بما أن الأوضاع في البلاد تغيرت كثيراً وأصبحت في أعلى درجات من الغليان، و في ظل زمان يعاني فيه المواطن من عدم القدرة على شراء الغذاء، وكان بالإمكان مع توفر الإمكانات لدى السودان؛ التي يباهي بها أمام الدول المتقدمة، لكن تشاء الأقدار أن يصبح السودان من ضمن الدول التي تتلقى القروض من البنك الدولي والمانحين، وذلك لمجابهة تحديات نقص الغذاء العالمي، الأمر الذي دفع البنك الدولي للموافقة على إقراض السودان مبلغ 100 مليون دولار يتم صرفها بواسطة برنامج الغذاء العالمي، ووفقاً لبعض الخبراء الاقتصاديين.. أنها خطوة جيدة من قبل البنك الدولي والمانحين لتوفير 100 مليون دولار لدى برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة بالسودان، ووصف البعض سياسة البنك الدولي تجاه الدول النامية بأنها سياسة استعمارية بامتياز، ويشير آخرون إلى أن الدعم المالي من البنك الدولي بمثابة رسالة للفاعلين في الاقتصاد السوداني بأن العالم لن يقف متفرجاً على الأزمة الاقتصادية السودانية.
مائة مليون دولار
وبناءً على طلب المجتمع الدولي؛ وقع البنك الدولي، أمس الخميس، اتفاقية مع برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة لتوفير تمويل مباشر لبرنامج الأغذية العالمي بقيمة 100 مليون دولار أمريكي لمشروع شبكات الأمان الطارئ الجديد في السودان، وقالت السفارة السويدية بالخرطوم، إن المشروع يستجيب لانعدام الأمن الغذائي الشديد في السودان الناجم عن ضعف الحصاد و ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، وأن هذا الدعم من قبل الدول المانحة وخاصة السويد يأتي لدعم الانتقال والإنعاش في السودان، ويهدف المشروع إلى توفير التحويلات النقدية والغذائية لأكثر من مليوني مستفيد يعانون من انعدام الأمن الغذائي في 11 ولاية في السودان، أو كما جاء في تقرير السفارة، وأبان التقرير أنه فيما لا يزال وقف الدعم من البنك الدولي في جميع عملياته لحكومة السودان منذ 25 من أكتوبر سارياً، إلا أن المجتمع الدولي يشعر بالقلق إزاء تزايد انعدام الأمن الغذائي والمخاطر الإنسانية في السودان، ويعمل مع البنك لإيجاد وسيلة لتلبية احتياجات الشعب الملحة.
باسم جديد
يؤكد عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير، كمال كرار : أن البنك الدولي ومنظمة الغذاء العالمي (زيتهم في بيتهم) وكما يقال، وتابع قائلاً : نفس المنظمة هي التي كانت مسؤولة عن الدعم الفني لثمرات، وقال في تصريح ل(اليوم التالي).. كلفت آنذاك بمهمة جمع البيانات الخاصة بالأسر السودانية التي ستتلقى دعم البنك الدولي، وأشار إلى أن هذا السبب كلفت مرة أخرى لتوزيع هذا الدعم باعتبارها تمتلك قاعدة بيانات عن المواطنين بما في ذلك سجل تلفوناتهم، وبهذا أصبح متوقعاً عودة ثمرات باسم جديد، وهذه بداية تعاون بين البنك الدولي والسلطة الانقلابية.
سياسة استعمارية
وحول الحديث وصف المحلل الاقتصادي الدكتور، عبدالله الرمادي، سياسة البنك الدولي تجاه الدول النامية سياسة استعمارية بامتياز، وقال في تصريح ل(اليوم التالي).. السودان بلد زراعي ينبغي إن كان هناك دعم حقيقي أن يدعموا تحريك هذه الطاقات الكامنة في السودان؛ خاصة الزراعية منها، مشيراً في حديثه إلى المهتمين بالغذاء العالمي، وأوضح أن السودان بحسب تقييم منظمة الأغذية التابعة للأمم المتحدة من بين أحد الدول التي يعول عليها في حال كان هناك نقص في الغذاء العالمي، وكما يحدث الآن ويعاني منه العالم، لأن السودان به إمكانات من أراضٍ صالحة للزراعة وممبسطة مثلاً أراضي البطانة باعتبارها أراضي منبسطة وصالحة للزراعة لا تحتاج إلى الإصلاح والإنفاق عليها، وتابع قائلاً : كل الذي يتطلبه الأمر السعي لتوفير المياه، إما بحفر آبار لمياه جوفية، أو كيفية توصيل المياه عبر قنوات لإيصال المياه من النيل، ولفت إلى أن البطانة يحدها النيل الأزرق وغيرها هناك أراضٍ في الشمال والوسط والغرب والشرق وكافة أنحاء السودان، وتساءل لماذا لا تنفق على هذه المشروعات بطريقة بناءة بحيث ما يدوا السودانيين غذاء، وهذا ما يفسره الكثيرون بأن أفواه السودانيين فاتحة لتلقي الإعانات على مدى ما هي باقية، بدلاً من أن يفجروا الطاقات الموجودة في القطر حتى يكون فعلاً سلة غذاء العالم كما صنفته منظمة الأغذية والزراعة العالمية.
