اعتدت مؤخرا تناول كوب صباحي . من الشاي او القهوة في ملتقى مكان يجمع طلاب جامعة وعابري طريق للمدينة . وصنايعية من حرف شتى وصبية يغسلون السيارات وبعضهم مثل (كراضم) الأرض لا تعرف ما يصنعون . يأت بعض التجار والسماسرة وثلة من النابهين . محامون وأطباء . وممن حفظت وجوههم معاشي يتشاجر عبر الهاتف مع صديق مرة ومع زميل مرات ومع بائعة الشاي ستة مرات لانه يكره تكرار سؤالها تشرب شنو ؟ فيتنفض والهاتف على أذنه بشرب سم !
2
مما لاحظته وبشكل جلي وعلى عكس معتاد الظن القديم . تراجعت ظاهرة إمساك الجلوس بصحيفة . حلت مكانها الهواتف . التي يريحها إنقطاع النت من الإنساع والدبر الدوامي بمحمولات الرسائل . تلاشت في ثرثرات الحضور حواضر السياسة . قحت مريب وقنوط فاشي فنادر ما أسمع نقاشات بشأنها مهما كان الحدث ! أرجح ان الناس عافتها . علت بشكل غريب نبرة تشاؤم مخيفة . كنت أطرده بتأمل ملامح طلابا أظنهم يتبعون لجامعة السودان (الجنوبي) . أعمارهم مقارنة بعهدنا تبدو صغيرة . في أعمارهم أظننا كنا بالمتوسطة او الثانوي ومطالعه . لسبب هل هو جيني او ظاهرة ما لا أعرفها بدت أحجامهم ضئيلة مع نحافة محيرة وملامح طفولية لكن فيهم ذاك الحماس والإنسجام الذي يرسم لوحة كان إزميلي يقيم بها ملمح تنوع جميل . هذا أظنه من دارفور وذاك بسمرته الدافقة اعتقد أنه من النيل الأزرق وهذا قطعا من جروف نهر النيل وذاك بجبهته العريضة يشبه لي الشرقاويين . هم في غاية التهذيب واللطف . يأتون يحتشدون عند صاحب مطعم أظنه معلم سابق من طريقة رصانته في تنظيم فوضى تحشدهم تجاه طلبات الفتة والفول
3
لا يذكر أحد فيما تسامعت الهلال والمريخ . يكثر النقاش عن الكرة الأوربية وريال مدريد تتقافز على مسامعي أسماء أندية وأطقم تدريب يتداول بشأنها الحضور بشكل عمق في المعارف والسير . إكتشفت ان من رواد المكان خبراء تدريب أكفاء فيما أتابع لكني كعادتي ركزت على (كولا) ومن ممازحات السابلة معه عرفت أنه من القضارف . دلني عليه تشوق المتكرر للمطر . ودعائه ان ينزل على قريته البعيدة . وراقني فيه أنه خدوم فهو يهب لمساعدة عمال ورشة ويعين عابرة على أثقال احمال او تيه سؤال وهو كريم بشكل مدهش فبعد ان يروغ على رفاقه ويلقط (الشير) يولم بصحنين عريضين يتخير أقرب مكان كثافة فينادي (اتفضل ..اتفضل) لا يمايز بين موظف وطالب وعامل او شرطي عابر . ناديته سالته الشير كم فقال يا عمك عيب . تخش معانا بس. قلت لا ارغب بالدفع ثم سأكل ! حدد مبلغه واظنه كذب فيه وقلله . توسطتهم بجانب كتفي . اللقمة الاولى صحت الله . كان مزيج ماء الفول والزيت ومنقوع الشطة وملاطم الايادي السمراء الصغيرة يتبارك بالعافية والهناء . اخذت لقمة وثانية ونهضت . جفلوا يلاحقوني يا عمك قال اصغرهم واظنه دون العاشرة على الطلاق وقت قمت عندك عندي بارد . زجاحة ميرندا . قلت هاتها . اخرجها الصبي من اين لا اعرف . كان يتٱنسون (ما هماهم شي) إنصرفت عنهم . الى ظل قريب تقاسمته مع طلاب لهم ذات المجلس. رمقتهم وقلبي يتدفق نحوهم حبا . حفظكم الله وطيب ايامكم . تستحقون اياما أفضل . عل الله يدخرها لكم في ساعة يسر قريب