تفاعلت قوى الثورة السودانية بشكل كبير مع الإعلان المشترك لتوحيدها، إذ ارتفع عدد الكيانات المنضمة بعد أقل من 24 ساعة على طرحه إلى 52، من بينها 9 من تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم البالغ عددها 16 تنسيقية، إضافة إلى قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي، ومجموعة كبيرة من التنظيمات المدنية والمهنية.
وقالت لجان مقاومة إحياء الخرطوم بحري التي قادت المبادرة، إن التفاف القوى المناهضة لإجراءات 25 أكتوبر حول الإعلان “كان أمرا متوقعا”، إذ أنه يمثل أرضية مشتركه ونواة لوحدة قوى الثورة السودانية.
والثلاثاء وقع 36 كيانا سودانيا على إعلان مشترك لـ”توحيد قوى الثورة”، في خطوة وصفها مراقبون بـ”المفاجئة” في ظل حالة التشظي الحالية.
وأشار الإعلان إلى أن الخروج من أزمات البلاد المتفاقمة “لا يتم إلا عبر إنهاء الحكم العسكري”، وأضاف أن “ذلك هو السبيل الوحيد لإنهاء السيولة الأمنية وحالة اللادولة، وصنع واجهات قبلية تعمل على خلق مشاكل وصراعات فيما بينها لتوفير مسوغات ومبررات لاستمرار الحكم العسكري”، وفقا لصياغة البيان.
وتعهد الموقعون على الإعلان بـ”التحرك العاجل لمنع الاقتتال في البلاد، وتعزيز ثقافة عدم الإفلات من العقاب”.
ووفقا لعضو تنسيقية لجان أحياء الخرطوم بحري محمد جاد السيد، فإن اتخاذ هذه الخطوة “جاء استشعارا بالخطر الكبير الذي يواجه البلاد منذ إجراءات 25 أكتوبر”، في إشارة إلى خطوة الجيش باستبعاد المكون المدني في الحكومة الانتقالية.
وأشار جاد السيد في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى “العنف القبلي المفتعل الذي طال عدة مناطق في البلاد خلال الأيام الماضية”.
وقال إن “الهدف من الدعوة لتوحيد قوى الثورة هو منع انزلاق البلاد نحو مآلات خطيرة، وحشد الجهود من أجل الالتفاف حول ميثاق تأسيس سلطة الشعب الذي تعكف لجان المقاومة وعدد من الجهات الفاعلة على التوقيع عليه”، مشيرا إلى أن “الدعوة وجدت تجاوبا كبيرا”.
ويأتي التوقيع على الإعلان المشترك في ظل مطالب متزايدة من المجتمع الدولي بتسليم السلطة للمدنيين في السودان، توازيا مع احتجاجات شعبية متواصلة منذ أواخر أكتوبر من العام الماضي.
وتزايدت المخاوف من انزلاق السودان نحو الفوضى، خصوصا بعد أعمال العنف القبلية التي شهدتها البلاد خلال الأيام الأخيرة التي أدت إلى سقوط عشرات القتلى في منطقتي النيل الأزرق المتاخمة للحدود الإثيوبية، وكسلا شرقي السودان.
وتعهد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في وقت سابق بتسليم السلطة للمدنيين، وعودة الجيش إلى ثكناته في حال حدث اتفاق بين المدنيين.
وإضافة إلى قوى الحرية والتغيير وعدد من لجان المقاومة التي تقود الحراك الحالي المطالب بالحكم المدني وعودة الجيش إلى ثكناته، ضمت قائمة الموقعين أجساما مهنية وحقوقية فاعلة، مثل محامو الطوارئ وتجمع المحامين الديمقراطيين واللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين ونحو 11 تنظيما نسويا.
ووصف الصحفي شوقي عبد العظيم الخطوة بـ”الإيجابية التي يمكن أن تؤسس لانطلاقة قوية نحو إقامة سلطة مدنية كاملة”.
وتوقع عبد العظيم أن تجد الخطوة مزيدا من الدعم من القوى السياسية الفاعلة في الشارع السوداني، وقال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “السبيل الوحيد لتحقيق تطلعات السودانيين الرامية لتأسيس دولة العدالة والحرية والسلام هو توحيد القوى الحقيقية المؤمنة بالتغيير والساعية لإنهاء إجراءات 25 أكتوبر التي أدخلت البلاد في منزلق خطير” بحسب تعبيره.
ورغم أنه لم يوقع على الإعلان، فإن تجمع المهنيين السودانيين الذي قاد الاحتجاجات منذ بدايتها، رأى أنه “تضمن قضايا متفق عليها”.
وقال المتحدث باسم التجمع الوليد علي لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “لا خلاف حول ما جاء في الإعلان”، لكنه شدد على ضرورة أن يتم ذلك بتنسيق مع الأجسام الحقيقية.
وأكد على أن “التجمع منفتح نحو أي جهود تؤدي في النهاية إلى توحيد قوى الثورة الحقيقية المتمسكة بعدم المساومة حول القضايا الوطنية الرئيسية”.
وفي السياق ذاته، أكد خالد ياجي عضو آلية توحيد الثورة التي أنشئت حديثا، أن “الخطوة تتسق تماما مع طرح الآلية الذي يهدف إلى جمع كل الأطراف المؤمنة بالثورة لتحقيق أهداف محددة وعلى مراحل زمنية مختارة”.
وقال ياجي لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “أي جهود لتوحيد قوى الثورة ستخدم قضية التحول المدني الديمقراطي، وتسرع عملية الخروج من الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد”.