اكد نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو أن السلام الذي تحقق يحتاج إلى حراسة جادة ليتم تطبيقه على أرض الواقع لأن أعداءه في الداخل والخارج يحاولون افشاله وعرقلة مسيرته، وقال خلال تخريج قوات حفظ السلام اليوم بالفاشر نحن كنا نعلم أن الطريق لن يكون مفروشاً بالورود وأن المتاريس ستكون كثيرة لكن أرادة الله غالبه وعزيمتنا قوية. وفيما يلي النص الكامل لكلمة السيد نائب رئيس مجلس السيادة في تخريج قوات حماية المدنيين بالفاشر*
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة واتم التسليم
السادة/ أعضاء مجلس السيادة
السادة/ الوزراء المكلفين
السيد/ مبعوث حكومة جنوب السودان مقرر لجنة الوساطة الدكتور ضيو مطوك
السيد/ حاكم إقليم دارفور وأعضاء حكومته
السادة / ولاة الولايات ولجان الأمن
السادة / في بعثة اليونيتامس
السادة/ السفراء وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية
السادة/ رئيس وأعضاء اللجنة العليا المشتركة للترتيبات الأمنية
السادة/ قادة وممثلو الأجهزة النظامية
السادة/ ممثلو الأجهزة العدلية
السادة/ في قيادات حركات الكفاح الموقعون على السلام
السادة/ قيادات الادارة الأهلية
السادة/ ممثلو الأجهزة الإعلامية
المتخرجون الأعزاء
الأهل والعشيرة في ولاية شمال دارفور والمشاركين من جميع الولايات
الشباب والنساء النازحين والمزارعين الرعاة والرحل
الحضور جميعاً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحمد الله كثيراً أن جعلنا حضوراً بينكم اليوم لنشهد هذا الاحتفال الكبير في ولاية شمال دارفور بتخريج أولى الدفعات من قوات حفظ الأمن وحماية المدنيين من منسوبي الحركات الموقعة على اتفاقية السلام.
ونحن في هذه الأيام المباركات من شهر ذو الحجة لابد أن نحمد الله تعالى الذي أكرمنا وجعلنا من أمة الإسلام الذي أقر مبدأ السلام وحسن المعاملة والشورى ، والديمقراطية وقبول الاخر، حيث كان نبينا صلى الله عليه وسلم ينبذ الحروب والصراعات، وذلك انطلاقا من الرسالة السامية التي جاءت نوراً وهدى للناس، لذلك لابد أن نراجع أنفسنا ونحتكم الى هذا المنهج العظيم الذي أمرنا بالسلام، قال تعالى في سورة البقرة: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة}
الأخوة والأخوات
الحضور الكريم
نبارك للشباب الخريجين ولأسرهم ولجميع مواطني دارفور هذا الإنجاز الكبير الذي يمثل احدى ثمرات السلام الذي حققه أبناءكم. فمرحباً بكم بين اخوتكم في القوات النظامية الأخرى رسلاً للسلام والمحبة والتعايش السلمي.
ان السلام الذي تحقق يحتاج إلى حراسة جادة ليتم تطبيقه على أرض الواقع لأن أعداءه في الداخل والخارج يحاولون افشاله وعرقلة مسيرته، نحن كنا نعلم أن الطريق لن يكون مفروشاً بالورود وأن المتاريس ستكون كثيرة لكن أرادة الله غالبه وعزيمتنا قوية لتحقيق السلام، حتى لو اضطررنا إلى أن نحارب من أجله.
السيدات والسادة
نحن جادون في الوصول الى سلام حقيقي يلبي احتياجات أهلنا في الاستقرار والتنمية وملتزمون كذلك بالعهد الذي قطعناه مع الله ومع شعبنا ، بالعمل على تنفيذ هذا الاتفاق بنداً بنداً، واستكمال هذا السلام وإلحاق اخوتنا الذين لم يوقعوا لننهي هذه الدائرة الخبيثة ، ونودع الحرب بلا رجعة ونحول ثمن (الرصاصة) الى قلم وكراس نكتب به عهداً جديدا لنا وللأجيال القادمة.
