على مسؤوليتي
التحقيق الذي بثته قناة CNN الأميركية من إعداد مراسلة القناة نعمة الباقر – سودانية الجنسية –
عن الذهب المهرب في السودان أقام الدنيا ولم يقعدها ،
المناقشات تناولت التحقيق الاستقصائي من عدة زوايا وهنا سوف اتناول الأمر من زاوية اخري مع يقيني أن قناة CNN الأميركية ليست محايدة وترتبط باجندة أميركية و ايضا اتفق مع البعض أن نعمة الباقر لم تلتزم خط المهنية في التحقيق.
ما أريد أن أؤكد واؤمن عليه ايضا أن هناك كمية الذهب المهرب من السودان كبيرة وهذا يضرب الاقتصاد السوداني في مقتل .
ولكن من زاوية أخرى اعتقد أن الغموض الذى يحيط بملف الذهب هو الذى اغري نعمة الباقر والقناة الأميركية الشهيرة للسير في هذا الاتجاه.
في الساحة الاقتصادية السودانية الان غياب للمعلومات الإحصائية الدقيقة وبعض المؤسسات الإقتصادية تحيط نفسها بسرية شديدة وتعتقد أن ذلك يحميها من المشاكل
من يعرف الان معلومات تفصيلية عن الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي اغني مؤسسة اقتصادية سودانية، هل يعلم الناس أن هذا الجهاز الاخطبوطي يساهم في 13 بنك ويمتلك بنوك كبيرة ويمتلك شركات ومصانع
واراضي شاسعة وعمارات سوامق!
ماذا يعرف الناس عن الشركات التى تعمل في قطاع المطاحن وشركات الذهب والبترول وشركات الدعم السريع !
حتى شركات الجيش وبعد أن انتهجت نهج الشفافية وبدأت تنتفتح على الاعلام
لجأت في الاونة الاخيرة التى الاختباء بعيدا عن دائرة الضوء .
وقد يلومني احد ويقول لي كيف تلوم شركات الجيش وكثير من الشركات المدنية تعمل في الظلام !
اتحاد اصحاب العمل الذى يديره السوباط يعمل الان بطريقة سرية ولا احد يعرف ماهي سياساته وتصوراته للمشهد الاقتصادى
السودان بلد العجائب بعض رجال الأعمال يعملون في الخفاء ويعتبرون الظهور في الاعلام يسبب لهم المشاكل !
ارتباط كل ذلك بتحقيق نعمة الباقر أن الاعلام العالمي ( ما فيه حاجة انا ما بحب الظهور )
وكل حاجة يجب أن تكون في الضوء واذا حجبت الشركات والبنوك والمؤسسات الاقتصادية نفسها عن الاعلام هناك ما يسمي بالصحافة الاستقصائية ودورها أن تكشف المستور .
حتى في الدول العربية هناك شفافية في تمليك المعلومات الاقتصادية واذا ظلت اي جهة اقتصادية أو رجل اعمال بعيدا عن الاعلام هذا يثير شكوكا ويتم نقده بقسوة.
في كل دول العالم ماعدا السودان ، الناس تعرف معلومات كاملة عن النشاط الاقتصادى وعن رأس مال الشركات وطبيعة نشاطها واستثمارها وثروة رجال
الاعمال بالأرقام الدقيقة.
جانب آخر ادى لتمدد الاعلام الأجنبي وطغيانه في السودان والعمارة الكويتية في الخرطوم الان تحولت لمدينة الإنتاج الاعلامي نتيجة العدد الكبير من مكاتب الفضائيات الأجنبية.
وطبعا الاعلام الأجنبي يعمل وفق أجندة مرسومة حسب مصادر تمويله والدول التى ينطلق منها !
الجانب يتعلق بأهمال الحكومة للاعلام الوطني ،
الفضائيات السودانية الان تعاني في دفع رسوم الاقمار الصناعية بالدولار والصحف مهددة بالتوقف ووسائل الإعلام الإلكتروني نفسها تشكو من عدم وجود التمويل.
لاتوجد استراتيجية للدولة في التعامل مع الاعلام ومن الطبيعي أن يتراجع الاعلام في ظل هذا الوضع القاتم ،
المطلوب خطوات تنظيم في قطاع الاعلام لأنه اصبح المحرك الأساسي للعالم سياسيا واقتصاديا وثقافيا .