سفير متقاعد: لقاء البرهان وأبي أحمد فرصة لإثبات قدراتهما على معالجة القضايا
أستاذ علوم سياسية: استمرار التوتر بين الخرطوم وأديس يقود لحرب لا تحتمل
أمين إسماعيل: تم الإعداد للقاء باستثمار قمة الإيغاد لإزالة التوتر ومعالجة ملفات الخلاف
الخرطوم: محجوب عيسى
بعد حالة الشد والجذب وتصاعد التوتر بين السودان وإثيوبيا عقب إعدام الجيش الإثيوبي (7) جنود سودانيين ومدني كانوا أسرى لديه، واندلاع اشتباكات في المنطقة الحدودية بين البلدين وإغلاق معبر القلابات الرابط بين السودان وإثيوبيا، فجر رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان مفاجأة بلقائه رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد على هامش قمة الإيغاد بنيروبي، وناقش اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين والتحديات الآنية التي تواجهها، وفي غضون ذلك أكد متحدثون لـ(اليوم التالي) أن اللقاء دبلوماسية تهدف لإنهاء التوتر بين البلدين خصوصاً وأنهما يمران بأزمات داخلية تؤثر على استقرارهما، وكشفوا عن (7) عناصر للتعاون بين الجانبين، وفي الوقت ذاته شددوا على ضرورة تحقيق المصالح المشتركة سيما وأن التوتر يهدد المصالح المشتركة ويقود الى صراع والذي بدوره يمس منطقة القرن الأفريقي، ويهدد الأمن والسلم الدوليين.
دبلوماسية القمة
اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين مصعب محمد علي لقاء رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان مع رئيس الوزراء الإثيوبي دبلوماسية القمة وأوضح أنها نوع من أنواع الدبلوماسية التي تتم بين رؤساء الدول لحل النزاعات والتوترات بينها فضلاً عن أن اللقاء يقرأ في سياق الصراع الدائر بين البلدين على الحدود بعد مقتل (7) جنود سودانيين، وبحسب محمد في حديثه لـ(اليوم التالي) أن اللقاء يهدف لإنهاء التوتر بين البلدين خصوصاً وأنهما يمران بأزمات داخلية تؤثر على استقرارهما، ووصفه بأنه خطوة مهمة جداً ويمكن أن تسهم في حل القضايا العالقة كمشكلة الحدود وقضية سد النهضة وقال إن اللقاء جاء في الوقت المناسب، وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى خطورة استمرار التوتر بين البلدين وأبان أن التوتر يمكن أن يؤدي إلى حرب لا تتحملها الدولتان الأمر الذي قاد إلى اختيار الحل السلمي والحوار لإنهاء الأزمة.
عناصر التعاون
فيما كشف خبير الشؤون الاستراتيجية د. أمين إسماعيل عن عناصر التعاون المشترك بين الخرطوم وأديس مشدداً على ضرورة استثمارها لجهة أن الحديث عن العمل عليها بسلام حديث مسؤول، وقال إسماعيل في حديث لـ(اليوم التالي) إن عنصار التعاون تشمل التجارة البينية لأن إثيوبيا دولة مغلقة ووجود الجالية الإثيوبية في السودان التي تقدر بحوالي مليون و500 ألف إثيوبي يحولون 250 مليون دولار شهرياً إلى إثيوبيا فضلاً عن استضافة السودان 170 ألف لاجئ بعد أحداث التقراي الأخيرة وموقف السودان المحايد في الصراع الإثيوبي الداخلي، وأضاف: يمكن أن تدعم إثيوبيا السودان بالكهرباء من سد النهضة وتتعاون في عمل مشاريع زراعية مشتركة بجانب تكامل سياسي وأمني واقتصادي، وطبقاً للخبير أن تجاوز الصراعات والتوترات جاء نتيجة لضغط الوسطاء دولياً وإقليمياً الذين دخلوا في خط الأزمة بالإضافة إلى التزام البلدين التزاماً أخلاقياً سياسياً وأمني لتحقيق المصالح المشتركة، وأكد أنه أي ضرر وتوتر يهدد المصالح المشتركة ويقود إلى صراع والذي بدوره يمس منطقة القرن الأفريقي بأكملها، في الوقت الذي تعاني فيه الدولتان سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وتابع: هناك خطورة حول استمرار التوتر في الحدود والعلاقات أو دعم أنشطة معادية بين البلدين، وأشار إلى وجود محاذير يجب أن يلتزم بها البلدان سيما وأن الدخول في صراع قد يهدد الأمن والسلم الدوليين، ووفقاً لأمين قد تم الإعداد للقاء باستثمار فرصة قمة الإيقاد بهدف إزالة التوتر ومحاولة معالجة ملفات الخلاف خصوصاً ملفي الفشقة وسد النهضة ونوه إلى أن العلاقات الإثيوبية السودانية تاريخية وج ذورها تمتد بين شعوب البلدين.
