رئيس المفوضية القومية للحدود د. معاذ تنقو: اللجنة لا يقصد منها تقسيم الشرق إلى قبائل بل لتدعيم التعايش تحت سلطة الولاة

هنالك طرق استراتيجية تتبناها الدولة، بشأن مثلث “حلايب وشلاتين”
هذه (…) هي آليات عمل اللجنة في تخطيط وتعيين الحدود الإدارية لنظارات شرق السودان
اللجنة لم تأتِ لطرد قبيلة أو مواطن سوداني من أرضه وملتزمون بالعمل بمهنية
مقدمة:
كشف رئيس المفوضية القومية للحدود رئيس اللجنة الفنية العليا لتخطيط وتعيين الحدود الإدارية لنظارات ولايات شرق السودان د. معاذ تنقو، عن زيارات ستبتدرها اللجنة إلى الولايات الثلاث الأحد المقبل.
وقال تنقو في حوار أجرته معه (اليوم التالي) إن اللجنة ستجاوب عن عدد من المخاوف لحل الخلاف الموجود بين المكونات بشرق البلاد.
وأكد تنقو، التزامهم بالعمل بمهنية عالية دون أي تأثير أو أي قرار غير مسنود بالوقائع الفنية، بشأن تحديد وتعيين الحدود الإدارية وفق قرار تشكيل اللجنة، وأضاف: “من حق أي سوداني أن يعيش في أي منطقة أو أي شبر في السودان ما دام داخل الحدود الدولية للبلاد”، مشيراً إلى أن اللجنة ستعمل على تسهيل عمل إدارة الولايات والأقاليم المستقبلية وفق المؤتمر المزمع عقده، ودعا مواطني شرق السودان، بمدهم بأي وثائق أو مستندات تسهم في أداء عملهم.
وأكد تنقو مساعيهم لمراجعة لكافة القرارات الراهنة وكل ما تم اتخاذه منذ العام 1899.
وبحسب تنقو، تختص اللجنة بوضع الأسس والمعايير والمرجعيات لتحديد الحدود الإدارية، ووضع خطة زمنية محددة لتخطيط وترسيم الحدود، والجلوس مع ممثلي حكومات الولايات والمحليات والوحدات الإدارية والنظار والعموديات المستقلة وزعماء القبائل المتعددة واستلام الوثائق والخرائط منه.
فإلى مضابط الحوا ر..

*  كمدخل للحوار، حدثنا عن لجنة تحديد الحدود للولايات الشرقية، والمقصود بإطار عملها؟
لجنة تحديد الحدود هي لجنة سيادية تم إقرارها من أجل الفصل وتوضيح بعض الملابسات الخاصة بادارة وإمكانية إدارة الولايات الثلاث المعنية للـراضي الموجودة أو في إقليمها، بما في ذلك القبائل، وبما في ذلك حقوق الدولة وحقوق الأفراد في هذه المنطقة.
هذه اللجنة لا يقصد منها تقسيم الشرق إلى قبائل أبداً، بل تدعيم وحدة هذه القبلئل والمواطنين الموجودين تحت إدارة وسلطة الولاة التي هي نابعة من سلطة الدولة وبالتالي تأكيد سلطة الدولة على هذه الأراضي.
وحقيقة في خلفيتنا وزياراتنا السابقة بالنسبة للشرق وجلسنا مع عدد كبير من الإدارة الأهلية وجدنا أنهم واعين جداً لدورهم ودور القبيلة ودور الفرد والحقوق، حقوق الدولة والفرد وحقوق القبيلة بحكم القانون والحقيقة حتى في تفاكرنا معهم السابق قبل سنوات ثلاث أو أربع تقريباً في مدينة “هيا وبورتسودان” أكدوا كثيراً وكانوً واعين جداً التمسناه خلال اجتماعاتنا معهم في أنه لا توجد خلافات حقيقية بين تلقبائل أو حتى بين بطون هذه القبائل.
