(دارفور، البحر الأحمر ، وجنوب كردفان) الانفلات الأمني في الولايات .. من يؤجج الصراعات؟

دقلو: تجار حروب وراء الصراعات!
محامو دارفور: الأسباب داخلية!
مراقب: إدارات أهلية مصنوعة تستثمر في المصالحات !
عالم اجتماع: مؤتمرات الصلح، تديم الاشتباكات!
صراعات قبلية تتجدد، ثم نختفي في غير ولاية بالبلاد، بعضها يزدهر في وسائط الإعلام من الخارج الداخل والآخر يبقى في طي الكتمان، نائب رئيس مجلس السيادة حذر من أن تجار الحرب الذين يعملون على عرقلة السلام القبلي في دارفور، لكن هيئة محامي دارفور قللت من مجهودات نائب مجلس السيادة في المصالحات القبلية ووصفتها بمهرجانات سياسية لا تغوص في مفاصل الأزمة، بينما أرجع علماء اجتماع صراعات القبائل في دارفور لمؤتمرات الصلح المتكررة التي تدين القبيلة بأكملها، فينجو القاتل بعد دفع الدية.. مراقبون تحدثو لـ(اليوم التالي) تساءلوا: (متى تتعلم الدولة من التاريخ، وتغير آلية المهرجانات)؟
الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق.
المشهد الآن!
في جنوب كردفان هدأت اشتباكات بين قبائل مطلع الشهر الجاري، لتتجدد في محلية (قريضة) بدارفور أمس، بينما تم ضبط ذخائر ومتفجرات في البحر الأحمر، الذي شهد صراعات مسلحة قبل أشهر..
اتهم نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان “حميدتي” من أسماهم بتجار الحرب، بعرقلة السلام القبلي في دارفور.
ويوجد حميدتي في ولاية غرب دارفور في زيارة قال إنها ستطول بغرض إجراء مصالحات، في المنطقة التي شهدت صراعات قبلية دامية مؤخراً راح ضحيتها مئات الأشخاص.
ودعا حميدتي خلال مخاطبته المصلين في أحد مساجد مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور ـ الجمعة ـ المواطنين إلى محاربة مروجي الفتن وتجار الحروب والأزمات، الذين ظلوا يؤججون الصراعات بين مكونات المنطقة.
ورأى خبراء ومراقبون أن “هناك رغبة أكيدة للمتخاصمين الذين دار بينهم القتال من القبائل المختلفة في تحقيق السلام والمصالحة فيما بينهم، لكن تجار الحرب والجوكية يقفون عائقاً دون تحقيق السلام والتعايش السلمي”.
وأشار إلى قرب التوقيع الصلح بين المساليت والعرب، وقال: “نريد سلاماً حقيقياً يعزز الأمن والاستقرار، ويطوي الخلافات والمشاكل بينهم، لا سلاماً سياسياً”.
وقبل شهرين خلفت اشتباكات بين قبائل المساليت (غير عربية) والرزيقات (عرب) في مدينتي كرينك والجنينة بغرب دارفور أكثر من 200 قتيل ومئات الجرحى، في حادثة عنف أثارت قلقاً محلياً ودولياً.
وطالب حميدتي في كلمته مستخدمي الوسائط الاجتماعية، بإعلاء مصلحة الوطن وتقوى الله فيما يقولون، عملاً بقول الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}، وأنهم مسؤولون أمام الله عما يقولون.
وقال: “جئنا لهذه الولاية من أجل إجراء المصالحات، وفرض هيبة الدولة، وعلى المواطنين المساهمة في تحقيق السلام بالكشف عن مروجي الفتن والمتآمرين والمتاجرين بدماء الناس، والجواسيس، حتى لا يفلتوا من العقاب”.
وأضاف: “نحن مسلمون ومن أصل واحد، فلمَ الاقتتال بيننا، ينبغي أن نتبع أوامر الله ونواهيه”.
ودعا إلى ضرورة مراجعة الأسر لحياة أبنائها، ومراقبتهم في كل شؤونهم، مؤكداً خطورة المخدرات على مستقبل الأبناء، وعلى أمن واستقرار البلاد.
وشهدت ولاية غرب دارفور خلال الأشهر القليلة الماضية اشتباكات قبلية دامية أدت إلى مقتل أكثر من 300 شخص، وجرح وتشريد الآلاف.
إلى ذلك، تمكنت قوات الدعم السريع قطاع البحر الأحمر من ضبط كمية من الذخيرة بمرسى الجزيئات بمنطقة جنوب ميناء هيدوب في الساحل الجنوبي لميناء سواكن.
