تحصلت (الانتباهة) على معلومات وتفاصيل مثيرة حول عملية القبض على زعيم عصابة جيش الموت الشهير بـ (باكوبي)، وأوقفت قوات استخبارات الفرقة (18) مشاة بولاية النيل الابيض المتهم علاء الدين خميس تية المشهور بباكوبي، عقب سلسلة اجراءات قامت بها شرطة ولاية الخرطوم ومباحث الولاية فرعية امبدة اسفرت عن القبض على المتهم. وتأتى عملية القبض عقب مأموريات نفذتها مباحث شرطة ولاية الخرطوم فرعية امبدة اسفرت عن تحديد موقع المتهم داخل معسكرات المعارضة الجنوبية على الشريط الحدودى الفاصل بين دولتى السودان وجنوب السودان.
تفاصيل العملية
فى يونيو الماضى أطلقت شرطة ولاية الخرطوم مباحث فرعية امبدة عملية نوعية خاصة اطلق عليها (عملية الذراع الطويلة) التى خصصت فى ذلك الوقت للقبض على المتهم باكوبي الذى شكل خطراً كبيراً بارتكابه سلسة جرائم اعتبرت الاخطر من نوعها، واثناء تنفيذ العملية فر باكوبي عقب توافر معلومات لديه تفيد بأن قوة ستقوم بمداهمة الحى الذى يوجد فيه بالحارة (26) نواحى الجغب، وتوافرت اليه المعلومة من نظامى كان يقوم بايصال المعلومات له، ليستبق القوات النظامية خطوة فى كل عملية تنفذها.
وفر باكوبي ونجا من القبض بأعجوبة وقتها، ولكن الشرطة كانت اسرع منه، وتمكنت من ضبط الاسلحة النارية والبيضاء الخاصة به، حيث ضبطت مباحث امبدة اسلحته الشخصية وهي عبارة عن بندقية كلاشنكوف وخزنتين و (٢٢) طلقة نارية أعدها للاشتباك مع قوات الشرطة وانفاذ عمليات اغتيال وترويع للمواطنين وعمليات نهب، في وقت ضبطت فيه المباحث مسدسين شخصيين يخصان باكوبي، وعدداً كبيراً من السواطير والاسلحة البيضاء ضبطت بمقر اقامته بالحارة (٢٦) الجغب، والقت القبض على نحو (54) من عناصر جيشه، وفر هو الى جهة غير معلومة، وضبط طبيبه الخاص الذى قام بمداواته حينما اصيب برصاص الشرطة اثناء مطاردة فى وقت سابق لتلك العملية.
مخابئ باكوبي
فور فرار باكوبى من أمبدات تيقن انه لا محالة سيقع فى يد الشرطة، فقرر المغادرة الى دولته، خاصة ان الشرطة ضبطت كل أذرعه ومعاونيه وافراد جيشه، فقرر النجاة بنفسه والهروب الى دولته، ومن هنالك انطلق يشق صمت الظلام قاصداً حى العباسية بام درمان حيث تقطن احدى قريباته بذلك الحى، ومكث معها اياماً معدودات قبل ان تلاحقه مباحث فرعية امبدة، وتحرك قاصداً حى الشجرة بالخرطوم ليختبئ لدى بعض رفاقه، ثم عندما شعر بالخطر وملاحقة مباحث امبدة توجه الى الكلاكلة واقام لدى احد اصدقائه، وأجرى عدة اتصالات نجحت فى تجهيز عربة لاندكروزر له تتبع للحركة الشعبية.
وحضرت العربة اللاندكروزر وصعد اليها باكوبى وثمانية من معاونيه بينهم سيدات من اخطر معاونيه، وكذلك شقيقه (أكوجيه) قائد جيش الموت الذى يتزعمه شقيقه، ورافقوه فى الرحلة، وانطلقت العربة مسرعة صوب ولاية النيل الابيض، ووصل الهارب الى منطقة المقينص الحدودية حيث احتمى بمعسكر القائد جونسون ألونق التابع للمعارضة الجنوبية، ولمن لا يعرف القائد جونسون فهو قائد احد الفصائل المعارضة للحكومة الجنوبية، واقام معسكراً له بمنطقة حدودية تقع على الشريط الحدودى بالمقينص.
مأموريات الشرطة
وتم تحريك مأمورية من مباحث ولاية الخرطوم فرعية امبدة تحركت باشراف مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق عثمان الحاج معلا وبمتابعة لصيقة من مدير المباحث بالولاية وقيادة مباحث امبدة، وتحركت المأمورية بقيادة ضابط برتبة الملازم قبيل عيد الاضحى باسبوعين، ووصلت المأمورية الى منطقة المقينص بغرض القبض على باكوبي و (3) من اخطر معاونيه، وظلت تقوم بعمليات تمشيط واسعة، وهنالك نسبة لانعدام الشبكة انقطع التواصل وفقدت القوة بوصلة الوصول الى باكوبى. وظلت القوات تجمع المعلومات وتبحث لأكثر من اسبوعين وحتى انقضاء عطلة عيد الاضحى. وتوصلت لمعلومات مفادها ان باكوبي في مقر اقامة احد اصدقائه بمعسكر جونسون، وان المعسكر لا يمكن الدخول فيه الا بواسطة قوات الاستخبارات العسكرية التابعة لولاية النيل الابيض.