* إذاً ما هو الإشكال؟
الإشكال هناك بحسب ما طرحوه هو تحديد وتأكيد مسار الحدود ما بين الولايات والولايات الأخرى وما بين المحليات والمحليات مع بعضها البعض، حتى تمارس كل جهة حكومية اختصاصاتها في هدوء وبدون منازعة، والآن تم تكليفنا بهذا الأمر الكبير وسنقوم حقيقة بزيارة ميدانية لتفقد ولشرح مهمة اللجنة خلال هذا الأسبوع لجميع الولايات الثلاث المعنية، وبهذا الصدد سنجلس مع الولاة وحكومات الولايات ـ وزارء ومدراء عامون وأيضاً مع الإدارة الأهلية ومع جهات الاختصاص الأخرى في الولاية مثل مدراء المساحة وغيرها التي تهتم أو من اختصاصها توزيع الأراضي وتحديد الحقوق ولا بد أن نتأكد من حقوق الأفراد ولا بد أن نؤكد على حقوق الدولة وأي حقوق أخرى وهذا سيؤدي إلى تدعيم سلطة الدولة وأيضاً إلى إزالة لبس كبير، هذه اللجنة لم تأتِ لطرد قبيلة من أرض أو مواطن سوداني من أرضه أو تنفي حقوقه المشروعة بموجب القانون، فالقانون فوق الجميع “فوق اللجنة وفوق الأفراد وحتى فوق سلطات الدولة التي تمارس القانون نفسها” فالحقوق الثابتة لا يمكن نزعها بقرار من اللجنة أو بتوصية منها، هذه اللجنة ليست من مهامها هذا أبداً.
* حدثنا عن مهام اللجنة؟
تختص اللجنة بوضع الأسس والمعايير والمرجعيات لتحديد الحدود الإدارية، ووضع خطة زمنية محددة لتخطيط وترسيم الحدود، والجلوس مع ممثلي حكومات الولايات والمحليات والوحدات الإدارية والنظار والعموديات المستقلة وزعماء القبائل المتعددة واستلام الوثائق والخرائط منه.
*  كيف سيتم ذلك؟
سنقوم بتتبع مسار وأصول كل الحقوق المدعاة، وكل فرد له الحق في أن يدعي ما يشاء ولكن سنعود إلى الوثائق وسنعود إلى التقسيمات القديمة وسنعرض التطور التاريخي للمديريات منذ عهد مديرية التاكا إلى مديرية كسلا إلى مديرية البحر الأحمر وإلى إقليم الشرق، ثم غيره من الأقاليم، ولكن لابد أن نجلي الحقائق ونتيقن أيضاً من الملفات المعنية، وهنالك ملفات عديدة تحت السكرتير الإداري تختص بإدارة القبائل الموجودة هناك وسلطات النظار والعمد والذين كانوا موظفين حكوميين قبل أن يقوم الرئيس الأسبق جعفر نميري بإلغاء الإدارة الأهلية، وهم كانوا قضاة، وكل قاضٍ منهم له إقليم معين، وكانوا أيضاً قضاة استئناف، بمحكمة المديرية المعينة، هذا الوجود لم يأتِ اعتباطاُ، وإنما له سند من الممارسة ومن القانون، صحيح أن هذا الأمر تطور في منحنى بلغ أقصى قمته عند الإدارة البريطانية ثم تغير بعد ذلك من ناحية السلطات عند الإدارة الأهلية من ناحية السلطات للمفتشين ومن ناحية السلطات لمدراء الإدارات، من ناحية أيضاً إقرار القوانين مثل قوانين تسوية الأراضي وتنظيمها والقرارات التي سبقت كل شيء فيها هذه لا بد التأكيد عليها لكن المفوضية أو اللجنة لن تقوم بإصدار أي توصية لطرد أي مواطن سوداني من ملكة وهذا ليس من اختصاصها، إنما لفض الاشتباك ما بين المشتبكين بطريقة سلمية آمنة مستندة إلى القانون وإلى التاريخ وإلى الإدارات السابقة منذ العام 1899م وإلى 1994م حينما تم تقسيم السودان إلى ولايات، سنستند إلى وثائق موجودة في دار الوثائق وسنستند أيضاً إلى وثائق لدى وزارة الحكم الاتحادي ونستند أيضاً إلى التاريخ المجرب ومعنا لجنة هذه اللجنة الفنية برئاسة الفريق الأمين محمد بانقا وهو شخص قدير سواء كان في موضوع الحدود أو قراءة الخرائط أو أيضاً إعداد التطور التاريخي لكل كيان تم في هذا السودان ونحن لدينا وثائق عديدة وقيمة ولكننا أيضاً سنفتح المجال أمام المواطنين وكافة الكيانات لإيداع ما يرون أنها وثائق لدى الولاة المعنيين والذين سيقومون بتسليمها إلى وزارة الحكم الاتحادي والتي تسلمنا لها بوثائق فردية أكيدة حتى نستند إليها.
