محمد خير عوض الله يكتب: فريد محمد أحمد.. الشُّهب تُضيء وتمضي سريعاً..!

تحت الشمس

رحل الباحث المتفرد الفريد..
فريد محمد أحمد مكاوي..
رحل وهو في مقتبل العمر.. لكنه كان كبيراً بعلمه الغزير وتجربته الثرّة. رغم سنوات عمره المعدودة المحدودة، كان (مدهشاً) في غزارة علمه وسعة اطلاعه، كان بجانب الانجليزية والالمانية، يجيد عدداً من اللغات الأوروبية، يزور العديد من دول أوروبا، تربطه علاقات علمية وبحثية مع عدد كبير من مراكز البحث والعلماء والباحثين في ألمانيا وإيطاليا، وغيرها من الدول الاوروبية.
جمعنا مشروع عظيم وكبير، انتقل أيضاً صاحب الفكرة الراحل الهميم المقيم (عمر شلبي) صاحب فكرة (مهرجان البركل العالمي للسياحة والثقافة والتراث) ليكون مهرجاناً في مصاف المهرجانات العالمية، فالحضارة السودانية أحق من غيرها بالاحتفاء والتسويق والتسوير والتطوير، وأن تتحول إلى رافد سياحي عالمي، ومورد اقتصادي مهم للسكان المحليين وللخزينة العامة. كان فريد محمد أحمد أحد العشرات الذين التحقوا بهذا المشروع الكبير، كان مكانه الطبيعي أن يكون في لجنة البحث العلمي، وكنت رئيساً للجنة الثقافة والإعلام. يلقاك متواضعاً متبسّطاً، تظنّه لأول وهلة، فقيراً في كل شيء، (بالكاد) يكتب اسمه، لتكتشف أنه (منجم) غني بالعلم والمعرفة. كان شعلة من النشاط، صاحب همّة، وشغف ولاء وانتماء لمشروع الحضارة السودانية. في العام 2017م جاء الباحث والكاتب المعروف د. محمود عثمان رزق من أمريكا حيث يقيم، يحمل معه كتابه الجديد عن حضارة نبتة، وقد أقمت على شرفه دعوة مصغرة بمنزلي وكان الراحل العزيز فريد ضمن الحضور، وقد أبحر كعادته في الربط بين النوبة في الشمال والنوبة في جنوب كردفان، وبدأ يعدد من شواهد (الأصل الواحد) مالا يمكن حصره، يكاد يكون القاموس واحداً، والعديد من الصفات والعادات والمشتركات التي تؤكد أن الأصل واحد. ذهب فريد إلى أكثر من ذلك وهو يعدد القرائن بين اللغة المروية واللغات الأوروبية.
رحل الشهاب الشاب، الباحث المتفرد فريد، كالشهاب، يضيء ويمضي سريعاً، ذهب والسودان لايزال في أمس الحاجة إلى جهده ومثابرته العلمية الجادة.
عزاؤنا أنه رحل شهيداً في حادث وفي الأيام المباركة (العشر التي أقسم بها الله) بل بين يدي يوم التجلي الرباني العظيم.. يوم عرفة. ورغم ذلك، فقد خلّف فقده ألماً وحزناً، نسأل الله أن يتقبله شهيداً، وأن يكرمه بأفضل مايكرم به الصالحين. آمين.

Comments (0)
Add Comment