نعلم تماماً أن هناك بعض الأيادي المرتجفة تسعى الى تسميم أجواء السلام في دارفور من خلال اشعال الحرائق هنا وهناك باستخدام أساليب الفتنة والتحريض بين المجتمعات بهدف جرها نحو القتال والصراع ، مستغلين تراخي الدولة وانشغالها بقضايا أخرى ليست أكثر أهمية مما يحدث هنا في دارفور، نقول لهؤلاء ان يد الدولة ما زالت قادرة على الوصول اليهم والتصدي لهم وحسمهم بالقانون.
الأهل والعشيرة
الحضور الكريم
لقد خلفت الصراعات القبلية واقعاً مأساوياً جديداً يحتاج الى وقفة حقيقية من أجل إعادة الأمور الى نصابها بدراسة الأسباب ووضع الحلول المستدامة التي تقتل بذرة الخلاف قبل ان تنمو وتكبر ويصعب اقتلاعها والقضاء عليها.
لقد تفشت بين المجتمعات أمراض العنصرية والجهوية فأصبح الخلاف على كل شيء، (الأرض والماء والمراحيل والزرع ) ـ لم يتبقى لهم الا الهواء ليختلفوا فيه ـ حيث صار التصنيف باللون وتفاصيل الوجه والازياء.
لقد عادت هذه المجتمعات الى عصور الظلام حيث يقتل الشخص اخاه من القبيلة الاخرى لأتفه الأسباب، بل ربما بدون سبب أصلا.
هذه الفوضى يجب أن تتوقف اليوم قبل الغد بقوة القانون وفرض هيبة الدولة وملاحقة المجرمين ، ومحاربتهم ، وعدم التهاون في أمن وسلامة المواطنين الذين يقعون ضحايا لأطماع تجار الحرب ، الذين يتكسبون بدماء الأبرياء لتحقيق أهداف سياسية وأجندة داخلية وخارجية تعمل على تفيك وحدة السودان.
الحضور الكريم
ان ما يحدث في دارفور من فوضى يجب أن نتحمل مسؤوليتها جميعاً ونتصدى لها خاصة هذه القوات المتخرجة حديثاً والمعنية بحماية المدنيين والتي يجب أن يتخلى كل فرد منها عن قبيلته والحركة التي كان ينتمي لها، يجب أن يعلم كل فرد واعتباراً من هذا اليوم ان قبيلته هي هذا (الكاكي) الذي تلبسونه وعلم السودان الذي يشكل وحدة شعبنا.
يجب أن تتعاونوا مع اخونكم في القوات النظامية الأخرى وتعملوا بانسجام وتنسيق كامل، لتحقيق الأمن وحماية المدنيين وفرض هيبة الدولة ومساعدة أهلكم على العودة الطوعية وتأمين الموسم الزراعي وفتح المسارات والمراحيل والصواني، والمحافظة على التعايش السلمي وتقوية النسيج الاجتماعي.
الاخوة والأخوات
تعلمون اننا متواجدون منذ أكثر من أسبوعين هنا في دارفور، وقد وصلنا الى الفاشر من مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، حيث قمنا خلال هذه الفترة بعقد العديد من المصالحات بين القبائل وقد (وضعنا الملح على الجرح) نؤكد ان هذه المصالحات حقيقية ليست سياسية ولن تكون (حبر على ورق) لأنها وقعت من قبل الأشخاص المتضررين من جميع الأطراف بطوع ارادتهم دون أي تدخل أو ضغوط.
نحن أيضاً أعلنا صندوقاً لدعم القضايا الإنسانية العاجلة وتسهيل العودة الطوعية للنازحين الى مناطقهم الاصلية او الى المعسكرات التي غادروها بسبب الاحداث وقد سجلنا زيارات الى عدد من المناطق أخرها محلية كرينك التي أشرفنا فيها على توقيع وقف العدائيات بين المكونات القبلية.
