مرضى : تكلفة مقابلة الطبيب عالية
التعامل من الموظفين في القطاع الخاص جيد
مواطن: هنالك عدم رقابة من قبل وزارة الصحة و المسؤولين على المستشفيات الخاصة
مريض : أدعو المواطنين التوجه للقطاع الحكومي بدلاً من الخاص
طييب : أصحاب المستشفيات الخاصة مستثمرون؛ ولا علاقة لهم بمهنة الطب
أصبحت الصحة في السودان عبارة عن تجارة، ووسيلة للثراء واستثمار ناجح ومضمون في ما تبقى من حياة المرضي. الغريب في الأمر أن من يفعلون ذلك ليسوا بغرباء عن المهنة فهم أطباء التخصصات المختلفة، ومنهم أطباء المختبر وغيرهم من المهنيين الطبيين، فيما يقول البعض إن دارسة الطب أصبحت دراسة تجارية، يخطط الطالب في هذا المجال عن تفاصيل الربح والخسارة قبل أن يبحث في تطوير المهنة ومحاولة إضافة لمسة جديدة للمهنة، الأمر الذي أحال مهنة الطب من مهنة إنسانية إلى تجارية قوامها الربح والخسارة والابتزاز والاستهتار بحياة المريض ، بالإضافة لوكلاء الأدوية وتجار الأزمات الذين أصبحوا الآن يمثلون أضخم (مافيا) تسيطر على (سوق الطب والأطباء) . بينما في كل دول العالم تعتبر صحة الإنسان هي الأعظم والأغلى، أما في السودان فالأمر معكوس؛ أصبحت التجارة بصحة الإنسان وحياته سلعة رخيصة القيمة في وقت المرض والحاجة، وتحول بعض الأطباء وسماسرة الطب من ملائكة الرحمة الى ذئاب مفترسة وقاسية القلب تنهش الأجساد وتكسر الرقاب، وتزهق الأرواح، ويسعون بين المرضي بالفشل والبؤس والقسوة (وصرة الوش)..
—
مبالغ ضخمة
كشفت جولة لـ(اليوم التالي) عن استياء بعض المرضى من بيئة وخدمات المستشفيات الخاصة، وذلك بمحلية أمدرمان شارع “الدكاترة ” وتحدثوا عن حجم المعاناة التي يمرون بها يومياً داخل تلك المستشفيات والمبالغ الضخمة التي يدفعونها لتلك المستشفيات، من أجل توفير العلاج و الفحوصات و إيجاد بعض الخدمات الطبية .” اليوم التالي ” التقت بالمريضة نسيبة محمد الأمين، من داخل مستشفى ” أ ” الخاص بأم درمان تقول ” إنها تعاني من مرض “زيادة الكهرباء في الرأس” وعرضت حالتها لأكبر الاختصاصيين الذين أكدوا بعدم إمكانية علاجها داخل السودان. وأوضحت نسيبة معاناتها من عدم توفير المعامل الجيدة وأجهزة التشخيص لعدد من الفحوصات في القطاع الخاص، منذ عهد النظام السابق ، وزادت ” نحنا ما عارفين الأطباء زاتو” و تساءلت.. أين تكمن المشكلة هل من قبل وزارة الصحة أم من الأطباء ؟، وأضافت.. بعض الأشخاص قد يلجأون إلى العلاج بالخارج؛ بسبب تردي الصحة في البلاد . وكشفت عن فترة معاناتها مع المرض لأكثر من سبعة أعوام، ومع مرور هذه السنوات أخيراً توجهت الى البحث عن العلاج في مصر، وأنها تمكنت من العلاج تماماً في فترة أقل من شهر. وقالت نسيبة إنها تواصل علاجها داخل السودان مع ارتفاع التكلفة العالية للعلاج بحيث تبلغ أقل قيمة لمقابلة الطبيب مبلغ (50) ألف جنيه، و أحياناً تصل الى مبالغ أعلى، إضافة الى فحوصات و أشعة وغيره. ووصفت نسيبة أسلوب المعاملة في المستشفيات الخاصة بالسيء بداية من الاستقبال، ومن ثم المسجلين والضباط وأيضاً الأطباء الذين يتعاملون بأسلوب غير لائق، ولا يمتون لمهنة الطب بأي صلة وفيه شيء من التعالي والاستهتار وعدم الاحترام لحالة المرضى النفسية وغيرها.
