نتوقع قرارا شجاعا بإعادة توطين وإرجاع ممتلكات منظمة الدعوة الإسلامية
هنالك جرائم لا تغتفر والواجب تعويض المنظمة 9ترلييون ج
🕋🕋
دعوني اعود بكم سادتي إلى الأيام الأولى من
سبعينيات القرن الماضي فقد عاد الشاب الكردفاني خريج زراعة جامعة الخرطوم إلى السودان بعد إكمال الماجستير والدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية، لم يركز كثيرا على استزراع االمحصولات والحبوب والفاكهة ، وإن كان له فيها مبادرات تشجيعية في تطوير الزراعة لم يسعفه الأجل لجنى ثمارها.
غير أن الدكتور التيجاني أبوجديري اتجه مباشرة لزراعة أخرى، فقد كان بحق من أميز رواد التطوير والتحديث للعمل الإسلامي المعاصر.
صوب أبوجديري جهده لإحداث نقلة نوعية من العيار الثقيل في جملة مناهج وآليات العمل الإسلامي الدعوي والخيري.
مستفيدا من خبراته ومشاهداته في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما. فقد ترأس إبان بعثته اتحاد الطلاب المسلمين بالولايات المتحدة، كما كان من أصحاب مبادرة تأسيس الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظات الطلابية في مدينة ميونخ الألمانية في العام 1969.
بمجرد وصوله السودان شرع مع آخرين في تأسيس عدد من المنظمات الخيرية التي تقدم الدعوة إلى الله بمناهج وآليات جديدة.
فكان المركز الإسلامي الإفريقي النواة الأولى لجامعة إفريقيا العالمية.
يحكي لي المرحوم البروفسير الطيب زين العابدين أول مدير سوداني للمركز، كيف أسهم جهد أبوجديري في تأسيس وتطوير المركز عبر شراكة خليجية سودانية، ثم خلفه رجال حولوه أول التسعينات لواحدة من أهم الجامعات المؤثرة في إفريقيا، بل والعالم أجمع.
بذلك الوعى العميق بأهمية العمل الخيري الإنساني في تقوية مجتمعات المسلمين وحمايتها من مخاطر الفتن والفقر والجهل، تأسست منظمة الدعوة الإسلامية.
توفرت للمنظمة رؤية وقيادة على درجة عالية من العلمية في الإدارة والتخطيط والتمويل، أساسها فكرة الشراكة الاستراتيجية بين أبناء العالم الإسلامي، على قاعدة التمويل الخيري الخليجي و الإدارة السودانية الإفريقية.
واستحقت المنظمة بحق صفة (رائدة المنظمات الإنسانية في العالم الإسلامي)، ذلك أنها أول منظمة طوعية خيرية عالمية تنطلق من إفريقيا، وتنتشر فيها وفي مناطق أخرى من العالم.
وعلى يد المنظمة وكوادرها تأسست لاحقا جمعيات ومنظمات في البلاد الإفريقية والعربية.
توفي الدكتور أبوجديري في حادث حركة في العام 1984.
وخلفه على قيادة المنظمة رجال كسبوا ثقة المانحين بما حباهم الله من كفاءة وقدرات استثنائية يزينها زهد وتواضع وتفاني ودأب يتواصل فيه الليل والنهار،إذ ظلت مكاتبهم وسياراتهم منازلهم في أحيان كثيرة.
برزت أسماء بعد أبوجديري تعاقبوا على الأمانة العامة للمنظمة وصاروا نجوما في العمل الخيري الأفريقي والعربي، منهم المرحوم الأستاذ مبارك قسم الله زايد والمرحوم الأستاذ عبد السلام سليمان سعد والدكتور الأمين محمد عثمان والدكتور عبد الله سيد أحمد والمهندس محمد علي الأمين والبروفسير عبد الرحيم علي وأخيرا السفير عطا المنان بخيت الحاج.
يشد عضدهم بالمال والانفاق والرأى شخصيات ورموز عربية وإسلامية من قطر و السعودية والكويت والإمارات العربية والبحرين واليمن وتركيا وأوروبا وأفريقيا.
ومعهم مئات الكوادر من ذوي الإتقان والإحسان والتعلق بالمساكين والمستضعفين في الأرض.
ترأس المرحوم اللواء مزمل سلمان غندور أول مجلس لأمناء المنظمة (1980/1986) خلفه المرحوم المشير عبد الرحمن سوار الذهب الذي أنتخب رئيسا لمجلس الأمناء بمجرد تسليمه السلطة للحكومة المنتخبة بعد عام واحد من انتفاضة 1985، وظل رئيسا لمجلس الأمناء حتى وفاته قبل عامين.
مكنت قيادة المشير سوار الذهب المنظمة من تسجيل أعظم انجازاتها، توسعت ورسخت ونضجت تجربتها، وصارت رقما لا يمكن تجاوزه أينما ورد الحديث عن العمل الخيري في إفريقيا.
