– الوضع السياسي السُوداني المضطرب، مُنذُ حين، يتطلب تعاملا معه بعقل واقعي (براغماتي). في سياق تفكير واقعي أعتقد أنّ بذل أي جهد ممكن لتوفير فرص نجاح نسبي لمبادرة الشيخ الطيب الجد أمر ضروري. هذا يتطلّب تحسين الأداء السياسي في قيادة هذه المبادرة، خاصة في جانب التواصل مع القوى المدنية المُعارضة لها و القيادة العسكرية و الأطراف الخارجية. من ميزات هذه المبادرة، مع ما يلازمها من إشكالات، أنّها تُساهم في استعادة بناء عملية سياسية ظلت تشهد خُمودا واضحا، و تكسبها زخما ضروريا لصالح تمدين الحُكم.
– سياسيا مطلوب تمكين قوى الوسط الرئيسية (خاصّة الاتحاديين و الأمة) من المشاركة بأكبر سند مُمكن من داخل تكويناتها السياسية و المذهبية، و كذلك التكوينات الشبابية و النسائية المتحرّكة في الحقل السياسي، و التشكيلات المهنية الخافت صوتُها حاليا، و المجتمع الأهلي (القبائل و الجماعات الدينية الصوفية و السلفية)، مع حضور كاف لشرق السُودان بانقساماته، و حركات سلام منبر جُوبا.
– قوى الحُريّة و التغيير الموجودة خارج مُبادرة شيخ الطيب الجد يجب استمرار العمل على مشاركتها في هذه العملية السياسية، حتى و لو في مسار مستقل. يجب عدم النظر إلى هذا الشق من العملية السياسية كمهمة مستحيلة التحقق، إذ أنّ المطلوب هُو تخفيف حدة حالة الانقسام السياسي الراهن لأقل درجة ممكنة و بناء فضاء سياسي كبير و فاعل نسبيا.
– مطلوب، كذلك، تأمين تفاهم كاف مع القيادة العسكرية (الجيش و الدعم السريع) يؤمّن التزامها ببرنامج يؤمن تكوين حكومة مدنيين تعمل على أجندة انتقال واقعية، لفترة زمنية لا تطُول، تعمل خلالها على تحسين الأداء الاقتصادي و الأمني و الدبلوماسي (لتنشيط التحرّك لاستكمال السلام مع قُوى الاحتجاج المسلّح، و القوى الإقليمية و الدولية المنخرطة في الانشغال بالملف السُوداني لتحريك الجُمود في علاقات السودان بالحقل الخارجي)؛ و إكمال بناء هياكل تطبيق القانون؛ و تشغيل الخدمة العمومية بالحد الممكن من الفاعلية؛ و أن تُمكّن من الإعداد لانتخابات تُحظى بمشاركة كل الولايات.
– ليس ضروريا أن يكون لقاء المائدة المستديرة المقدّر انعقاده اليوم و غدا الخطوة الوحيدة التي تسبق تشكيل حكومة المدنيين. يمكن أن يتبنى لقاء المائدة المستديرة برنامج عمل يستهدف توسيع دائرة التوافق، في أجل زمني محدود، ليعقب ذلك تشكيل حكومة تتمتع بتأييد رأي عام واسع نسبيا.
محمّد محجوب هارون
١٣ أغُسطس ٢٠٢٢