المونتير الأمريكية: جون قودفيري.. متطلبات سودانية ومطلوبات أمريكية

قالت صحيفة المونتير الأمريكية إن الولايات المتحدة ان السفير الأول للسودان منذ 25 عاماً جون قودفيري وصل الى السودان ويمتلك خبرة في المنطقة ويأمل في دعم الجهود المبذولة لإعادة السودان إلى انتقال ديمقراطي.
تموضع إقليمى
ووفقاً للصحيفة أكمل مجلس الشيوخ الأمريكي في 14 يوليو إجراءات تعيين، جون قودفيري، وهو عضو في الخدمة الخارجية في البلاد كسفير جديد في السودان، وسيصبح قودفري، الذي من المتوقع أن يستلم منصبه في الخرطوم قريباً جداً أول سفير أمريكي في السودان منذ 25 عاماً.
ويتمتع قودفيري بخبرة واسعة في منطقة الشرق الأوسط حيث شغل سابقاً العديد من المناصب في السفارة الأمريكية في الرياض بالمملكة العربية السعودية، بما في ذلك نائب رئيس البعثة والمستشار السياسي بالإنابة، كما شغل منصب نائب المستشار السياسي في السفارة الأمريكية في بغداد عاصمة العراق، وكان متمركزاً سابقاً في مهمة الولايات المتحدة في ليبيا.
حرب الإرهاب
وفي شهادة الكفاءة الخاصة به، كانت وزارة الخارجية تقدر في المقام الأول خبرته في المسائل الأمنية، بالنظر إلى أنه من قبل أن يتولى منصب السفير في السودان خدم قودفيري كمنسق لمكافحة الإرهاب ومبعوث خاص للائتلاف العالمي لهزيمة داعش (الدولة الإسلامية) في مكتب مكافحة الإرهاب التابع للوزارة.
وقالت إن قدرته الواضحة على العمل بفعالية عبر خطوط بين الوكالات حول قضايا مكافحة الإرهاب المعقدة، ومعرفته بأفريقيا والشرق الأوسط، وتجربته كقائد في هذا المجال – بما في ذلك في البيئات الأمنية الصعبة -تجعله مرشحاً ومؤهلاً جيداً ليكون السفير الأمريكي الى السودان.
توقيت مفصلي
ووفقاً للصحيفة يأتي تأكيد قودفري في وقت حساس بشكل خاص للسودان. منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي، الذي وضع حداً للانتقال الديمقراطي الهش الذي بدأته البلاد قبل عامين حيث انزلاق السودان إلى عدم الاستقرار السياسي الكبير يميز سياق البلاد أيضاً بأزمة اقتصادية عميقة وزيادة مستويات العنف في المناطق الطرفية.
ولفتت الصحيفة إلى الولايات المتحدة أدانت في البداية الاستحواذ العسكري في السودان وجمدت ملايين الدولارات كمساعدات كوسيلة للضغط على الجنرالات، ولكن في الأشهر الأخيرة، على الرغم من الموافقة على بعض العقوبات المستهدفة، فإن الفائدة التي جنتها واشنطن قد تقلصت بشكل ملحوظ، وعلى المستوى السياسي، فقد حصرت نفسها بشكل أساسي لدعم عمليات الحوار التي أطلقتها بعثة الأمم المتحدة في السودان والتي لم تنطلق حتى الآن وهي المفاوضات التي تم رفضها على نطاق واسع لسيطرة النخبة عليها وتواصلها مع قادة الانقلاب.
أسئلة ضخمة
ويقول الباحث بمركز الراسات الاستراتيجية والدولية والدبلوماسي الأمريكي السابق كميرون هدسون للصحيفة: يأتي التأكيد في وقت حرج للغاية في تطور السودان وانتقاله وذلك أن السفير سيصل في لحظة انطلق فيها الانتقال، وهناك سؤال حقيقي حول ما إذا كان سيعود إلى المسار الصحيح أم لا، وما إذا كان السودان سيواصل التطور السياسي الذي بدأ في عام 2019 مع إزالة الديكتاتور السابق عمر البشير
ويضيف هناك أسئلة ضخمة حول المستقبل السياسي للسودان، ولكن نظراً لوجود هذه الأسئلة، هناك أيضاً فرص حقيقية لواشنطن وسفير أمريكي جديد لإحداث تغيير حقيقي على الأرض في هذه اللحظة.
وتمضي الصحيفة قائلة: في كلمته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في 24 مايو، قال غودفيري إنه ليس غريباً على السودان لأنه قبل ثورة 2011 في ليبيا ضد الديكتاتور معمر القذافي، عمل في القضايا الإنسانية والسياسية المتعلقة بدارفور، في مكتب مكافحة الإرهاب، وشارك أيضاً بشكل وثيق في إلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب في أواخر عام 2020. مضيفاً أنه يرى ترشيحه كسفير أمريكي للسودان استمراراً لتلك الجهود.
وقال غودفري أيضاً إن عمله أكثر من عقدين من الخدمة في البلدان التي تم عزلها أو في مرحلة انتقالية خلال الأوقات الصعبة، منحه خبرة في إشراك محاورين شرسين بشأن القضايا التي كانوا يفضلون تحاشيها في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى المشاركة في مفاوضات رفيعة المستوى حول القضايا الشائكة.
أولويات دبلوماسية
وبالنسبة للسودان على وجه الخصوص، اعتبر غودفري أن البلاد تواجه خطراً كبيراً بعد الاستيلاء العسكري في أكتوبر وعدم الاتفاق على إنشاء إطار لانتقال يقوده المدنيون، والذي يعتقد أنه فاقم الوضع السياسي في البلاد وعمق الأزمات الاقتصادية والأمنية، وأضاف أن الوفاء بوعود الثورة الديمقراطية التي تم إطلاقها في السودان قبل أربع سنوات تقريباً أمر مهم للشعب السوداني، ولاستقرار منطقة البحر الحمر.
وفيما يتعلق بأولوياته، قال غودفري إن الضرورة المباشرة هي مساعدة أصحاب المصلحة السودانيين في إنشاء انتقال مستدام يقوده المدنيون والحفاظ على إجماع إقليمي ودولي على الطريق إلى الأمام، متعهداً بالعمل مع السودانيين والشركاء الآخرين لدعم هذا المسار، الذي اعتبره أيضاً عاجلاً في ضوء الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي يواجهها السودان حالياً.
نهج أمريكي
ومع ذلك، فإن المفتاح يكمن في صيغة تحقيق هذه الأهداف، وهنا يعكس قودفري يعكس الوسيلة التي تنتهجها واشنطن حتى الآن، والتي حققت نتائج قليلة ورفضت على نطاق واسع، إذ امتدح قودفري في مايو الخطة التي تقودها الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي والإيقاد والتي سرعان ما فقدت زخمها ولم تنطلق أبداً بسبب الافتقار إلى الإجماع.
ويضيف هدسون أنه ومن خلال كونه على أرض الواقع، يمكنه المساعدة في تنظيم بقية المجتمع الدولي على الأرض، ويمكنه استخدام موقف الولايات المتحدة، الذي أعتقد أنه لا يزال الممثل الأكثر نفوذاً في السودان اليوم، ويمكنه بالتأكيد استخدام هذا الموقف لمحاولة تحفيز وخلق زخم لعملية سياسية جديدة على الأرض.