كتب الله للمشير سوار الذهب قبولا مذهلا وسط المانحين العرب وغيرهم، كان اسمه كافيا لتفتح أمام المنظمة مغاليق القلوب وأبواب الثقة.
بل صار الناس يطرقون أبوابها، حاملين صدقاتهم لتكون وسيطا بينهم وبين فقراء إفريقيا.
تمكنت المنظمة في عهد رئاسة المرحوم سوار الذهب أن تجمع من التبرعات مايزيد عن المليار دولار لتمويل مشاريعها الخيرية.
أهم ما ميز المنظمة اهتمامها بالأفق الاستراتيجي، وتركيزها على مجالات غاية في التأثير، منها التعليم الخيري والخاص والصحة والدعوة ومشروعات تخفيف حدة الفقر والسقيا والإغاثة والرعاية الإجتماعية بصنوفها المتعددة.
ولكن كل ذلك لم يشفع للمنظمة أمام لجنة التمكين المكونة من عناصر سياسية حزبية، كل همها أن تلغي ما تعتبره من مخلفات نظام الإنقاذ ، لايهم إن كان تبرا أم ترابا!!!
خرجت هذه اللجنة على
الناس ذات مساء حزين لتعلن في مؤتمر صحافي مصادرة جميع مؤسسات وأوقاف وممتلكات منظمة الدعوة الإسلامية.
أعلنوا ذلك بطريقتهم الاستعراضية التي صارت مشهورة، وهم يرددون في تلذذ وسادية شعارهم المفضل ( سيصرخون) يقصدون أنصار نظام الإنقاذ.
وهم يعلمون بأن المنظمة سبق تأسيسها الإنقاذ بعشر سنوات كاملة.
(صرخ) وتألم في تلك الليلة وما تلاها من يعرفون قيمة عطاء المنظمة الإنسانية الأشهر والأوسع في إفريقيا.
ولكن من المؤكد بأنه قد (صرخ) وبكى وتكدر معهم مئات الألوف من الذين تشملهم رعاية المنظمة من اليتامى والأرامل والفقراء وطلاب العلم وأصحاب الحاجات والمعلمين والعاملين في المنظمة وأسرهم.
والمنفقين المتبرعين الذين عرفوا طريقهم لفعل الخير عبر بوابة المنظمة.
كل ذلك لايهم عند لجنة التمكين مادام هناك (صراخ) حبب إليهم ولو جاء ممزوجا بدموع المظلومين من المستضعفين في الأرض يتامى وفقراء ومعوذين. المهم عندهم أن يسمعوا صوت (الصراخ) حتى لو كان من كوخ أصبح ساكنيه دون وظيفه وصغاره دون مدرسة يذهبون إليها ومرضاه دون مرفق صحي يقدم لهم جرعة دواء.
قبل أيام أعلنت منظمة الدعوة الإسلامية نقل مقرها إلى دولة النيجر، اختارتها من بين عدد من الدول التي رحبت باستضافة المنظمة بعد طردها من السودان.
دعونا هنا نطرح السؤال الأهم : ماذا خسر السودان بعداوة منظمة الدعوة الإسلامية.؟؟
السؤال الذي وجبت إجابته من كل سوداني، سواء كان من أهل السلطة الإنتقالية الحاكمة أو من نخب الشعب وعامته.
وبصفتي مواطنا سودانيا أرى أن السودان قد فقد الكثير معنويا وماديا.
ولندع لغة الأرقام تجيب عنا جميعا.
1/ فقد السودان في مجال التعليم الذراع التعليمي للمنظمة المسمى المؤسسة الإفريقية للتعليم بقسميها المجلس الإفريقي للتعليم الخاص، ومؤسسة التعليم الخيري.
فقد السودان عشرات الالاف من فرص التعليم في المناطق الأشد فقرا.
وفقد السودان 240 ألف فرصة تعليم خيري وفرتها المنظمة خلال سنواتها الأربعين.
وفقد السودان فرصة نحو 22500 طالب يدرسون الآن في مدارس المجلس الإفريقي للتعليم الخاص الذي تربع على عرش التفوق الأكاديمي والتربوي منذ تأسيسه وحتى آخر نتيجة للشهادة السودانية، هذا المجلس الذي تجاوز عدد خريجيه المائة ألف تلميذ، هم نخبة الأذكياء المتميزين المنتشرين في طليعة المهن داخل وخارج السودان.
2/فقد السودان مئات المنح السنوية في التعليم العالي ومراكز حرفية وتدريب مهني ونسوي واجلاس وتأسيس مدارس وفصول جديدة.