*  هناك مخاوف لدى أطراف الأزمة، وحديث عن حياد اللجنة، في ظل وجود تجارب وأدت في مهدها؟
اللجنة ستجاوب عن كل المخاوف وآلياتها التي ستتبعها لحل الخلاف الموجود بين المكونات بشرق البلاد.
لكن أيضاً أود أن أشرح للجمهور أن اللجنة ستلتزم بالأسس والمعايير التي تتبع عالمياً وفق القانون الدولي والقانون المحلي في تقييم الوثائق ووضع أولوياتها وأيضاً في تقويم وتقييم الخرائط فليست كل خريطة بالنسبة لنا هي خريطة مجزية للقانون حتى ولو نادى أصحاب الادعاء بالحق أنهم أحق بها، فلدينا ميزان معين حيث أن اللجنة وافقت عليه ككل، وستقوم بعملة وسيكون وموجوداً لمن أراد أن يضطلع حتى يعرف لاحقاً وسينشر أيضاً مع تقرير اللجنة هذا الميزان هو الميزان القانوني المتعارف عليه دولياً ليس فيه أي انحياز لأي طرف، وإنما هدفه تحقيق العدالة المجردة والتي قد تكون مرة للبعض ومفرحة للبعض، لكن في العموم ستكون هي أداة الواجب بالنسبة للجنة وأعضائها ورئيسها.
* تحدثت عن آليات تستند إليها اللجنة، لكن السؤال هنا هل هنالك تجارب سابقة بالنسبة لهذه القضية أم إنها أول تجربة تمر بتاريخ البلاد؟
حقيقة هنالك تجارب سابقة للمفوضية وأيضاً تجارب سابقة لنا كلجان في موضوع الحدود بصورة عامة ونعرف ترتيباتها وأولوياتها وما تتطلبه، لكن داخلياً هذه أول تجربة تكون عامة شاملة، حتى هي في عهد الإدارة البريطانية لم يكن هنالك شيء بهذا الكبر وبمثل هذه المسؤولية، لكن سنقوم بتأدية هذه المسؤولية لأن هنالك موازين وأسس قانونية وفنية لقبول الوثائق والمستندات وبالتالي ميزان يصفي الادعاءات والادعاءات المضادة، ونحن لسنا ضد أحد، ولكننا مع الحق.
