:: وصلاً لما سبق، والحديث عن مشروع الميناء المشترك بين شركة أبوظبي القابضة و مجموعة دال ..وبغض النظر عن أطراف الشراكة و المرحلة التي عليها المشاريع، فما يجب تأكيده هو أن البلاد بحاجة إلى استثمارات ومستثمرين، فهذا ما لاخلاف عليه .. ولكن الاستثمارات الكبيرة والاستراتيجية، كالموانئ و المطارات و السكك الحديدية، تختلف عن المطاعم و أفدنة البرسيم و مصانع الأسمنت، بحيث أنه بحاجة عوامل ضرورية للغاية، منها استقرار سياسي، ثم دولة مؤسسات ذات شفافية عالية وقوانين عادلة .. و المؤسف، كل هذه الضروريات مفقودة حالياً..!!
:: لو كانت هناك دولة مؤسسات، لتحدثت أجهزتها عن هذه الشراكة ومشاريعها ذات القيمة ( 6 مليارات دولار)، وذلك بعد دراستها عبر الأجهزة المختصة ومعرفة جدواها و تحديد حقوق الشعب فيها، ثم إجازتها بواسطة برلمان منتخب .. وكل هذا لم يحدث؛ لغياب دولة المؤسسات.. ومن المعيب أن يسمع الشعب أخبار شراكة بهذا الحجم من (طرفي الشركة)، حين تحدثا نفياً وتأكيداً في وسائل الإعلام .. ولو كانت دولة مؤسسات لتحدثت الحكومة التي تقع على عاتقها مسؤولية حماية مصالح الشعب..فالشفافية هي المدخل الصحيح لحماية المصالح ، وعنصر الشفافية غائب في المشروع ..!!
:: ثم إن الحكومة الحالية انتقالية، أي غير منتخبة ولا مفوضة بالموافقة على مشاريع – بهذا الحجم – في مواقع استراتيجية و ذات أبعاد أمنية كالسواحل.. فالمؤانئ لم تعد مجرد مرافق خدمية، و لو كانت كذلك لما كانت حرب الموانئ المشتعلة بدول عربية و أخرى افريقية .. ثم إن مهام الحكومات الانتقالية معروفة في كل دول العالم، بحيث لاتتجاوز المهام إصلاح القوانين و الأجهزة و بناء مؤسسات الدولة، بحيث تقف على مسافة واحدة من كل المكونات السياسية ثم تهيئة المناخ للانتخابات، ليختار الشعب الحكومة المنتخبة والمفوضة لمثل هذه المشاريع الاستراتيجية ..!!
:: بعد الانتخابات، ليس هناك ما يمنع إنشاء و تطوير الموانئ بالشراكة مع القطاع الخاص (الوطني والأجنبي)..و ناهيك عن إنشاء موانئ أجنبية خاصة،، بل إن الصوت الرافض لإشراك القطاع الخاص في تشغيل وإدارة الموانئ السودانية يبدو (عالياُ)..لماذا ؟.. تًخطئ السلطات الحكومية لو ظنت بأن هناك من يرفض تطوير الموانئ وجذب القطاع الخاص إليها، فمن وحي تجارب تكدس الحاويات وترهل العمالة وضعف الموارد، فإن القطاع الخاص هو الحل لتجاوز كل أنواع الفشل والعجز والتردي بالموانئ .. ولكن الرفض مرده غياب دولة المؤسسات ذات الشفافية والقوانين العادلة ..!!
:: وبالمناسبة، قبل ثلاثة أشهر أصدر نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو، توجيهاً بمباشرة العمل بميناء هيدوب، وهذا ما لم يحدث حتى الآن .. لقد تم افتتاح هيدوب في نوفمبر 2017..وهو الميناء الأحدث على طول الساحل السوداني ، بحيث كل شيء يعمل فيه إلكترونياً، وبأحدث نظم التشغيل.. (5 أرصفة)، بطول (241 متراً)، وعمق (12.5 متر)، وحمولة (30.000 طن).. وهو مشروع شراكة بين هيئة الموانئ وشركة جيك الصينية (51%، 49%).. !!
:: وبالمناسبة، منطقة هيدوب تقع جنوب سواكن فقط (30 كلم).. و بعد ستة أيام من افتتاح وتدشين الميناء، أعلنت هيئة الموانئ ( إغلاقه)، لعدم وجود المحجر البيطري قرب الميناء، وكذلك حظائر الانتظار، و مياه الشرب و نواقص أخرى .. ولحين الحكومة المفوضة لإنشاء (الموانئ الجديدة)، فعلى الحكومة الانتقالية إكمال نواقص ( الموانئ القديمة)..!!