:: كان القائد مارينو يقود سفينة حربية عندما أخبره جنوده باقتراب سفينة العدو، فأمرهم: (جيبو لي القميص الأحمر)، فأحضروه و لبسه، ثم أمرهم بإطلاق النار على سفينة العدو.. وبعد تدميرها، سأل الجنود قائدهم عن سر القميص الأحمر، فقال: (خفت أن أُصاب و يسيل دمي، فتخافوا و تنهاروا أمام العدو، ولكن اللون الأحمر يستر لون الدم)، فاستوعب الجنود الدرس.. وبعد ساعات، عادوا إلى قائدهم وأخبروه بأن غواصة العدو تقترب، فأمرهم: (جيبوا لي السروال البُني)..!!
:: ومبادرة الطيب الجد التي يتخفى بها البعض محض (قميص أحمر).. قد تستر دماء إصاباتهم وجراحاتهم في معركة اليوم بحيث لا يرى الخصم أحوالهم، ولكنها ليست سلاحاً قوياً وفاعلاً لحد تدمير سفينة العدو وحسم الحرب لصالحهم، أو كما يتوهمون..وما لم يستخدم صُناع المبادرة الأسلحة السياسية ذات الأهداف الشعبية، بدلاً عن ملابس مراد بها إخفاء أحوالهم عن خصومهم، فإن لسان حالهم سوف يطلب في المعارك القادمة (السروال البني)..!!
:: وكما ذكرت في زاوية سابقة، فإن مبادرة الطيب الجد لن تضيف مكسباً لمن يسعى إلى (مكاسب جديدة)، بدليل أن معرفة طبيعة المحتشدين في القاعة منذ الأمس ليست بحاجة إلى مثقال ذرة من ذكاء، إذ هي ذات الأحزاب والحركات والزعامات الدينية والأهلية والشخصيات المؤيدة لتصحيح المسار الذي وعد به البرهان وعجز عنه، فما – ومن – الجديد فيهم؟.. لا أحد، لا حزب، لا جماعة.. ونجاح أي مبادرة فقط في قدرتها على إقناع الفرقاء بالحوار مع بعض، وهذا ما لم يستطع الخليفة إليه سبيلاً..!!
:: وناهيكم عن مكاسب جديدة، بل خسر من يلبسون ثياب المبادرة بعض مكاسب ما بعد 25 أكتوبر.. نعم، ليس فقط نشطاء المجلس المركزي لقوى الحرية، ولا الحزب الشيوعي فحسب، بل هناك آخرين – من ذات التحالف المُبادر – أداروا ظهورهم للمبادرة، و أطلقوا فيها (نيران صديقة).. وعلى سبيل المثال؛ عندما يتساءل نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو عن أهداف المبادرة ومن يقف وراءها، فهذا التساؤل ليس عن جهل، ولكن تجاهلاً.. وكذلك قوى الحرية التوافق الوطني، فهي غير راضية عما يحدث، ولم تشارك فيه؛ و تترقب النتائج لتتكلم بوضوح..!!
:: وهكذا.. تخصم مبادرة الخليفة – من صُناعها – بعض مكاسب (25 أكتوبر)، وتُصيب الشعب بالمزيد من الملل و الإحباط ؛ وهذا هو الخصم الأكبر.. و ليس في الخصم ما يدهش، فحين تكون المبادرة بلا رؤية، فلا تتوقع غير الخسائر.. بعد 25 أكتوبر، كان المرتجى تصحيح مسار الثورة بالانتقال من دولة النشطاء إلى دولة المؤسسات بحكومة كفاءات، ثم المضي نحو الانتخابات باستقامة، بدلاً عن اللف والدوران لإعادة إنتاج نظام مغضوب عليه..وكما أخطأ بالسير سابقاً على خطى النشطاء، يخطئ البرهان أيضاً لو سار على خطى الدراويش، هناك طريق رائع معبد بصناديق الاقتراع، وما خاب – ولا يطلب السروال البني – من سار عليه..!!
Alyoumaltali.net