وأوضح العقيد رامي آدم الطيب قائد قوات الدعم السريع قطاع البحر أن المضبوطات شملت عدد (٢٥) قذيفة (آر بي جي) وعدد (١) دانة هاون طراز (B 10) مبيناً أن هذه الضبطية تأتي في إطار جهود قوات الدعم السريع في مكافحة الجريمة بأشكالها المختلفة وتأمين الثغور، وحماية مكتسبات البلاد ضمن مهام الواجب الوطني بتحقيق الأمن والاستقرار بالإضافة الى الدور الاجتماعي للقوات legram
التصور السليم !
عضو هيئة محامي دارفور الصادق علي حسن رأى أن ما يقوم به نائب رئيس مجلس السيادة في دارفور مع الإدارات الأهلية غير مفيد، ويفتقر للتصور السليم وأضاف أن المصالحات التي تجري الآن في إقليم دارفور لا معنى لها، وأضاف لـ(اليوم التالي) الإدارات الأهلية كانت تدير الأمور بين القبائل وتدفع حتى من مالها الخاص لردم الفتنة، وإزالة المشاكل بين المجتمعات بطرق بسيطة ومعروفة، كجزء من التزام هذه القيادات تجاه مجموعاتها، أما اليوم فهناك شق سياسي يستفيد من هذه الإدارات الأهلية للوصول إلى مناصب في السلطة، بعد أن تحولت إلى إدارات أهلية مصنوعة، وتابع حسن: على سبيل المثال في أحداث محلية (كلبس) في غرب دارفور، والتي خلفت أكثر من ١٣٠ قتيلاً و١٢٢ جريحاً، وأعداد مقدرة من المفقودين، بجانب نزوح مجموعات من مناطقها، تم عقد تصالح قبلي في هذه المنطقة بدون تحديد الجناة لمحاسبتهم، وهذا هو الحال في مؤتمرات الصلح التي تعقد في تلكم المناطق، حيث يتم توقيع الصلح بين أطراف لا علاقة لهم بالأحداث، التي قامت بها مجموعات خارج تلك القبائل الموقعة، مجموعات قادمة من مناطق بعيدة تعتدي على الحرث والنسل، تغتصب تعود من حيت أتت، وهؤلاء يجب التعامل معهم بوصفهم مجرمين لا أكثر
وزاد حسن أنه إذا كان هنالك تجار للأزمات والمشاكل بين القبائل في
دافور فهم الإدارات الأهلية أنفسهم، ومضى: اليوم عضو الإدارة الأهلية الذي يقوم بالصلح يحصل على عشرين بالمائة من قيمة الديات التي يحسمها، وهذا صار بالنسبة لكثيرين استثماراً، وحول ما يتردد عن أصابع خارجية تؤجج الصراعات في دارفور قال الصادق: لن نقول لا توجد أصابع خارجية، لكنها ليست بالشيء المحوري لأن مقومات النزاع موجودة أصلاً بين القبائل، الذي يحدث ولأن إقليم دافور مترامي الأطراف، وبالتالي مفتوح على عدد من الحدود الخارجية، فهناك مجموعات تناصر بعض القبائل، لكن الأمر لا يرقى لإدارة من الخارج فمقومات الاشتباك الداخلية متوفرة، ووجه الصادق اتهاماً للحكومة بقوله إن حديث السلطات المستمر عن (الطرف الثالث) يعد تهرباً من المسؤولية، وحذر من ما وصفه بالمؤتمرات المزعومة أسوأ نتائجها قطع الطريق أمام القبض على الجناة، ووصف مؤتمرات الصلح في دارفور بأنها مهرجانات سياسية لا تخاطب جذور الأزمة وباتت آلية متعمدة للهروب من العدالة.
مؤتمرات كارثية!
أستاذ علم الاجتماع بجامعة الخرطوم بروف منزول عبد الله منزول، قال لـ(اليوم التالي) إن الصدامات بين القبيلة وتجددها يعود لمسببات أبرزها التنافس على الموارد، وأضاف: لكن ما يجعلها تتكرر بصورة مزعجة المدخل الخطأ للمعالجة، وتابع منزول: لنكن واقعيين ونرجع للتاريخ، لرصد المئات من مؤتمرات الصلح التي عقدت خلال مرحلة الإنقاذ وما قبلها وما تلاها، واعتبر منزول مؤتمرات الصلح وقوداً لاستمرار الاشتباكات القبلية وأضاف: مؤتمرات الصلح تلزم القبيلة بأكملها فتقوم بدفع الدية عبر التبرعات، بالتالي يجد القاتل نفسه حراً ليقتل ويدفع من جديد، ودعا منزول الدولة لإعادة الهيبة والردع وإعمال القانون، لا سيما في الأقاليم التي ما زالت توجد بها أشكال السلطة الأهلية مثل دارفور وجنوب كردفان.

Comments (0)
Add Comment