* في اتصالاتكم مع أصحاب المصلحة، والإدارات الأهلية هناك، حول القضاء، هل تلمستم نقاطاً إيجابية؟
حتى الآن لم نبدأ الاتصال والتواصل مع الإدارات الأهلية، لنكن حريصين على أن نكون في أول زيارة رسمية وسنقابلهم في ولاياتهم، وبعدها ستقوم اللجنة الفنية بأهم الأعمال وهي جمع الوثائق والمستندات بما في ذلك الخرائط عبر التاريخ وتقييمها وقانونيتها ووضع كل هذا تحت الدراسة، ولدينا مؤرخين وقانونيين هم على دراية وعلم كبير بنزاعات الحدود، ونحن متفائلون في أن ننجح قريباً في تلمس وحتى فهم موضوع اللجنة، فنحن حتى الآن لدينا قرار منشأ ولكن لم نلتقِ بالولاة لفهم الموضوع تماماً وأيضاً إفهام الغير مهمة اللجنة وأيضاً لم نلتقِ بالإدارة الأهلية ولا حتى بأجهزة الدولة الأخرى في الولايات حتى نتفهم أبعاد الموضوع ويتفهموا مهمة اللجنة ومن ثم نعكف على الدراسة، ولكن ليس لدينا قرار واضح وجاهز، كله سيأتي بعد الدراسة وبعد التمحيص.
* متى ستبدأ الزيارات والإجراءات الفعلية للجنة؟
ستبدا غداً الأحد بحسب اتفاقنا مع الولاة سنبدأ بولاية القضارف ثم كسلا وبورتسودان، ولا بد من مقابلة كل المعنيين وأصحاب المصلحة في كل ولاية بصورة عامة، لنشرح لهم مهام وأهداف وخطة اللجنة في العمل، والاستماع إليهم حول المشكلة نفسها ثم تبدأ اللجنة الفنية عملها.
* هل أنتم متفائلون، بأن الآلية التي ستتبعونها ستكون الحل لأزمة الشرق؟
نعم نحن واثقون إنما سنقوله لن يجد أحداً فيه أي وسيلة للطعن فيه فنحن سنتبع الإجراءات واللوائح والموازين الحقوقية بالحرف حتى لا نكون ميالون ولن نكون ميالون لطرف ضد آخر، فالجميع لدينا طرف واللجنة طرف وبالتالي سنقوم بالتقييم ونترك لكل طرف أن يدلي بالحجج التي يراها أو يريدها وسنلتقي بهم عبر الوثائق ولقاءات خاصة شفوية وعبر المستندات، ثم نبحث عن الحلول المناسبة وتقديم الرأي.
* حلايب وشلاتين، هل تقعان ضمن اختصاصات اللجنة؟
ربما مثلث حلايب وشلاتين وهو جزء لا يتجزأ من ولاية البحر الأحمر وبالتالي لا بد أن يتم تناوله ضمن اختصاصات اللجنة وسنصل في القضايا إلى خير القرارات.
* هذا الملف تحديداً شائك، وله أبعاد داخلية وخارجية، كيف يمكن أن تتعامل اللجنة بشأنه؟
لدينا نظريات وطرق ووسائل واستراتيجيات وخطط تتبناها الدولة، لكن في هذه اللجنة ما يهمنا هو العمل الداخلي وليس الخارجي مع الدول الأخرى.
* رسالة أخيرة؟
أحب أن أتوجه إلى الشعب السوداني أجمع وإلى شعب الشرف بصفة خاصة أن هذه الأرض وهذه الادعاءات لا تسوي أن يهدر فيها دم أو تزهق فيها روح شخص واحد وهي محلولة بالقانون فلا يتسرعن أحد لأخذ القانون بيده، هذه كلها أمور معروفة ومرتبة وفي النهاية كل حق سيعود إلى صاحبه ولا نريد أن يتنازع الإخوان والأهل في ادعاءات قد لا تكون مسنودة حتى لا بالقانون ولا بالواقع، فيجب أن يتروَّى الناس ويجب أن يثق الناس تماماً في أنه لن تكون هنالك لحظة واحدة تنحاز فيها اللجنة إلى طرف لظلم طرف آخر، وإنما ما ستقوم به هو الحق والحق الأبلج.

Comments (0)
Add Comment