استبعد سياسيون سودانيون، التوصل إلى تسوية تنهي الأزمة السياسية في البلاد، معتبرين أن مظاهرات الـ30 من يونيو ”أسقطت“ مساعي التوصل إلى تسوية.
جاء ذلك بعد أيام من إعلان رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى البلاد فولكر بيرتس، توصل طرفي النزاع إلى اتفاق على 80% من الملفات الخاصة بالتسوية السياسية.
وأكد فولكر في مقابلة تلفزيونية، أن ”طرفي النزاع في السودان (المكون العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير – المجلس المركزي) توصلا إلى تسوية سياسية لحل الأزمة في البلاد بنسبة 80%“ عقب تحركات واسعة للطرفين والاجتماعات التي جرت بينهما.
وأوضح فولكر أن ”نقطة الخلاف الرئيسة بين الطرفين تتمحور حول مستويات السيادة ومن الذي يمثلها، ومسألة بقاء العسكريين في مؤسسات الحكم في الدولة“.
استهلاك سياسي
وقال القيادي في حزب الأمة القومي، إمام الحلو، إنه ”كان هنالك تبادل للآراء من أجل تهيئة أجواء الحوار ووقف العنف والقوة المفرطة“.
لكن الحلو أشار في تصريحات لـ“إرم نيوز“، إلى أن ”الحديث عن نسبة متقدمة في تسوية بين الطرفين، جاء على لسان فولكر، وأن المجلس المركزي نفى ذلك“.
وأضاف ”الآن وبعد أحداث الـ30 من يونيو، أي حديث عن رغبة السلطة الانقلابية بالحوار أو دعوتها إليه مجرد استهلاك سياسي“، على حد تعبيره.
سر التأجيل
وبحسب صحيفة ”الحراك السياسي“، السودانية، ”حصل تأجيل مفاجئ لمشروع التسوية بعد اعتراض قوى سياسية داخل مركزي الحرية والتغيير“.
وبينت الصحيفة أن ”الاعتراض كان بسبب أن هذه القوى ترى أن المطلوب من المكون العسكري هو فقط تسليم السلطة للمدنيين“.
وأضافت أن ”موقف القوى قاد إلى تأجيل الإعلان عن التسوية إلى أجل غير مسمى بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى عقب اجتماعات مكوكية بين الطرفين عقدت خلال اليوميين الماضيين“.
وقال مراقبون إن ”قوى الحرية والتغيير عمدت إلى تأجيل التسوية مع العسكريين والحديث عنها بسبب انتظار ما تسفر عنه احتجاجات الـ30 من يونيو“.
وأضافوا ”توقعت تلك القوى ترجيح كفة الشارع في إحداث تغيير كامل في البلاد قد يعجزون عن تحقيقه في قاعات التفاوض مع العسكريين، إلى جانب مخاوف رفض قادة الاحتجاجات لمخرجات التسوية التي اكتنف تفاصيلها الغموض الشديد“.
إسقاط تسوية
ويشير القيادي في الحزب الشيوعي، كمال كرار، إلى أن ”مواكب الـ30 من يونيو أسقطت التسوية بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير إلى الأبد، وقال إن الحراك الثوري أثبت أن الثورة لن تقهر“، بحسب قوله.
وأكد كرار لـ“إرم نيوز“ أن ”الشعب سيواصل نضاله بالتصعيد حتى الوصول للعصيان المدني والإضراب السياسي“.
وأضاف أنه ”أيًّا كان ما يجري وراء الكواليس فإن أي تسوية لا تخص الشعب السوداني ستسقط وسيسقط الانقلاب ومن معه“، بحسب قوله.
وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، مقتل عدد من المحتجين بالرصاص، الخميس الماضي، حين خرجت حشود كبيرة إلى الشوارع في احتجاجات ضد العسكريين.
وذكر شهود عيان أن قوات الأمن في وسط الخرطوم أطلقت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في محاولتها منع الحشود من السير نحو القصر الرئاسي.
رفض التسوية
ويرفض قادة الشق الآخر من قوى الحرية والتغيير والمشار إليهم بالميثاق الوطني، محاولة قوى الحرية والتغيير (اللجنة المركزية) المبعدة من الحكم بإجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في الـ25 من أكتوبر الماضي، إكمال تسوية سياسية يعودون بموجبها إلى الحكم مجددا.
وتعليقا على اجتماعات العسكريين وقادة من قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي، قال رئيس حركة تحرير السودان والقيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير – الميثاق الوطني، مني أركو مناوي، عبر فيسبوك ”رفض الحوار تحت ضوء الشمس وقبوله بضوء المسرجة. ما أشبه جلسات اليوم بلقاء بيت أنيس الحجّار“.
وأكد ”أنهم لن يسمحوا بأي اتفاق ثنائي بين قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي-، والعسكريين“.
وأشار مناوي إلى ”رفض قوى الحرية والتغيير المبعدة من الحكم، الحوار الذي تديره الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وإيغاد)“، وألمح إلى ”أنها تريد اتفاقا ثنائيا مثل الذي جاء بها إلى الحكم في بداية المرحلة الانتقالية العام 2019“.
من جانبه، أكد الأمين العام لتحالف قوى الحرية والتغيير – الميثاق الوطني، مبارك أردول، ”أنهم لن يسمحوا بتمرير التسوية بين الشق الآخر من قوى الحرية والتغيير، والعسكريين“.
وقال أردول في مقابلة تلفزيونية مخاطبا قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي ”نعلم أنكم قمتم بتسويات فردية مع بعض العساكر لكن لن تستطيعوا تمريرها“.
وأكد أن ”خطوات قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) تهدف منها العودة إلى ما قبل الـ25 من أكتوبر، وهذا لن يقبل به أحد“.
وأكد ”عدم نجاح أي اتفاق بين الطرفين بسبب إغفال الاتفاق الثنائي الذي تم بين الطرفين في وقت سابق (الوثيقة الدستورية)“، مضيفا ”لن نسمح باتفاق ثنائي جديد وسنقاومه ونكسره“.
مع التيار
ويستبعد المحلل السياسي، راشد التيجاني، التوصل إلى اتفاق ثنائي بين المكون العسكري والحرية والتغيير – المجلس المركزي.
ويشير التيجاني في تصريحات لـ“إرم نيوز“ إلى أن ”ما حدث في الـ30 من يونيو 2022، شبيه بما حدث في الـ30 من يونيو 2019، وما تم من اتفاق حينذاك بين المجلس العسكري والحرية والتغيير- المجلس المركزي“.
وتساءل بالقول ”لكن هل سيحدث ما حدث في 2019 بتوقيع اتفاق؟.. لا أعتقد أن يتم ذلك بالكيفية ذاتها بحيث أن ما حدث في وقت سابق كان حوارا بين طرفين، لكن الآن توسعت الأطراف، كما إن الحرية والتغيير لم تعد موحدة كما السابق“.
وأعلنت أطراف قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي، دعمها للاحتجاجات قبيل ”مليونية الـ30 من يونيو“ التي دعت إليها لجان المقاومة وقوى ثورية أخرى في الذكرى الثالثة لمظاهرات خرجت خلال انتفاضة 2019 والتي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير وقادت إلى ترتيب لاقتسام السلطة بين المجموعات المدنية والجيش.