هل تقود قرارات البرهان إلى انفراجة سياسية بالسودان؟

بدت ملامح مرحلة جديدة تتشكل في السودان ولاحت للأفق بارقة أمل لحل الأزمة الممتدة، وذلك في أعقاب إعلان الجيش النأي بنفسه عن السلطة.
وشكلت قرارات رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، المفاجئة، وفق خبراء، نقطة تحول كبيرة في موقف المؤسسة العسكرية وهو ما يشي بانفراجة محتملة في الأزمة السياسية.
ويشير خبراء أيضا إلى أن رئيس مجلس السيادة ألقى بالكرة في ملعب القوى السياسية، فاستقرار السودان بات مرهونا بتوافقها مما يستوجب انخراطها في حوار شامل لتشكيل السلطة الانتقالية بأسرع ما تيسر نظراً للمخاطر العديدة التي تحدق بالبلاد.
وقضت قرارات البرهان التي جاءت بعد صراع طويل في المشهد السوداني بين قوى سياسية مدنية والجيش، بعدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الجاري الذي تسيره الآلية الثلاثية “الاتحاد الأفريقي، وإيجاد، وبعثة الأمم المتحدة “يونيتامس”، لإفساح المجال للقوى الوطنية.
وسوف يحل مجلس السيادة نفسه بعد تشكيل حكومة مدنية من كفاءات وطنية، ومن ثم يتم تأسيس مجلس أعلى للقوات المسلحة من الجيش وقوات الدعم السريع، يكون مسؤولا عن مهمة الأمن والدفاع بالبلاد.
وتعقيبا على ذلك، قال الخبير السياسي عبدالله آدم خاطر إن خطوة رئيس مجلس السيادة -أيا كانت الظروف- هي بداية لمرحلة جديدة في السودان، وهي بمثابة خطوات تنظيم من جانب القوات المسلحة للعودة إلى طريق ترتيب نفسها والقيام بمهمتها الفعلية، بعد أن أدركت عدم وجود مستقبل سياسي لها، ويجب أن تُفهم في هذا السياق.
وأضاف خاطر، في حديثه لـ”العين الإخبارية”: “باتت الأمور عند القوى السياسية للعمل على المبادئ الدستورية التي يرفعها الشارع، وهي تأسيس دولة مدنية ديمقراطية، وفيدرالية حتى تتمكن الأقاليم من المشاركة في صنع القرار السياسي، بأعجل ما تيسر”.
وشدد على أن ما تم جاء نتيجة للحراك الاحتجاجي الأخير حيث خرجت أكثر من 30 مدينة في ذكرى الثلاثين من يونيو/حزيران الماضي تنادي بشعارات الثورة حرية، سلام، وعدالة، وأيضاً بالمبادئ الدستورية المتمثلة في بناء دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية.
وأضاف: “أصبح الشارع صانعا رئيسيا للفعل السياسي في السودان، وتوصل المجتمع الدولي والإقليمي لهذه القناعات والتي ربما يبني مصالحه على أساسها مستقبلاً”.
واتفق المحلل السياسي عزالدين دهب مع خاطر في ضرورة أن تسارع القوى السياسية بعد أن صارت الكرة في ملعبها، في لملمة شتاتها وتسمية رئيس وزراء حتى تضع المؤسسة العسكرية أمام الأمر الواقع واختبار مصداقية القوات المسلحة في النأي بنفسها عن السلطة.
واعتبر دهب، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن قرارات البرهان ربما تقود إلى انفراجة سياسية في البلاد وتزيل الاحتقان الحاصل إذا ما تعاملت معها القوى السياسية كأساس لحل الأزمة بشكل جدي.
وشدد على أن رئيس مجلس السيادة أراد إرسال رسالة للمجتمع الدولي بأن القوات المسلحة غير راغبة في السلطة، ويجب أن تسارع القوى السياسية في اختبار مصداقية الجيش مرة أخرى.
ونبه إلى أن خطاب البرهان أغفل التطرق إلى اتفاق جوبا للسلام ووضعية الفصائل الموقعة عليه، فالاتفاق مبني على وضع قانوني ودستوري وشهود دوليين وهو واجب التنفيذ وبه العديد من الامتيازات ينبغي تحقيقها.
ومع ترحيب العديد من القوى السياسية إلا أن حالة من التحفظ تجاه هذه الخطوات تسود مواقف فاعلين بالمشهد السوداني، ومن المقرر تعلن قوى الحرية والتغيير التي تقود الحراك الاحتجاجي رأيها حول قرارات رئيس مجلس السيادة خلال مؤتمر الصحفي في وقت لاحق الثلاثاء.
ويرى المحلل السياسي، أحمد حمدان، أن نجاح قرارات البرهان في حل الأزمة الراهنة يتوقف على مدى تفاعل الشارع والقوى السياسية معها بشكل إيجابي، فإذا تواصل الحراك المناهض سيستمر الاحتقان والاضطراب في هذا البلد.
وقال حمدان في حديثه لـ”العين الإخبارية” إن مسألة العدالة لضحايا الاحتجاجات أمر مهم للغاية بالنسبة لقادة الحراك، وأي تخطي أو إغفال لها لن يرضي الشارع، وبالتالي استمر الأزمة السياسية.
وأضاف: “ربما تكون خطوات رئيس مجلس السيادة مرضية للمجتمع الدولي والإقليمي في سبيل سعيهم تحقيق الاستقرار في السودان، ولكن جدواها متوقفة على تفاعل إيجابي من الشارع والقوى الحية”.

Comments (0)
Add Comment