السيدات والسادة
سنواصل مساعينا الجادة مع أهلنا في إقليم دارفور من أجل التوصل إلى حلول عملية لوقف نزيف الدم والحروب القبلية وإجراء المصالحات وإشاعة روح السلام والتعايش السلمي بين جميع السكان والقبائل، مع توفير الدعم اللازم لإحياء القطاعات الإنتاجية وتوفير المناخ الملائم للتنمية والإنتاج لنخرج من دائرة الحرب إلى براحات السلام.
لقد كان المجتمع الدولي شريكاً اساسياً في السلام الذي تحقق الا أنه لم يفي بتعهداته تجاه عملية السلام بالرغم من علمه بالظروف التي تمر بها البلاد، ومن هنا ندعو جميع أشقاء واصدقاء السودان في المحيطين الإقليمي والدولي الى تقديم المساعدة الى الشعب السوداني كما نشكر بعض الدول الشقيقة التي قدمت الكثير من الدعم لبلادنا ونأمل أن يتواصل هذا الدعم للمساهمة في برامج إعادة النازحين.
الحضور الكريم
تتابعون جميعاً الأوضاع التي تشهدها بلادنا خلال هذه الفترة من خلافات وتنافر وتنافس، وهي أوضاع غير مسبوقة حدثت نتيجة لغياب الروح الوطنية المخلصة.
هذه الاوضاع قد تعصف بأمن واستقرار البلاد وتهدد بشكل واضح وجودنا ووحدتنا حينها لا ينفع البكاء والندم على وطن أضعناه بأيدينا.
لذلك نوجه الدعوة مجدداً لكل السودانيين خاصة الشباب الى الجلوس في طاولة الحوار لمناقشة القضايا الوطنية بكل صدق وشفافية، بعيداً عن الاطماع الحزبية الضيقة من أجل الوصول الى مشروع وطني قصير وطويل المدى يحقق الاستقرار، ويضمن مستقبلاً أمناً لشعبنا.
فليس أمامنا وقت ـ ولا توجد خيارات أخرى تضمن لبلادنا الاستقرار والسلام ـ هناك فقط طريق ثالث واحد هو طريق الوفاق الوطني الشامل الذي لا يقصي أحد.
الأخوة والأخوات
نؤكد دعمنا للحوار الذي يحقق التوافق الوطني الذي يقود الى استكمال الفترة الانتقالية وصولاً لانتخابات حرة كما ندعم جهود الالية الثلاثية لتسهيل الحوار بين الأطراف السودانية التي نأمل أن تدخل الحوار دون أجندة مسبقة او تكتيكات لكسب مواقف.
نشكر جمهورية جنوب السودان حكومة وشعباً وفي مقدمتهم فخامة الرئيس سلفاكير مياردت وفريق الوساطة بقيادة المستشار توت قلواك على جهودهم الكبيرة التي أثمرت بتوقيع اتفاق السلام.
الشكر أيضاً للأخوة في اللجنة العليا المشتركة للترتيبات الأمنية بما في ذلك (بعثة اليونيتامس) على الجهود الكبيرة التي بذلوها في جميع المراحل من تجميع وتصنيف للقوات ثم التدريب وصولاً الى التخريج اليوم وقد تغلبت اللجنة على الكثير من التحديات، خاصة الجوانب المتعلقة بتوفير المال، نأمل أن يتم الإسراع في ادخال الدفعة الثانية الى معسكرات التدريب.
كما نشكر أهلنا في شمال دارفور على هذا الاستقبال والحضور الكبير للمشاركة في مهرجان التخريج وتشكيل لوحة وطنية جميلة بمساندة هؤلاء الابطال المتخرجين ورفع روحهم المعنوية والوقوف على جاهزية القوات لممارسة مهامها في حفظ الأمن حماية المدنيين.
نجدد الشكر لكل الحضور الكريم خاصة الشباب والشابات والنساء وكل فعاليات المجتمع في شمال دارفور ، كما نشكر اللجنة التي أشرفت علي تنظيم هذا الاحتفال الكبير .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته