خطابات (البرهان).. ما بين كرات اللهب وإطفاء الحرائق!

المجلس المركزي: خطاب البرهان لـ(الضباط) غطاء للتشبث بالسلطة وشراء للوقت
محلل سياسي: التغيير لا تستطيع الاتفاق مع المكون العسكري دون موافقة لجان المقاومة وتجمع المهنيين
خبير تفاوض: تصريحات البرهان مناورة سياسية حتى لا يخسر المجموعات التي دعمته
الخرطوم: محجوب عيسى
ما زال المكون العسكري يرمي بكرات اللهب في المشهد السياسي بعد أن شهد برهة من الهدوء وقبول أطراف الأزمة الجلوس غير الرسمي حيث شكلت تصريحات رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان خلال تنويره لضباط القوات المسلحة والدعم السريع، مؤشراً نحو حل الأزمة السياسية بالبلاد، وحذر كثيرون من فداحة عواقبها القاسية على الساحة السياسية والحوار الذي ترعاه الآلية الثلاثية، في ظل التشرذم والتشظي والاحتقان المسيطر على المشهد، ووصف متحدثون لـ(اليوم التالي) التصريحات بأنها مناورة سياسية للتشبث بالسلطة حتى لا تفقد المؤسسة العسكرية داعميها خلال الفترة الماضية من إدارات أهلية وطرق صوفية وأنصار النظام البائد، وأشاروا إلى أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيداً خطيراً في مواقف القوى السياسية، مؤكدين أن مفتاح الأزمة بيد الشارع الذي ما زال يتحرك ويتظاهر ويحتج وليست عبر مواقف وتصريحات في مناسبات مختلفة.

تشبث بالسلطة
اعتبر عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير والناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله تكرار حديث البرهان غطاء لتشبثه بالسلطة رغم تأزيم أوضاع البلاد في كل المناحي والفشل الذريع في إدارة شؤونها وبسط الأمن والاستقرار وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بشكل غير مسبوق ومع استمرار الرفض والمقاومة الشعبية بعنفوان وتضحيات عظيمة، فضلاً عن أنه الوجه الآخر لاستنساخ الإنقاذ بكل سوءاتها ونهجها وفسادها وسدنتها، بحسب خلف الله الذي قال في تصريحه لـ(اليوم التالي): لن يتوافق مع الانقلابيين إلا أرباب المصالح الضيقة والتي لا تنمو وتتكاثر إلا في ظل الدكتاتورية والفساد، على حساب قوت الشعب وكرامة الإنسان ووحدة السودان واستقراره، وأضاف: لذلك يكثر البرهان بالحديث عن (الانتخابات) في مزايدة مبتذلة بها في ظل نظام دموي مرفوض شعبياً ومعزول، يستخدم الرصاص الحي في مواجهة حق الشعب في التعبير السلمي والتوسع في الاعتقالات، بل ويستخدم (القضاء) و(النيابة) في صراعه السياسي لمواجهة الخصوم والمعارضين سيما وأن الانتخابات ليست لعبة إجراءات تستخدم لتزييف إرادة الشعب وتشويه الديمقراطية، لإضفاء ثوب تعددي على سلطة موغلة في الاستبداد والدموية، وأكد أنهم لن ولم يشاركوا في أي انتخابات صورية في ظل نظام دكتاتوري طيلة حقبتي دكتاتوريتى مايو والإنقاذ، وتابع: رفضنا مع قوى الحراك السلمي وقوى الديمقراطية والتغيير بمختلف مكوناتها لأي صيغة أو شكل للشراكة مع الانقلابيين عسكريين ومدنيين، وطبقاً لعادل أن خطاب قائد الانقلاب يؤكد الاستمرار في المناورة وشراء الوقت تشبثاً بالسلطة، وهو ما يستنهض قوى الديمقراطية والتغيير وسط القوى السياسية والاجتماعية الفئوية والمهنية المقاومة بمختلف مسمياتها وتكويناتها للمشاركة في بناء أوسع جبهة شعبية للإعلان عن الإضراب السياسي والعصيان المدني.

مناورة سياسية
فيما يقول الخبير العسكري والخبير في التفاوض أمين إسماعيل مجذوب، إن تصريحات رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان تأتي في إطار تنوير روتيني لضباط القوات المسلحة وهذه المرة لقوات الدعم السريع ولكنها أربكت المشهد السياسي السوداني وربما تربك الآلية الثلاثية، وأضاف: هناك تأجيل للحوار باعتبار المتغيبين الحرية والتغيير ومجموعتها لابد من حضور التفاوض فضلاً عن وجود رؤية مشتركة بعد اجتماع منزل السفير السعودي وتعيين طه عثمان من المدنيين والفريق شمس الدين الكباشي من المكون العسكري لإعداد رؤية مشتركة لتقديمها للوسطاء الأمريكي والسعودي، وبحسب إسماعيل في حديثه لـ(اليوم التالي) أن التصريحات تصب في المناورة السياسية حتى لا يخسر المكون العسكري المجموعة التي دعمته خلال الفترة الماضية، وأوضح أن جموعة كبيرة من الإدارات الأهلية والطرق الصوفية عملت مع النظام السابق ترى أنه لا يمكن استبعادها من الترتيبات الحالية الخاصة بالانتخابات ومفوضية الدستور والعدالة الانتقالية التي يتم الاتفاق عليها في المرحلة القادمة وأردف: لذلك من قبيل المناورة تأتي التصريحات، وأكد الخبير أن القول الفصل في الرؤية المشتركة التي تقدم للوسطاء من قبل الحرية والتغيير علاوة على أن الأمر كله بيد الشعب السوداني الذي ما زال يتحرك ويتظاهر ويحتج بالإضافة إلى الرؤى التي تم تقديمها من قبل الوسطاء الإقليميين والدوليين والتهديد بإعادة الديون وقطع بأن جميع هذه التفاعلات تحدد المسار القادم ليست مواقف وتصريحات في مناسبات مختلفة.