الدول الثلاث
ويعتبر د. الرمادي أن هذا برنامج استعماري وإذلال للسودان، مبدياً استغرابه لعدم تسلم المبلغ للحكومة، متسائلاً لماذا لا تنفق لإقامة مشروعات إنتاجية لإنتاج الغذاء من إمكانيات السودان الداخلية وتحريك هذه الطاقات، وأكد.. هذا هو الأوجب والأصلح والذي يفيد السودان والمنطقة العربية، ونوه إلى أن الدول العربية تستورد ما قيمته 60 مليار دولار سنوياً من الأغذية، ولفت إلى أن السودان لوحده يستطيع أن يوفر 30% من الغذاء هذا ما لديه من إمكانات؛ وإلا لما صنف من أحد الدول الثلاث التي تنقذ العالم في حالة حدوث نقص في الغذاء، كاشفاً عن تلك الدول الثلاث، وهي (أستراليا، كندا، السودان) بما لديها من إمكانات زراعية، وقال.. السودان يمتلك أراضي في حدود 200 مليون فدان، ولم نستخدمها حتى الآن هذا بجانب مورد المياه الذي لم يتوفر في أي دولة.
لازالت مقيدة
بحسب حديث المحلل أول اقتصاد الدكتور، الفاتح عثمان محجوب، إن قرار البنك الدولي بتقديم منحة مالية للسودان عبر برنامج الغذاء العالمي قدرها مائة مليون دولار جاء تنفيذاً. لقرارات قمة جدة التي مأكدت على ضرورة تقديم الدعم الاقتصادي للسودان، للحفاظ على تماسك الدولة السودانية و للحيلولة دون انهيار الدولة السودانية بسبب الوضع الاقتصادي البائس الذي تعيشه البلاد، وعليه فإن ما يتوقعه د.الفاتح عبر إفادته ل(اليوم التالي) تكون منحة البنك الدولي مجرد مقدمة لدعم دولي للاقتصاد السوداني بشكل عام ولمكافحة الفقر بشكل خاص، ويرى أن منحة البنك الدولي لا زالت مقيدة بقرار البنك الدولي، من حيث التوقف عن التعامل المباشر مع الحكومة السودانية؛ في انتظار توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية، ونوه إلى أن هذا الدعم المالي سيتم عبر برنامج الغذاء العالمي؛ وليس بالتنسيق المباشر مع الحكومة السودانية التي يقودها العسكر.
رسالة مهمة
واستبعد أن تستمر مقاطعة البنك الدولي إن فشلت القوى السياسية السودانية في الاتفاق على حكومة انتقالية بقيادة مدنية، وقد يتم القبول بأي حكومة حتى لو كانت عسكرية؛ لتجنب انهيار الدولة السودانية وهذا هو المضمون الحقيقي لرسالة مؤتمر جدة للقوى السياسية السودانية، ويشير إلى أن الدعم المالي من البنك الدولي بمثابة رسالة للفاعلين في الاقتصاد السوداني إن العالم لن يقف متفرجاً على الأزمة الاقتصادية السودانية، وبالتالي يساعد على زيادة الثقة في مستقبل الاقتصاد السوداني وهي رسالة مهمة جدا للمستثمرين الأجانب والسودانيين.
خطوة جيدة
المحلل الاقتصادي الدكتور، محمد الناير، يعتقد في بداية حديثه أنها خطوة جيدة من قبل البنك الدولي والمانحين لتوفير 100 مليون دولار لدى برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة بالسودان، ويتوقع – عبر تصريح ل(اليوم التالي) – أن تسهم تلك القيمة المالية في الحد من الفقر، وكذلك التخفيف على المواطنين بجميع ولايات السودان المختلفة، ورهن ذلك بغية توصيل الغذاء للمستحقين عبر تنفيذ البرنامج بثقة عامة، وذكر أن تقرير الأمم المتحدة حول تأثر 18 مليون بالمجاعة ؛ حديث غير صحيح، إلا أنه عاد وأكد أنه يعاني المواطنين من عدم قدرتهم على شراء الغذاء نسبة لتأثرهم بالإصلاح الاقتصادي واتباع روشتة صندوق النقد الدولي نتيجة لارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، وقطع بأن مبلغ ال100 مليون دولار ربما يتم شراء الغذاء بها، وبالتالي من المرجح أن تسهم بصورة مقدرة في تحسين الأوضاع الاقتصادية بالبلاد.