بالرغم من الظروف الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها السودان والتي تؤثر على المواطن بصورة مباشرة، ظهرت معضلة وانتشرت وتوسعت بصورة أكبر بين الناس وهي معضلة الغش والخداع، حيث يشتكي عدد كبير من الناس عن تعرضهم لخداع واحتيال وغش نتيجة عدم إلمامهم عن تفاصيل منتج ما، ويعاني المواطن هذه الأيام من غش مباشر في الحديد والزنك والمواسير المستخدمة في عمليات البناء، وحذرت جمعية حماية المستهلك من الغش في حديد التسليح والزنك، وقالت إن الغش فيه أصبح كبير وينذر بالخطر.
شهادة عامل
وقال أحد عمال مصانع الحديد عمر سيد إن هناك ممارسة (تطفيف) في تجارة السيخ الذي يباع بالطن (العددى)، وزاد: قبل عدة سنوات اكتشفت أن عدد السيخ للطن، مفروض (يزداد) عدد السيخات للطن مثلاً (١٤ سيخة) مفروض تضاف لعدد طن من نوع (ثلاثة لينية) نسبة لأن (الديمتر تم تنقيصه) من 16 ملم إلى .15 ملم وقليل، وأبدى أسفه قائلاً: وجدت أنهم ما زالوا وقتها يتعاملون بالطن العددي (القديم) موضحاً أن الطن الواحد (ناقص ١٤ سيخة) وقال: ناقشت أحد التجار وقتها وأقنعته بأن هذا (تطفيف)، فاقتنع الرجل لأنه كان يمارس التطفيف عن جهل، فتوقف عن ممارسات السوق وعندما زرته مرة أخرى وجدته علق (لافتة) بالآية الكريمة: (ويل للمطففين).
إشراف ومتابعة
وطالب المواطن نصر الدين عثمان كل من له علاقة بالصناعة والرقابة الحكومية بضرورة الإشراف والمتابعة لكل مواد البناء، مشيراً إلى ضرورة أن تعي المواصفات دورها، وذلك بوجود مندوب موجود في كل المصانع لمتابعة واعتماد مواصفات المادة المصنعة.
غش وتلاعب
ويقول رئيس جمعية حماية المستهلك د. ياسر إنه في العام 2014 تم فتح بلاغات ضد كل مصانع الحديد في السودان وضد الحديد المستورد، وذلك لغش المواصفة والتلاعب في الحديد، ويضيف أنه تم القبض على عدد من مدراء مصانع الحديد وتم نشر ذلك في الصحف وقتها مما اضطر الوزير أحمد سعد عمر بعمل اجتماع مع كل أصحاب المصانع واتحاد الغرف الصناعية بحضور نيابة وشرطة المستهلك وتحدثوا عن إلزام المصانع بالمواصفات وتشديد العقوبة على المخالفين.
غش وتجاوز
وأبدى أسفه قائلاً: بدلًا من تحسن الأمور نحو الأفضل أصبحت سيئة والغش تمدد جداً في مواد البناء، وأشار إلى أن ذلك بسسب الرأسمالية الطفيلية المتوحشة التي أصبحت تهتم بما يدخل جيبها ولا تهتم لحياة أطفالنا وإنقاذهم، وتابع: الآن الغش تجاوز الغش في حديد التسليح الى الكمر والزنك والمواسير، بل وأصبح الأمر متعارفاً عليه بين المهندسين وتجار الحديد، أصبح هنالك تساهل غريب جداً في سوق مواد البناء وتصالح مع الفساد.
جرس إنذار
ومضى د. ياسر بالقول: الآن ندق جرس الإنذار لأن السكوت عن الأمر جريمة ونود توعية المستهلكين بالأمر، حتى لا تقع البيوت على رؤوسنا، نحذر من الغش في حديد التسليح والزنك والمواسير والكمر، وقال: نشدد على الغش في الكمر لأنه الأكثر خطورة ويستعمل في المساجد والمدارس والغش فيه كبير جداً، ونوه إلى أنه سابقاً كانت سماكة الكمر 12 سنت تساوي 6 مل الآن تدحرجت حتى 3.4 مل مما ينذر بالخطر، وحتى لا نفقد عشرات التلاميذ ومئات المصلين على المهندسين والمقاولين إجراء الفحوصات اللازمة وعمل المحاذير الجيدة وتطبيق كود البناء والمواصفات.
عقوبة الاحتيال
ويقول القانوني مجاهد عثمان إنه من أسباب الغش في البضائع بصورة عامة يرجع إلى ضعف الوازع الديني والتربية، إضافة إلى عدم الرقابة من المختصين، موضحاً أن عقوبة الغش تندرج تحت بند الاحتيال، وبالتالي يعاقب بعقوبة الاحتيال في القانون الجنائي السوداني بالسجن 3 سنوات، وتابع: أما اذا وقع تحوير المواد دون قصد وعلم المهندس يعتبر هنا إهمالاً وأيضاً يعاقب القانون الجنائي عليه بالسجن والغرامة، مبدياً أسفه قائلاً إن هناك معضلة متمثلة في أن معظم هذه الأعمال مرتبطة بعقد المقاولة، مشيراً إلى أنه يترتب عليها إخلال بالعقد، قاطعاً أن ذلك يتيح للطرف الثاني صاحب العقار أو المبنى المطالبة بالتعويض، ويرى مجاهد أن الحل يكمن في الحلول في وجود وانتداب جهات استشارية تراقب الاستلام والتنفيذ.