تصعيد خطير
وفي السياق ذاته يقول المحلل السياسي الفاتح عثمان إن المكون العسكري مضطر للمضي قدماً بمن حضر للوصول لحكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية من خارج قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ومن خارج الحزب الشيوعي وأضاف: هذا يعني أن الطرفين اختارا التصعيد، وأكد محجوب في حديثه لـ(اليوم التالي) أن موكب 30 يونيو يمكن أن يغير المواقف السياسية سواء نجح أو فشل تابع: لذلك ستشهد الأيام القادمة تصعيداً خطيراً في مواقف القوى السياسية خاصة، من جانب قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي التي ستحاول المزايدة على الحزب الشيوعي والظهور بمظهر أنها هي من تقود التصعيد في الشارع وفق تعبيره، ولفت إلى أن الحوار بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكون العسكري واجه عقبات كبيرة أهمها أن المجلس المركزي لم يعد يسيطر على لجان المقاومة وتجمع المهنيين اللذان اختارا تنسيق المواقف مع الحزب الشيوعي والذي بدوره اختار التنسيق مع حركتي الحلو وعبدالواحد محمد نور وتبنى قرار المواجهة مع المكون العسكري، وبحسب المحلل السياسي أن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وجدت نفسها في وضع صعب جداً لأنها لا تستطيع الوصل لاتفاق مع المكون العسكري إن لم تضمن موافقة لجان المقاومة وتجمع المهنيين الأمر الذي قادها لاختيار الالتحاق بركب الحزب الشيوعي خوفاً من تكرار تجربة اتفاق حمدوك البرهان الذي فشل في الصمود بسبب رفضه من قبل لجان المقاومة.

تمسك بالحوار
وفي وقت سابق تمسك رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بإجراء حوار شامل في البلاد لا يستثني أحداً عدا حزب الرئيس السابق عمر البشير، وقال البرهان، خلال لقاء مع ضباط الجيش وقوات الدعم السريع إنه لا مجال لعقد أي تحالف ثنائي مع أي جهة محددة، وتابع أن قيادة القوات المسلحة متمسكة بالحوار الشامل كمخرج وحيد يعبر بالبلاد في هذه الفترة الانتقالية ويفضي إلى تحقيق التوافق الوطني وصولاً إلى مرحلة الانتخابات، وجدد البرهان التأكيد على الاستمرار في جهود تطوير القدرات الدفاعية للقوات المسلحة للتصدي لأي محاولات تستهدف أمن البلاد واستقرارها، ونبه البرهان الضباط إلى عدم الالتفات للشائعات، مذكراً بأن المنظومة الأمنية غير قابلة للمزايدة على قوميتها أو وحدة مقاصدها وأهدافها الوطنية، وأنها على قلب رجل واحد وقادرة على المضي في إجراءات تطويرها وهيكلتها على أسس علمية واضحة.

نوايا حقيقية
ووفقاً لتقارير صحفية أكد المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، أن تصريحات البرهان أمام ضباط القوات المسلحة بأن لا تحالف ثنائي مع أحد كشفت عن نواياه الحقيقة، فضلاً عن أن البرهان الآن يعبر عن أحد مراكز القوى للانقلاب التي تساند إعادة التمكين للنظام البائد وأنه لا مانع لديه من عودة عناصر النظام البائد لإجهاض الثورة وهي رسالة واضحة لتحديد سقف التفاوض. واعتبر المجلس المركزي ذلك وقع الحافر على الحافر للرئيس المعزول البشير وإرجاع السودان إلى وضع أن أمريكا والمجتمع الدولي تحت الجزمة وإدخال البلاد في عزلة دولية جديدة.
وتقود الآلية الثلاثية المكونة من الاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة بالخرطوم (يونيتامس)، ومنظمة التنمية في شرق أفريقيا (الإيجاد)، عملية سياسية لحل الأزمة الحادة التي تعيشها البلاد، ونجحت وساطة سعودية أمريكية في جمع المكون العسكري والحرية التغيير، لأول مرة، بعد قطيعة دامت 8 أشهر، وتفجرت الأزمة السياسية بعد قرارات أصدرها البرهان في 25 أكتوبر الماضي، قضت بحل الحكومة الانتقالية وفرض حالة الطوارئ بالبلاد، وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية، في إجراءات وصفها بأنها “تصحيحية لمسار الثورة، وعدتها المعارضة انقلاباً.

Comments (0)
Add Comment