1. مع تكرار مشهد الحشود العسكرية الأثيوبية بمحازاة الحدود مع السودان وتحركات الجيش الأثيوبي حول مناطق معينة بين مدينة عبدالرافع الإثيوبية المحاذية لمحلية القريشة، بجانب منطقتي ماي خدرة والحمرة اللتان تقعان في إقليم تقراي المحاذي لولاية القضارف، وأخيراً الحشود الأثيوبية القريبة من مستوطنة قطراند التي يحاصرها الجيش السوداني، تدخل الأزمة الحدودية حول الفشقة أبعاداً جديدة، تعيد الحديث حول إمكانية نشوب حرب بين الدولتين تكون الفشقة ساحتها الرئيسية.
2. تقف الأزمة الحدودية مع اثيوبيا أمام عدة سيناريوهات خلال الـ 6 أشهر القادمة، وهذه السيناريوهات تتحدد ملامحها من طريقة تعاملنا مع الأزمة، بما يلي:
أ/ وصول السودان واثيوبيا إلى اتفاق سياسي بشأن الفشقة بمنع النزاع حولها، كشرط لخفض حدة التصعيد الراهن، وهذا برأيي سيكون “خذلاناً” وقفزاً على حقيقة تبعية آراض الفشقة للسودان، وسبباً لإحباط كبير بين السودانيين، وإضعافاً للجبهة الداخلية.
ب/ تأجيل استكمال ضم مستوطنة قطراند التي يحاصرها الجيش السوداني، ووضع العلامات الحدودية بحسب اتفاق السبعينيات، والتأجيل وتأخير وضع علامات الحدود سيفتح الباب أمام الدعاوى والمماطلة والتعنت الأثيوبي في قضيتي الفشقة وسد النهضة، وسنعود إلى الخوض في عبارات السياسة والدبلوماسية الخداعة، وإتاحة الوقت لأثيوبيا في المطالبة بأحقيتها المزعومة في الفشقة، وفتح شهية أطراف خارجية للتدخل، مع انتظار وضوح موقف ونوايا المجتمع الدولي والأقليمي وبخاصة الدول التي لديها مصالح في منطقة القرن الأفريقي مما سيفاقم من حجم الأزمة.
ج. الإسراع إلى ضم الفشقة بالسلاح وإنفتاح قواتنا بطول الحدود الشرقية، وبغض النظر عن فكرة ضمها حتى، لاسيما إذا ما كشفت الأيام عن نوايا عدوانية توسعية لدى أثيوبيا، للسيطرة على مساحات جديدة في الفشقة.
3. ينبغي على السودان خلال هذا العام 2022م، أن يتدارك أخطائه السابقة، وأن يحصل على ما يعزز أمنه وموقفه في مواجهة أثيوبيا وحسم موضوع الفشقة، وسيقف السودان أمام خيارين: إما إخلاء مستوطنة قطراند وهذا يعني استعادة الفشقة بالكامل وقفل هذا الملف، أو خسارة الفشقة جزئياً، ولكي نحمي الفشقة بالكامل علينا أن نقوم بتغيير سياسة الاستهانة، وأن نتعامل بمنطق جدّي موحّد مع خطورة وتداعيات أزمة الفشقة، التي قد تتجاوز أبعادها المحلية، وتصبح هي التي تشكّل تهديداً مباشرا للسلم الأقليمي والعالمي، وخطراً على مصالح كثير من الدول في منطقة القرن الأفريقي.
4. إن أصرار أثيوبيا على انتهاج استراتيجية تقوم على ديمومة الصراع وإثارته بين كل فترة واخرى للضغط على السودان وهو في خضم أزماته الداخلية وإستغلال إنشغاله بها، يعكس ذلك منهجاً ثابتاً للنظام الإثيوبي ويكشف أيضا أنه قد وضع السودان في خانة العدو وهو يتعامل على هذا الأساس مع قضية الفشقة، والتي بلا شك، ستتحول إلى أن تصبح حرب للمياه مع إثيوبيا في محاولاتها للسيطرة على الفشقة بخيرانها وأوديتها ومناطقها الزراعية.
5. من المهم جداً إستباق تداعيات التحركات والحشود الأثيوبية العسكرية، بأن يصدر السودان وبلسان الخارجية والجيش تحذيراً شديد اللهجة وبوضوح لكي تعرف أثيوبيا أن الفشقة أرض سودانية سيتم الدفاع عنها ولن يُسمح لأي كان بالإقتراب منها.