وقامت قوة الشرطة باخطار قوات الاستخبارات وتسليمهم المعلومة، وتحرك وفد من الاستخبارات ووصل للمعسكر، ولكن علم من بعض قادة المعسكر ان اية محاولة للدخول في ذلك المعسكر تعنى الموت، وان الخطر يحيط بمهمتهم من كل جانب. ولكن للوصول لاتفاق اكد قائد المعسكر انه سيتعاون مع القوات السودانية شريطة ان يتسلم خطاباً رسمياً يفيد بالقبض على المتهم ومن ثم سيقوم بتسليمه.
مخاطبات ومكاتبات
وعادت القوة ادراجها وعادت مأمورية الشرطة مرهقة ولكنها تحمل بشائر بالنصر، ولكن كان الخوف الاكبر ان يدخل باكوبي في اراضى دولة جنوب السودان، وهنالك حتماً سيتعذر القبض عليه، وبالفعل اصدرت دائرة الجنايات بشرطة ولاية الخرطوم خطاباً لهيئة الاستخبارات التى بدورها خاطبت قوة الاستخبارات بالنيل الابيض التى اعدت مخاطباتها وسلمتها لمعسكر القوات الجنوبية المعارضة، وتم التنسيق باحكام بين الشرطة والاستخبارات، ولم تمض ايام على تسليم الخطاب للقوات الجنوبية حتى قامت بتسليم باكوبي لقوات الاستخبارات العسكرية التى قامت بترحيله الى مقر الاستخبارات ومنها سلم للشرطة .
معلومات مثيرة
وبحسب المعلومات التى توافرت لدى الصحيفة فإن شرطة ولاية الخرطوم القت القبض على (54) من اخطر عناصر جيش باكوبي يمارسون عمليات نهب وخطف ومساومات. وتمكنت الشرطة عقب القبض على هذا الجيش من تسديد (37) بلاغاً مختلفاً تتراوح بين النهب والسلب والقتل والاذى الجسيم والاختطاف والاتلاف، وجملة من البلاغات التى قيدت فى مواجهة جيش باكوبي الذى اقر بارتكاب كل تلك الجرائم ووجهت لهم تهماً، وبعدها واصلت شرطة الخرطوم جهدها الذى استمر لاكثر من ثلاثة اشهر للقبض على باكوبي الخطير الذى تم توقيفه ويجري ترحيله للعاصمة .
وتشير المعلومات الواردة الى ان باكوبى لوحده يواجه تهماً فى اكثر من (40) جريمة قام بارتكابها بنفسه، ويواجه تهمة شخصية بارتكابه جريمة قتل بشعة، كما انه يواجه تهماً بالمساومة لصحافى سقط ضحية لجرائمه، وتهماً اخرى بالابتزاز والخطف والنهب وتسبيب الاذى، وتهمة بنهب مجموعة من عناصر الجالية الهندية اثناء مراسم حرق جثمان بام درمان، حيث قام باكوبي وعصابته بنهب الجالية الهندية اكثر من (17) هاتفاً نقالاً ومبالغ تصل الى اربعمائة الف جنيه، وذلك تحت تهديد السلاح .
سلسلة جرائم
وارتكب باكوبي ومعاونوه من افراد عصابة جيش الموت التى يقودها سلسلة من الجرائم التى روعت سكان العاصمة، وارتكب الجناة عمليات نهب وسلب وترويع للآمنين وقطع الطريق الرابط بين امبدة وكرري. ويذكر ان باكوبي كان يتبع للقوات المسلحة برتبة العريف قبل الانفصال، حيث يعتبر من قبيلة الشلك، ولكنه عقب الاستفتاء تم فصله من العمل من بين مجموعة من ابناء جنوب السودان، وبعدها غادر الى جنوب السودان حيث مكث فترة، وقرر العودة للسودان بعد ان التحق بالحركة الشعبية واصبح احد منسوبيها، وعقب حضوره للبلاد اصبح ملاحقاً من قبل السلطات عقب ارتكابه عدداً من الجرائم، واصبح مهدداً لامن وسلامة المواطنين .
وتشير المعلومات الى ان قوات الشرطة كانت قد اصابت باكوبي اثناء مطاردته بينما كان يتابع كرة القدم بميدان الجغب، وكان وقتها مسترخياً على دراجته النارية، واثناء مداهمة الشرطة فر هارباً، وتم اطلاق النار عليه فأصيب بطلقين ناريين بالكتف والرجل ورغم ذلك فر هارباً واحتمى باحد الثغور، واستعان بطبيب خاص تبين انه مساعد طبي قام بتطبيب جرحه بمخبئه، والقى القبض عليه لاحقاً وضبطت بحوزته ادوات ومعينات طبية وادوية وعقاقير ومضادات حيوية وضمادات استخدمها في تطبيب جراح باكوبي واقر بقيامه بتلك المهمة .
وربما يواجه باكوبي وعناصر جيشه في الايام القادمة تهماً تتعلق بتشكيل المنظمات الاجرامية وتهماً اخرى ضد الدولة، بجانب ارتكاب جرائم ضد المواطنين وحيازة الاسلحة النارية، وتهماً تتعلق بالارهاب ومقاومة الدولة والمعارضة، بالاضافة الى تهم بالقتل العمد والنهب والاذى. والجدير بالذكر انه يجرى الآن نقل باكوبي وسط اجراءات أمنية مشددة الى العاصمة، وسيخضع لتحقيق دقيق ومن ثم يحال إلى محاكمة عادلة .