:: أزمة وقود مرتقبة، ولا علاقة لهذه الأزمة بالحرب الروسية وغيرها من شماعات المرحلة.. فالأزمة المرتقبة (مُفتعلة)، وكما تعلمون لكل أزمة تجارها ولصوصها.. من تناقضات المرحلة، فيما يكتوي المواطن بسياسة تحرير أسعار السلع وسعر الصرف، يسعى بعض لصوص المرحلة المحسوبين على الحكومة لاحتكار الوقود، ويطالبون السلطان بحماية الاحتكار.. وتفصيل القرارات والقوانين حسب مقاسات أصحاب النفوذ ومراكز القوى الفاسدة بالدولة والمجتمع، لا يزال سارياً..!!
:: والمؤسف أن حكومة ما بعد الثورة ظلت ملوّثة بتجار يعملون على تجريد الثورة من مبادئها وقيمها وأهدافها وسماتها، ومنها عدم تفصيل القرارات والقوانين واللوائح حسب مقاسات النافذين والفاسدين.. ولعلكم تذكرون، بتاريخ 14 أبريل 2021، أصدر رئيس الوزراء السابق حمدوك قراراً يسمح لشركات القطاع الخاص باستيراد الوقود من عائد الصادر، وهو القرار (رقم 148)، وأسهم القرار في توفير الوقود واستقرار الدولار، لعدم لجوء الشركات إلى السوق الموازي لشراء الدولار…!!
:: وقبل قرار حمدوك، كان هناك القرار رقم (602)، والذي كان يُسمح لشركات القطاع الخاص باستيراد الوقود.. ولكن فجأة، في 22 مارس 2022، تحصلت (اليوم التالي) على خطاب صادر بتوقيعين، يخاطب وزير الطاقة والنفط بمنع شركات القطاع الخاص من استيراد الوقود، وذلك بإلغاء القرار (602)، واحتكار الاستيراد لما أسموها بشركات التوزيع، وهي أقل من خمس شركات، ظلت محتكرة استيراد وتوزيع الوقود طوال عقود النظام المخلوع..!!
:: وأغرب ما في خطاب طلب الاحتكار أنه كان مذيلاً بتوقيعين، أحدهما يمثل ما أسموها بالمجموعة الخاصة والآخر يمثل ما أسموها بالمجموعة الحكومية، وكلاهما جبن عن كتابة اسمه تحت التوقيع.. توقيعان بلا أسماء، لإخفاء أثر الموقعين من مسرح الجريمة.. أما سبب طلبهما للاحتكار فكان مدهشاً ومعيباً و(فضيحة)، حيث قالوا بالنص: (شركات القطاع الخاص توزع وقودها بأسعار أقل من شركات التوزيع)..!!
:: فاللصوص، عندما عجزوا عن المنافسة الشريفة، فكروا في طرد شركات القطاع الخاص، ثم احتكار الوقود ليمارسوا هوايتهم المفضلة؛ وهي خلق الندرة وتجفيف المحطات، ثم إشعال نار الأسعار لحد (الجشع).. وكنت قد سميتهم بلصوص المرحلة، وكما تعلمون لكل مرحلة لصوصها، حتى ولو كانت المرحلة ترتدي ثياب المدنية أو تصحيح المسار وغيره من الأغلفة السياسية المراد بها إخفاء الموبقات التي تُرتكب في حق المواطن..!!
:: واليوم، يتواصل مسلسل مكافحة القطاع الخاص في سوق الوقود، بحيث أصدرت المؤسسة السودانية للنفط، التابعة قراراً بإيقاف شركات القطاع الخاص عن استيراد وسحب الوقود، وذلك لحين دفع الأثقال المراد بها إرهاق كاهل المواطن، والمسماة بالرسوم، وما هي إلا جبايات وأتاوات و(جزية)، يدفعها الشعب صاغراً.. إليكم ما تطالب به الحكومة شركات البترول .. (17%) قيمة مضافة، (2%) أرباح أعمال؛ (2%) رسوم المؤسسة، (2%) رسوم محروقات..!!
:: (24%) من قيمة الوقود، يدفعها المواطن للحكومة، وأرباح الشركات تتراوح ما بين (5%) و(7%).. وعليه، عندما تكذب الحكومة على شعبها بأن ارتفاع الأسعار في السودان مرده ارتفاع الأسعار العالمية، فإن الحقيقة هي أن أسعار الوقود في السودان أعلى من السعر العالمي بنسبة (24%).. تدمير الزراعة والصناعة وكل الاقتصاد الوطني ليس بحاجة إلى أسعار وعوامل خارجية، لأن سياسات الحكومة المسماة بالوطنية (تكفي تدميراً)..!!