الأزمة السودانية .. صراع سلطوي ام مخاض ديمقراطي ؟

بعد الإجراءات التي قام بها قائد الجيش البرهان، يعيش السودان حالة صراع بين مكوناته السياسية والمدنية وحالة استقطاب حاد يهدد بقاء الدولة السودانية، حيث أصبح المشهد السوداني ملبداً بغيوم كثيفة حجبت الرؤية للخروج من حالة الانسداد في أفق الحل، بعد أن انتهى الصراع من إسقاط البشير أصبح الآن الصراع في كيفية من يحكم وكيفية الانتقال إلى التحول الديمقراطي!؟
يرى بعض من المراقبين والقوى السياسية يجب أن يتوافق الجميع حول رؤية موحدة للخروج من هذا النفق، عبر مبادرات عدة كان أبرزها مبادرة الآلية الثلاثية بقيادة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، بالمقابل ترى أطرافاً من بعض القوى السياسية يجب الحل في ان تقود بعض الأحزاب وقوى الثورة الحية عملية التحول المدني الديمقراطي خلال الفترة الانتقالية ب…

تفويض شعبي

وصف نائب رئيس حزب الأمة الفريق صديق محمد إسماعيل؛ في حديثه لـ(اليوم التالي ) الأزمة السودانية الماثلة الآن هي تطلعات غير مشروعة لبعض العناصر التي تتصدر المشهد السياسي وخلقت واقعاً يتقاطع مع الوثيقة الدستورية التي كانت تشكل المرجعية الأساسية لإدارة الفترة الانتقالية، تابع.. لذلك من جانبنا.. لاخيار لتجاوز ما يدور إلا بالرجوع إلى الوثيقة الدستورية بما فيها من عيوب؛ وتتم معالجتها بما يتوافق عليه الجميع بماهو مناسب، يسمى.. إعلان دستوري جديد اوغيره من الأسماء لاستكمال ماافتقدته الوثيقة سابقاً؛َ وإن ما نشهده سيكون قفزة في الظلام ليس لديه نتيجة، وزاد.. لابد من القوى السياسية جميعها أن تعلن موقفاً واضحاً في الرغبة في إدارة الفترة الانتقالية والسلطة والرغبة الجادة في الاتجاه والذهاب للإعداد للانتخابات.

اضطراب غير مسبوق
في ذات السياق؛ يقول القيادي بحزب المؤتمر الشعبي، المحامي كمال عمر لـ(اليوم التالي ) إن انسداد الأفق السياسي والصراع بين القوى السياسية التي تريد أن تذهب إلى السلطة في أسرع وقت، تابع.. توجد مجموعة متقربة من العسكر يحركهم العسكر كيف ماشاءوا، وتوجد فلول يشتهون السلطة؛ (30) عاماً لم تكفهم الآن يتصارعون بواجهات مختلفة، وتوجد قوى ثورة ترى أنها الأحق بالحكم، كما أن هنالك مجموعات قبلية الآن تصحو وتنوم على حساب الوطن الواحد، و إثارة نعرات قبلية قديمة. وزاد.. الآن الانتماء إلى السودان في الطرح السياسي مدخله القبيلة والجهوية و القوى المسلحة، ما يعني أن هنالك اضطراباً غير مسبوق في المشهد السياسي، لافتاً إلى أن السودان ضعيف منذ الاستقلال في بنيته الواحدة، و لم يعرف الحكم الفدرالي والحكم الراشد ذاهب من انقلاب إلى آخر .

مخاض ديمقراطي
بدوره قال المحلل السياسي، اللواء متقاعد محمد عجيب، في إفاداته لـ(اليوم التالي) إن الفرضية المرجحة تسير في اتجاه تشكيل حكومة تصريف أعمال؛ تعقبها انتخابات عامة وفقاً لمطلوبات ومسار التحول الديمقراطي، وأضاف.. ان فكرة الديمقراطية ومفهومها الليبرالي تاريخها في السودان غير مشرف، ولم تحظ بقبول من المحكومين أو حتى الحاكمين أنفسهم كانوا غير راضين عنها، سرعان ما يستولون على السلطة يضيقون بها ذرعاََ وينحرفون بمساراتها إلى مآلات تنتهي بالدائرة السودانية المفرغة : انقلاب ثم ديمقراطية ثم ثورة شعبية. تابع.. لا أجزم أن تكون هنالك ديمقراطية مثالية؛ لكن يمكن أن تأتي انتخابات جيدة لممارسة الديمقراطية وذلك لأسباب كثيرة منها : رتفاع الوعي، الآن يوجد أجيال من الشباب غير الأجيال التي عاصرت تلك الديمقراطيات السابقة، وزاد.. قد تكون الفرصة طيبة أمام القوى وليس انسداد أفق حل، بل بداية مخاض التحول إلى الديمقراطية الذي قد يشهد آلام المخاض، وقد يجد لاعبين كثر أنفسهم خارج الملعب السياسي، وهنالك من يتحول على حسب ما تقتضيه الحالة السياسية؛ كما أناس من بعض القوى يتحورون مع مصالحهم الحزبية، وأضاف.. هذا الزلزال سوف يحدث هزات كبيرة تتغير فيها المواقع والمواقف وتصريحات هنا وهناك، وقال : أتوقع أن يكون في هذا خير كثير للبلد، تابع.. من الطبيعي الكل يريد السلطة ويسعى خلفها؛ اذا كانت هذه السلطة أتت عن طريق مشروع؛ فمرحباً بها، وأضاف.. كثير من الناس مستعدون أن يقفذوا فوق السلالم وفوق الحواجز؛ للوصول للسلطة دون شرعية دستورية، وزاد..مجموعة الأربعة أحزاب هي أقرب مثال لذلك أحزاب صغيرة ليس لديها وزن سياسي؛ لم تكن ممثلة من قبل في برلمان، ولا وجود لها في تاريخ السودان السياسي؛ تريد أن يستمر الوضع هكذا والتكسب به، والسعي إلى كراسي السلطة بغير الوسائل المشروعة، ومعروفة دون انتخابات وتحول ديمقراطي دونما اختبار حقيقي عبر صندوق الانتخابات، بل بادعاءات كاذبة بحجة أن الجو غير مناسب لإقامة انتخابات، والشعب الآن غير واعٍ ومهيأ لها، ومضى قائلاً : هذا الحديث فطير عليهم ولا يستقيم مع من يطلق شعارات التحول الديمقراطي، لافتاً إلى أن البحث عن السلطة بطرق غير مشروعة هو أحلام كثير من القوى الموجودة الآن في المشهد السياسي .

Comments (0)
Add Comment