعامل مع ميناء بورتسودان، مبيناً أن مصر بلد يشهد حالياً نهضة اقتصادية كبرى، قائلاً إن مصر سوق كبير للمنتجات السودانية، ودعا الحكومة السودانية بالتنسيق مع مصر لزيادة حجم التجارة بين البلدين مع العمل لتحسين حجم ونوعية الصادرات السودانية إلى مصر لتحسين الميزان التجاري بين البلدين لصالح السودان.
منتجات بديلة
وفي السياق ذاته يقول المحلل الاقتصادي صدقي كبلو إن معظم الواردات الغذائية المصرية نحن لسنا في حاجة لها مثل الفاكهة والمعلبات، مضيفاً أنها لا تشكل غذاءً ضرورياً لأهل السودان، موضحاً أن هناك منتجات بديلة لها، مبيناً أن هناك مشكلة تتعلق بعضويتنا ومعنا مصر في الكوميسا، قائلاً إنها تتمثل في تقييد فرضنا لرسوم جمركية على واردات الدول الأعضاء، والتحكم في تلك الواردات، ولفت إلى أن الواردات المصرية عموماً تنافس منتجاتنا الصناعية لتطوي الصناعة المصرية، ويرى أن المصانع المصرية عملت بطاقتها الاقتصادية بينما صناعتنا تعمل بطاقات متدنية مما يرفع تكلفتها، وقطع أن مصر هي المستفيدة من تجارتها مع السودان، وقال: نحن نوفر لهم مواداً غذائية ومواداً خاماً لصناعاتهم وهم يصدرون ما يصنعون من موادنا الخام ويستولون على النقد الأجنبي، وتابع: نحن ننال مقابل ذلك سلعاً غير ضرورية..
غياب الدولة
ويقول الأكاديمي د. محمد عثمان عوض الله الحمدلله إن الواردات المصرية في السودان وقفت على حد ١٨ مليون دولار، نافياً وجود تخطيط وضابط للأسعار أو حتى كمية الواردات ولا الميزان التجاري ولا سعر الصرف، وأضاف أن الدولة غائبة، وكل شيء عشوائي يخضع للمضاربات التي تغذيها الشائعات، وتابع أحمد: لكم أنكم رفدتم الرأي العام بهذه المعلومة التي مصدركم فيها تقرير رسمي مصري.
إيجابي وسلبي
ويشير إلى أن الإيجابية في ارتفاع الواردات تتمثل في تبادل المنافع، إضافة إلى فائدة مباشرة للتجار والمواطنين وللمنتجين، لافتاً إلى أن هناك سلبية تتمثل في عدم وجود تخطيط، وإطلاق الشائعات، والتحريض والتبخيس ضد هذا أو ذاك، ويوضح أن التبادل التجاري بين الدول، فيه فوائد عظيمة بين أي دولتين، على المستوى الرسمي والشعبي، إلا أنه عاد وقال: لكن لن تكون هذه الفائدة الا وفق تخطيط وليس مجرد استيراد وتصدير أو تهريب.
ضوابط محكمة
ويشير الأكاديمي والمحلل الاقتصادي د. أزهري بشير إلى أن فائدة هذه الواردات أكبر من ذلك إذا تم وضع ضوابط محكمة، سيستفيد السودان كثيراً، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي” إن صادرات اللحوم من عجول وأبقار، وجمال، ومحاصيل، إضافة إلى الفول والسمسم والكركدي، إلى جانب الصمغ العربي، قال إنها صادرات ذات دخل عالية، موضحاً أنها بقيمة 2 مليار دولار وأكثر، وتابع: هذا من غير المعادن من الذهب والفضة والنحاس وغيره .
تبادل منظم
ويلفت د. أزهري إلى أن صادرات السودان قيمتها المالية وأهميتها عالية ومهمة جداً بالنسبة لمصر، وتمنى أن يتم تنسيق مشترك بين البلدين للاستفادة من هذه الصادرات والموارد السودانية وبشكل منظم وفق القانون والاتفاقات والتبادل التجاري بين البلدين لمصلحة البلدين، مشيراً إلى أهمية ضبط حركة الحدود، ومحاربة التهريب، مبيناً أن التهريب غير مفيد للبلدين، قائلاً إنه يقلل من الفائدة الاقتصادية للبلدين.