شواغل أمنية
ويرى الباحث والمحلل في الشؤون السودانية جهاد ماشمون أن ملف قودفيري وشهادة كفاءة وزارة الخارجية تشير إلى أن نهج واشنطن تجاه السودان لا يزال يدور حول القضايا الأمنية.
وقال: تتعامل الولايات المتحدة دائماً مع السودان على أنه قضية أمنية تتعلق بالإرهاب، وخاصة في الشرق الأوسط وإلى حد أقل في إفريقيا، وعندما رأيت تسمية السفير الجديد يبدو أن التركيز مرة أخرى ينصب نحو الأمن

مشيراً إلى أنه لا يزال من الممكن أن ترى الولايات المتحدة السودان في إطار العلاقات الأمنية، وهذا ما يريده الجيش.
وأضاف ماشامون أيضاً أنه ينبغي أن نرى ما العلاقة التي سيتمكن قودفيري من تأسيسها مع جنرالات الانقلاب، بالنظر إلى أنهم لم يظهروا سوى القليل من الاهتمام لكبار المسؤولين الأمريكيين من قبل، ففي الماضي قام الجيش بخداع المبعوث الأمريكي إلى قرن إفريقيا، جيفري فليدمان والذي كان في مكتب زعيم الانقلاب عبد الفتاح البرهان في أكتوبر الماضي وعندما غادر على متن طائرة قام البرهان بالانقلاب.
وخلص هدسون، الى أنه من الضروري أن يكون هناك سفير على أرض الواقع لكنه غير كافٍ، يجب أن يكون مدعوماً بسياسة، واستراتيجية ومشاركة رفيعة المستوى من الإدارة في واشنطن، وقال: لم نر ذلك في السودان تحت إدارة بايدن.

Comments (0)
Add Comment