بروف عثمان أبوزيد يكتب : خواطر من مصر المحروسة (٠٢)

 

○ في اليوم الذي أزمعت فيه السفر إلى القاهرة، انتشر في الوسائط أن مصر حظرت دخول السودانيين… لكني لا أصدق كل ما ينشر في هذه الوسائط.
○ استمر شعبا وادي النيل في التواصل حتى في أحلك الظروف حين اضطريت العلاقات الرسمية بين البلدين.
○ هناك ما يسمى (الجاذبية الجغرافية) لدى الشعوب، والتعبير استعيره من جمال حمدان مؤلف كتاب شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان. نحن في السودان جاذبيتنا الجغرافية تتجه نحو مصر.
○ الحدود ظلت خطوطا وهمية بين بلدين لم يفصلهما شيء. يذكر حسن عوض الله مدير مديرية حلفا الأسبق في مذكراته أن اللجنة التي رسمت الحدود بين البلدين قسمت مزرعة لأحد المواطنين بين البلدين، فصار قسم منها في مصر والآخر في السودان. نخيل مصرية ونخيل سودانية، ويدفع هذا المزارع الخراج في مصر وفي السودان. وقال عوض الله إن سكان أرقين مع وجود الحدود كانوا يذهبون بحميرهم إلى الطاحونة في أبو سمبل.
○ بين مصر والسودان علاقات نسب ودم، وأول من هاتفته بعد وصولي ابن خالي المصري، ولكثير من أهلي أبناء عمومة وخؤولة هنا في مصر.
○ شهد البلدان قفل الحدود في فترة ما، ولما كنت مسؤولا في الولاية الشمالية، حضرت افتتاح ميناء وادي حلفا الجديد وعودة الخط الملاحي لربط البلدين مرة أخرى. وفي طريق العودة أخذت استراحة في عبري. سألتني سيدة كبيرة: “خلاص فتحتوا لينا مصر”؟ قلت لها: نعم وتستطيعين من الغد أن تركبي الباخرة و(تنزلي مصر)! أهل الشمالية عندما يقصدون مصر يقولون: “نحن نازلين مصر”!
السيدة استبطأتني وأتت بعبوة من عجوة السكوت الفاخر. قلت لها: ولكني يا والدة لا أقبل الهدايا في عملي. ثم أسررت في نفسي أن أجبر خاطرها وآخذ منها الهدية وأردها لمحتاج.
○ وجدت في مصر عائلات سودانية أقبلت من أطراف الدنيا من أوروبا وأمريكا والسودان ليجتمع شملها هنا. في عيادة طبية قصدتها رأيت نحو ثلاثين سودانيا ينتظرون دورهم للدخول إلى الطبيب، وتجد مثل ذلك في مراكز التشخيص. ولعل السودانيين يجدون الملاذ الآمن لدراسة أبنائهم في الجامعات، بل تقوم مدارس سودانية ومراكز للجلوس لامتحان الشهادة السودانية ويلتحق بها سودانيون ومصريون.
○ ثمة مظاهر أيضا على انفتاح المصريين على السودان عبر التجارة البينية والاستثمار الزراعي. ويا للمفاجأة وجدت حارس العمارة التي أسكنها يستمع لتسجيل من تلاوات القارئ السوداني الزين محمد أحمد. صحيح أن المصريين استمعوا من قبل لتلاوات الشيخ سعيد محمد نور، لكنهم اعتبروه مصريا لأنه أقام بمصر ولم تكن الحدود السياسية قائمة في ذلك الوقت…
وتلك قصص أخرى نتابعها في الحلقة القادمة.

وكتبه عثمان أبوزيد

(المصري مجبول على العمل من الصغر. هذا الحلاق الصغير عمره ١٦ سنة، أوشك أن يحلق لي مدرجات)!

Comments (0)
Add Comment