سالم الأمين بشير علي صفحته بالفيسبوك* بعد سقوط الإنقاذ اكتشفت ان مشكلتنا هي رفض الاخر و إقصاءه

 

ايام مظاهرات ٢٠١٣ كنت مع التغيير الجذري للسلطة ، سخرت هذه الصفحة لاسقاط البشير . دبجت المقالات و استثرت الناس بالبوستات المنمقة، كنت اعتقد جازما ان البشير هو العقبة الكؤد أمام الانتقال الديمقراطي .
سقط البشير ، لكن للأسف اكتشفت انه كان نقطة في بحر متلاطم . أن البشير فكرة تعشعش في شخصية كل سوداني يمتلك القوة ، قوة السلطة قوة السلاح قوة التظاهر قوة الشارع .
كل من يمتلك السلطة و القوة بإمكانه أن يقول:
(نحن فقط من يحق له التظاهر ضد هذه الحكومة ).
او ان يقول : الحس كوعك ، أو أن يقول : نفصل الكوز من الوظيفة حتى لو كان نزيها .

بعد سقوط الإنقاذ اكتشفت ان مشكلتنا هي رفض الاخر و إقصاءه، هذه هي العقدة التي ظللنا نغذيها في نفوسنا . الحرية لنا نحن فقط و لسوانا البطش و التنكيل ، العدالة لنا فقط و لسوانا الظلم ، السلام لنا فقط و لسوانا الموت الزؤام، الوظائف و الامتيازات لنا فقط و للآخر الطرد و التشريد .
ميزاننا ظل على الدوام مختلا ، نمارس التطفيف في كل ما يتعلق بالسلطة و الامتيازات ، و نصرخ كالاطفال و نطالب بالعدل و الاحسان حينما نكون في الطرف الآخر ، عندما نكون نحن الضحايا.
بعد سقوط الإنقاذ اكتشفت أن حل عقدة عمليتنا السياسية في قبولنا لبعضنا البعض . في وضع معيار عادل لتقدم الصفوف و قيادة الناس بعيدا عن الأنانية و حب الذات …
الوصول إلى الديمقراطية التي نرجوها لا يتم بالكراهية و الطاقات السالبة ، ولا بالاحلام الوردية و الاماني المخملية، إنما بمجاهدة النفوس و التنازل عن الرغبات الطفولية . التراضي و التوافق غصبا عنا هو المخرج الوحيد ، الوحيد الذي لم نجربه في عمليتنا السياسية منذ الاستقلال حتى اليوم ، فقد جربنا كل السبل الاخرى و لم ننجح .
كراهيتك للآخر مشاعر يمكن أن نتفهمها، لكن يجب الا تكون هذه الكراهية سببا في غمط حقه ، فعندما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لقاتل أخيه انا لا أحبك، سأله الرجل و هل هذا يمنع عني حقا ؟. قال عمر : لا . قال الرجل لعمر لا تأس على الحب إلا النساء. بمعنى لا يهمني إن احببتني او كرهتني ما دمت أنال حقوقي كاملة .
دعونا نتعامل مع بعضنا البعض بالحقوق و الواجبات بدلا عن الأهواء التي لا تغني عن الحق .
سندور و نضيع الوقت و نهدر الدماء و ندمر بلادنا ثم نعود للتصالح و قبول بعضنا غصبا عنا ، فلماذا لا نبادر إلى هذا الأمر بالتراضي ، اليوم قبل الغد ، لماذا ننساق خلف نفوسنا و ضعفنا البشري ، ولا نستخدم قوة عقولنا في التفكير !

Comments (0)
Add Comment