الاستثمار في الصحة
ويقول الدكتور محمد إسماعيل، اختصاصي الجراحة من خلال حديثه لـ(اليوم التالي) أن أغلب المستشفيات الخاصة يمتلكها أشخاص لا علاقة لهم بالحقل الطبي او مهنة الطب، بل هم مستثمرون بامتياز في إنشاء المستشفيات الخاصة، وهدفهم الحصول على المال فقط؛ وليس تطوير المهنة أو الإضافة لها ، لذلك ليست لديهم أخلاقيات المهنة. مشيراً إلى أن المستشفيات الخاصة لديها كادر طبي مؤهل وعناية مكثفة، والعديد من المستلزمات الطبية التي يحتاجها المريض، عكس المستشفيات الحكومية التي تفتقد أبسط مقومات الخدمات الصحية ، وأوضح إسماعيل، على الرغم من توفر بعض الخدمات الطبية في المستشفيات الخاصة إلا أنها تعاني من بعض العيوب فهنالك الكثير من الاعتداءات على الأطباء داخل القطاع الخاص، حيث الاهتمام بالمريض أكثر من الكادر الطبي، لذلك يجب تفعيل القانون لحماية الطبيب. وطالب اسماعيل بتطبيق قانون الصيادلة الذي يؤكد بأنه لا يحق لغير الصيدلي امتلاك أو فتح صيدلية لوقف ظاهرة الاستثمار في حياة الإنسان و تفعيل القوانين. مشدداً هنالك بعض أصحاب المستشفيات الخاصة يطالبون الأطباء بعمل فحوصات للمريض ليست لها حوجة تتعلق بالمرض المحدد، وهي واحدة من المشكلات التي تواجه الأطباء في القطاع الخاص بسبب أن أغلب أصحاب المستشفيات الخاصة ليست لهم علاقة بمهنة الطب، بل معظم المستشفيات الخاصة كان السبب الأساسي في قيامها هو الاستثمار وليس الطب.
البحث عن علاج
و تستمر رحلة المريض للبحث عن العلاج داخل أو خارج البلاد ، حيث يحكي المواطن سيلمان حسين الحاج، قال إن زوجته تعاني من “حصاوي المرارة ” وأيضاً تتلقى علاجها في مستشفى “أ ” وأضاف سليمان من خلال حديثه لـ(اليوم التالي) أي مستشفى خاص له قوانين و لوائح، بل وتسعيرة محددة لا نستطيع أن نرمي اللوم على تلك المستشفيات . و أضاف.. المواطن يلجأ الى المستشفى الخاص الذي يتوفر فيه العلاج ، ومن أجل أن يتلقى خدمة طبية جيدة . مؤكداً أن تكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة عالية جداً قد تصل الى 3 مليارات جنيه. وأشار سليمان إلى أن زوجته عانت معاناة أليمة مع المرض لمدة الـ 3سنة مبيناً أن المستشفيات الخاصة لا تخضع لجانب الرقابة المحكم والدقيق من قبل وزارة الصحة والمسؤولين في المستشفيات الخاصة . كما أن الكادر الطبي غير مؤهل في أغلب المستشفيات الخاصة، و على الوزارة التدخل العاجل و متابعة القطاع الصحي الخاص. وطالب سليمان المواطنين بالتوجه للمستشفيات في القطاع العام والحكومي نسبة لوجود الكوادر المؤهلة في القطاع الحكومي، و رغم أن فيها تقصير إلا أنها تفيدك بمعلومات أكثر من الخاص، و أضاف.. لابد لوزارة الصحة أن تعمل بجد و إخلاص لخدمة المواطن البسيط .
معاناة وصرف أموال
أما المريضة منال التي تتلقى علاجها بمستشفى (و) الخاص قالت ل(اليوم التالي) إنها تعاني من وجود ( كيس دهني ) في الرأس منذ العام 2019 وأنها صرفت مبلغ 400 ألف جنيه حتى اللحظة. أوضحت في حديثها أن أسلوب التعامل في المستشفى جيد وأخلاقي من قبل الموظفين الذين يقدمون خدمات طبية جيدة . أما المريضة آمال خميس آدم، من ولاية القضارف قالت ” إنها تعاني من لحمية في بطانة الرحم ” و تم تحويلها من القضارف إلى مستشفى البقعة أم درمان، وأنها عانت لمدة عامين، ومع عدم توفر الإمكانات الطبية والخدمات الطبية والأطباء ما زال الصرف مستمراً دون فائدة أو نتيجة .