جدل لا يتوقف منذ أن وجدت عروض الأزياء موطئ قدم لها في المشهد السوداني قبل نحو 3 سنوات، كأحد الفنون التي انتشرت مع اتساع الحريات.
ومع كل مهرجان يقام لهذا الفن في السودان ترتفع أصوات النقد بحجج مختلفة، فالبعض يزعم أن العروض فاضحة ومتجاوزة لتقاليد وأعراف المجتمع المحلي، بينما يعتقد آخرون أنها نوع من الترف في ظل سيل الأزمات تعيشه البلاد.
وفي مقابلة مع “العين الإخبارية” تترافع السودانية نرمين قرقفي، أحد أبرز منظمي عروض الأزياء في السودان، عما تقدمه من أعمال في مجال الموضة.
قرقفي أكدت أنها متمسكة بكل موروثات وتقاليد وأعراف المجتمع السوداني في عروض الأزياء التي تقيمها، لكنها في ذات الوقت تحرص على إبراز التنوع الثقافي في البلاد.
وتقيم قرقفي مهرجانات لعروض الأزياء التراثية في السودان والأزياء الحديثة وتصاميم مختلفة نالت إعجاب المهتمين في مجال الموضة.
وروت نرمين خلال الحوار تجربتها في عروض الأزياء والموضة، وما تخطط له في المستقبل، ومدى تأثير هذا الجدل على مشوارها الفني.
فإلى نص الحوار:
أنا نرمين عوض شريف معروفة بـ”نرمين قرقفي” وقد تخرجت في كلية العلوم الإدارية بجامعة الخرطوم.
في الواقع أنا مولعة بالموضة والجمال منذ نعومة أظافري، ومعلوم أن الموضة والجمال وجهان لعملة واحدة، لكن في حقيقة الأمر بدأت العمل فعليا في هذا المجال أثناء دراستي الجامعية دون تفرغ، وقد تفرغت تماما بعد التخرج وخضعت لدورات تدريبية احترافية خارج السودان، فالتصميم فن وذوق، يتطلب موهبة في المقام الأول، ومن ثم صقلها بالتجارب والدراسة.
كل الفنون تتفق على هدف واحد وهو رفع الذوق العام في المجتمعات، وخلال مهرجاني الأخير الذي خصصته للتراث القومي السوداني كان الهدف إلقاء الضوء على الثراء الثقافي الذي يتميز به السودان في محيطه الاقليمي، وهو بكل تأكيد ثروة مهملة إن جاز التعبير.
وفشلنا كسودانيين منذ الاستقلال في خلق لغة تواصل بين المكونات المختلفة، ومعلوم أن الفن يعتبر لغة مفهومة للجميع، لذا جاء مهرجانا الأخير تحت شعار “وحدتنا في تنوع ثقافتنا”.
وكان الهدف من هذا العمل هو خلق لغة تواصل بين هذه المكونات ورتق النسيج الاجتماعي وتعريف السودانيين أنفسهم، والعالم، بهذه الثروة التي تتميز بها بلادنا، كما أردنا القول إن الاختلاف ليس بالضرورة أن يكون سبباً للخلاف، وإنما بالوحدة يكون الاختلاف معولاً للبناء ونهضة الأمم وتقدمها ولنا في محيطنا الإقليمي والدولي والتاريخ دروس وعبر.
بالطبع لدي الكثير من الأفكار والمشاريع المستقبلية التي لم تر النور بعد، لعاملي الوقت والترتيب المثالي. وأيضاً نخطط لإقامة ورش تدريبية للشباب والنساء لخلق فرص عمل لهم وسوف يتم تدشين هذا العمل في الوقت القريب.
علاقتي بوسائل التواصل الاجتماعي ضعيفة، لأنني أكرس كل وقتي ومجهودي للعمل، فأجدني مضطرة للابتعاد عن هذا العالم والمنبر الكبير رغم أهميته، لكن الجدلية هي صفة ملازمة للإنسان منذ خلقه الأول.
أما بخصوص الأزياء التي اعتبرها البعض بأنها فاضحة، دعني أوكد لك أنني متمسكة جدا بكل أعراف وموروثات الشعب السوداني ولم أخرج من هذا الإطار في العروض التي أقمتها، وذلك لقناعتي بأننا شعب ذوق ومحب لعاداته وموروثاته التي ولدت وخرجت من رحمها.
لكن كما أسلفت لك آنفا، فإن السودان بلد غني جدا بثقافاته المتنوعة لذلك لابد أن تجد اختلافا وتميزا لكل ثقافة أو مكون عن غيره، وليس أمامنا سوى أن نقبل هذا الاختلاف ونعتز به ونبرزه لغيرنا، لأنني على قناعة تامة أن هذا التنوع هو ثروة وطنية يجب أن نستوحي منها كل معاني الجمال.
نعم بكل أسف، وقد اتضح هذا بشكل خاص خلال مهرجان التراث القومي الأخير حيث كانت هناك حملة موجهة لتشويه هذا العمل، فقام البعض بتداول صور مغلوطة ونسبها للمهرجان وهي في الوقع لا تمت إليه بأي صلة، لكني على ثقة تامة بأن كل نجاح لابد له من أعداء.
نعم نستطيع المنافسة في السوق العالمي، لأن التصميم يعتمد بشكل كبير على الطبيعة والبيئة، وبلادنا التي تتميز بهذا التنوع الخلاب تمثل أرضية خصبة للإبداع والتميز، والآن أفريقيا عموما قادمة بقوة ليكون لها دورا كبيرا في سوق الموضة العالمي الذي يعبر عن ثقافة الشعوب ومدى تحضر مجتمعاتها.