3/ فقد السودان 124 مؤسسة تقدم الخدمات الصحية بما فيها من مراكز وعيادات وخدمات التحصين ورعاية الحوامل والولادة الآمنة ومكافحة الأمراض وأخيرا 150 ماكينة غسيل كلى وزعت على المستشفيات
4/فقد السودان في مجال السقيا 710 مشروع منجز، مابين بئر ودونكي ومضخة مياه ومحطات مياه كبيرة وصغيرة وآبار سطحية ومياه مدارس
5/ فقد السودان مئات المساجد التي شيدتها المنظمة و663 مشروع دعوي متنوع، وألوف الدعاة الذين تم تدريبهم وعشرات المراكز النسوية ودور المؤمنات وطباعة وتوزيع مئات الالاف من المصاحف، وعشرات الكتب والدوريات.
6/ فقد السودان 63000 يتيم تكفلهم المنظمة، و69040 من النساء الفقيرات معيلات الأسر والأرامل، و7230 من المشردين.
7/ فقد السودان متوسط سنوي جملته 230 ألف من السلال الغذائية والأضاحي و حقائب رمضانية وكسوة وسلال غذائية لطلاب الداخليات والخلاوي وفقراء الطلاب في المدارس.
8/ فقد السودان خدمات إغاثة متنوعة في حالات الطوارئ و ابتداء من مجاعة 1984 الشهيرة والتي قادت المنظمة وجمعياتها الجهود الأكبر التي مكنت السودانيين من تجاوز تلك السنوات العجاف.
كما فقد السودان جهود المنظمة الفعالة في مواجهة الكوارث من فيضانات وسيول وغيرها.
نفذت المنظمة في إطار جهود مواجهة الكوارث 260 مشروعا كبيرا ، تشمل تأسيس وإدارة معسكرات الإغاثة وتوزيع الدواء والخدمات صحية والإطعام.
9/ فقد السودان صدقيته والتزامه بحكم القانون والأعراف الدولية في الوفاء باتفاقيات المقر مع المنظمات الإنسانية التي تختاره كدولة مقر، إذ تنص اتفاقية منظمة الدعوة الإسلامية مع السودان على أنها منظمة دولية مكونة من عدد من الدول جعلت من السودان مقرا لها، وبهذا من حقه وفق القانون أن يطلب منها المغادرة إلى بلد آخر، ولكن لايحق له مصادرة أصولها وممتلكاتها، فهى ليست منظمة محلية، ولا يحكمها قانون المنظمات المحلية مثلها مثل عشرات المنظمات الدولية التي يستضيفها السودان.
وهذا الخروج على القوانين والنظم والاعراف سيلطخ سمعة دولة السودان باعتبارها لا ترعى المواثيق الدولية في تعاملها مع المنظمات العالية، وسيجعل أي منظمة تتردد ألف مرة قبل التفكير في اتخاذ السودان مقرا لها.
10/ فقد السودان وجود منظمة الدعوة الإسلامية في 40 دولة أفريقية، عبر بعثاتها المنتشرة، كل هذه الدول تدين للسودان بالتقدير والعرفان كونه يستضيف مقر منظمة الدعوة الإسلامية التي نفذت 65112 مشروعا خيريا في إفريقيا في مجالات الصحة والتعليم والدعوة والاغاثة والرعاية الاجتماعية .
وقد فقد السودان هذا الذراع المهم الدبلوماسية الشعبية الذي كان يحسب لصالح السودان، الشعب والدولة.
11/ فقد السودان متبرعين وأهل خير، كانوا يرونه قبلة لتبرعاتهم وأوقافهم، ومنطلقا لجهودهم الخيرية في إفريقيا التي بلغ انفاقها النقدي عبر منظمة الدعوة الإسلامية خلال اربعين عاما مبلغ 1119824314 دولار أمريكي (واحد مليار ومائة وتسعة عشر مليون وثمانمائة أربعة وعشرون الف) دولار أمريكي.
وهذا المبلغ لا يشمل الأوقاف والمباني والمنقولات.
12/ فقد السودان وظائف لمايزيد عن الألفين من المعلمين والموظفين والكوادر الصحية والمهن العمالية.، وأضعافهم في بعثات المنظمة في إفريقيا.
وجدوا أنفسهم دون عمل في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية القاسية.
الآن يمكننا أن نجيب جميعا من الخاسر ومن الرابح جراء عداوة الحكومة الإنتقالية لمنظمة الدعوة الإسلامية؟؟؟؟
ولمصلحة من يحدث ذلك؟؟؟
وهل من عاقل من أهل السلطة الانتقالية يفيد قومه : يا ترى من صرخ بفقدان المنظمة، سوى اليتامى والفقراء والطلاب والأسر المتعففة والمعلمين والعاملين في مؤسسات المنظمة والمساجد والخلاوي؟
من يسمع؟
ومن يصصح الخطأ قبل فوات الأوان؟😭😭