مصلحة بلدين
ومن جهته يقول السفير المتقاعد عبدالوهاب الصاوي إن اللقاءات الثنائية بين رؤساء الدول على هامش المؤتمرات مثل قمة الإيقاد بالعاصمة الكينية أمر طبيعي وفرصة سانحة لقادة الإقليم على إثبات قدراتهم على معالجة قضاياهم الإقليمية، وكذلك ما يتعلق بالمسائل الثنائية بينهما مباشرة دون وساطة إقليمية، وقطع الصاوي في حديثه لـ(اليوم التالي) أن لقاء نيروبي بين البرهان وأبي أحمد يصب في مصلحة حكومتي البلدين ولتتفرغ كل منهما لمواجهة ومعالجة أزماتها الداخلية الحادة والمعقدة التي لا تحتمل أن يكون بجانبها أزمات تصل حد الصدام العسكري مع الجيران، ووفقاً للسفير أن إعلان خبر اللقاء تضمن عنصر المفاجأة والدهشة بعد أن شهد البلدان أزمة في 27 يونيو الماضي وصلت حد الصدام العسكري والتبادل العنيف للاتهامات والتهديد برفع الأمر لمجلس الأمن الدولي عقب إعدام إثيوبيا لسبعة أسرى من الجنود السودانيين على الحدود، وأشار إلى اختناق حكومتي البلدين بالأزمات الداخلية وأنها لا تحتمل دخول عناصر توترات إضافية من أزمات مع الجيران تصل حد الصدامات العسكرية على الحدود، وأبان أن وضع الحكومة الإثيوبية أكثر حرصاً على وقف التوتر سيما وأنها تسعى لوقف الاقتتال بينها وجبهة تحرير التقراي، علاوة على أن تكتلات سياسية سودانية مناهضة لنظام حكم الفريق أول البرهان التي تصفه بالانقلابي فقد اتهمته بأنه يستغل الأزمة مع إثيوبيا في معركته الداخلية أثناء التحضير لمليونيات الثلاثين من يونيو وما بعدها.
طريقة دبلوماسية
وفي السياق ذاته أكدت أستاذة العلاقات الدولية بمعهد الدراسات الدبلوماسية جامعة الخرطوم د. تماضر الطيب أن اللقاء جاء بهدف حل التوترات التي شهدها البلدان خلال الفترة الماضية، فضلاً عن أن البلدين يمران بأزمات داخلية لا تحتمل صراعاً خارجياً، وقالت الطيب لـ(اليوم التالي) إن اللقاءات على الهامش قمة الإيغاد طريقة دبلوماسية لحل الصراعات وفي حال فشل الحلول السلمية يتم اللجوء إلى الحلول العسكرية ولا يتم اللجوء إليه إلا بعد إغلاق كافة الأبواب، لجهة أن النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا سيكون موجوداً الى حل الأزمة وترسيم الحدود وفق القانون الدولي.
تجاوز نزاع
وفي وقت سابق أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أنه التقى قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان في نيروبي على هامش قمة منظمة “إيغاد” (مجموعة دول شرق إفريقيا ووسطها للتنمية)، وذلك بعد أيام قليلة من وقوع حادث حدودي جديد، وكتب آبي أحمد في حسابه الرسمي على تويتر: “أقررنا كلانا بأن بلدينا لديهما العديد من عناصر التعاون للعمل عليها بسلام” وتابع: “علاقاتنا المشتركة تتجاوز أي نزاع، كلانا ملتزم الحوار والحل السلمي للقضايا العالقة” بدوره، اكتفى المجلس السيادي الحاكم في السودان بالقول إن “اجتماعاً مغلقاً” عقد بين عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإثيوبي، وتأتي هذه المحادثات بعد مواجهة عند الحدود بين البلدين، حيث قالت الخرطوم إن “قوات إثيوبية ألقت القبض خلالها على جنود سودانيين وقتلتهم”، وهو أمر نفته أديس أبابا.
علاقات ثنائية
وكان قد استقبل رئيس مجلس السيادة الانتقالي ورئيس منظمة الإيقاد الفريق أول عبدالفتاح البرهان بمقر إقامته بنيروبي على هامش انعقاد قمة الإيقاد الطارئة، رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد، وقالت سفارة السودان لدى إثيوبيا إن اللقاء ناقش العلاقات الثنائية بين البلدين والتحديات الآنية التي تواجهها في هذه المرحلة مشيرة إلى أنهما تطرقا بالبحث لكل القضايا ذات الاهتمام المشترك، وبحسب سفير السودان جمال الشيخ أن البرهان وأبي أحمد اتفقا على حل كل القضايا العالقة بين البلدين عبر الحوار والطرق السلمية، بما يحقق مصلحة الشعبين السوداني والإثيوبي، ولفت سفير السودان لدى إثيوبيا الى أن اللقاء كان مثمراً وناجحاً للغاية، وأن اللقاء أسهم في تجسير العلاقات الثنائية وتقويتها بين البلدين.