القيادي بـ(الوفاق الوطني) نور الدائم طه: نضع في الحسبان خطر مواجهات عسكرية في الخرطوم ونقرأ المشهد بوعي

إغلاق مريم والدقير هواتفهما من قادة الثورية بعد نجاح الثورة مؤشر لنية الانفراد بالسلطة
تحملنا استفزازات المركزي من وصفنا بـ(الموز) و(المتمردين) لحسابات وطنية
الوفاق الوطني لم يكن على علم بتحرك ٢٥ أكتوبر وكانت مفاجأة له
تمسك القيادي بحركة تحرير السودان نور الدائم طه عضو تحالف الحرية والتغيير الوفاق الوطني بتوازن القوى السودانية في الفترة الانتقالية محذراً من محاولة أي طرف منها الاستئثار بالمشهد السياسي مشيراً في ذات الوقت الى خيار حكومة تعد للانتخابات حال تعذر الوفاق.
وحمل طه المجلس المركزي مسؤولية ما آلت إليه البلاد من عدم الاستقرار وما يتكبده الشعب السوداني من المعاناة، واعتبر أن مكونات الحرية والتغيير ما زالت مصرة على الانفراد بالقرار الانتقالي.
وانتقد نور الدائم في حديثه لـ(اليوم التالي) موقف المجلس المركزي من اجتماع كافوري السبت الماضي، وأضاف أن أعضاء التحالف يعتبرون أنفسهم الكتلة السياسية الوحيدة الممثلة للشعب ويتعاملون مع القوى السياسية على أنهم أعضاء في تحالف الحرية والتغيير، ما وصفه بالأنانية والذاتية، وتابع: هناك قوى حية ممثلة في الأحزاب السياسية وحركات الكفاح المسلح الموقعة على السلام.. فإلى مضابط الحوار..
حوار: الطاهر ساتي
أولاً سيد طه ما إسقاطات أحداث اجتماع السبت بشأن الرباعية وانسحاب المركزي على المشهد بالبلاد؟
الوضع السياسي معقد بصورة كبيرة كانعكاس لفشل القوى السياسية، والأحزاب المكونة لتحالف الحرية والتغيير بتحملون المسؤولية فيما توصل إليه الشعب من المعاناة بسبب إصرارهم على الانفراد بالسلطه، وبسبب محاولتهم التي تحمل نوعاً من الأنانية والذاتية، وهذا ظهر في منزل السفير الأمريكي السبت الماضي، وظهروا بذات الشكل المعتاد الذي ينم عن الاستهتار والازدراء بالآخرين وأنهم الكتلة الرئيسية للشعب وباقي القوى تنظيمات أو أعضاء بتحالفهم، متجاهلين تماماً المشاركين في اللقاء من حركات تحرير السودان وأحزاب الاتحادي الديمقراطي والقوى الوطنية الكبرى، هم يريدون إبعاد كل هذه القوى ليشرعنوا وجودهم وحدهم على الساحة أمام المجتمع الدولي، هذا في حد ذاته مرفوض، محاولات الشرعنة بالتقليل من الآخرين أمام المجتمع الدولي شكل انقلابي، أما الفترة الانتقالية فهي تقوم على توازن القوى بين الأطراف كلها، بالتالي لا مجال فيه لانحياز لحزب الأمة القومي أو المؤتمر السوداني أو غيرهما.
لكنهم يقولون إنكم كنتم حلفاءهم، ثم انقلبتم عليهم وتحالفتم مع العسكر؟
لسنا متحالفين مع أي طرف، نحن جئنا بشرعيتنا كقوى كفاح مسلح وجدنا تحالفاً بين المجلس المركزي والمكون العسكري، لينقلب علينا الأخير في ٨ سبتمبر بإعلان سياسي تفاجأنا به في قاعة الصداقة، منقلبين على الإعلان السياسي في ٢٠١٩، من ثم نحن أخرجنا بياناً رفضنا فيه ما حدث واعتبرناه كما ذكرت انقلاباً على المشهد السياسي، من ثم أعلنا في ٢ أكتوبر ميثاق توحد القوى السياسية والتف حوله الأحزاب والقوى والإدارات الأهلية والمجتمع المدني، تطور الصراع بين المجموعتين إلى أن اقترح حمدوك مبادرة لتوحيد المجموعتين واقترح تكوين لجنة سداسية بـ٢ من المركزي و٢ من التوافق الوطني و٢ من المكون العسكري، ووافقنا وسلمنا الممثلين وهما رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي والدكتور جبريل إبراهيم العدل والمساواة، حمدوك قال لنا إن المركزي لن يستطيعوا اختيار شخصين من بينهم، بالتالي تأزمت الأمور لعدم مقدرتهم التمثيل في هذه اللجنة، واستمرت الأزمات حتى تدخل المكون العسكري.
هل كنتم على علم بتدخل المكون العسكري أم تفاجأتم به؟
لم نكن على علم، بل فوجئنا بهذا التدخل، المكون العسكري لديه المبررات الخاصة به كقوات نظامية تتدخل حال حدوث نوع من الانهيار السياسي، واستغل المكون ا العسكري الموقف وهو أصلاً على خلاف مع شريكه المركزي، عليه دخل الموقف في  صراعين بين المركزي والوفاق، والمركزي والجيش، الحرية والتغيير تصرفوا بغباء شديد ولم يستطيعوا الاحتفاظ بأحد الطرفين، فدخل مجلسه المركزي في خلاف مع الوفاق الوطني حول الواجهة السياسية، وخلاف مع المكون العسكري حول السلطة، نتج عنه أن العسكري استغل الصراع بيننا والمجلس المركزي، فقضى على المركزي وبقينا نحن في الساحة والحمد لله نحن حسبنا حسابات وطنية.
كانوا يأملون أن تقفوا معهم، ضد ما يسمى بالانقلاب، لكنكم ناصرتم العسكر؟
الذين يقولون إننا ناصرنا العسكر نظرتهم ضيقة وسطحية جداً للأمور، نحن لدينا قوى مسلحة والجيش كذلك لديه قوة مسلحة، تدخل الجيش مع أي طرف منا، سيقلب الأوضاع أكثر ويفضي لصراع عسكري ـ عسكري داخل الخرطوم، والخرطوم لا تتحمل أي صراع عسكري، وهذا الذي جعلنا نتحمل اتهامات المجلس المركزي التي ظل يطلقها ضدنا ويصفنا بالانقلابيين ليغطي على الصراع الدائر بينه وبيننا، فلجأ لتصفية الحسابات مع حركات الكفاح المسلح عبر الهجوم الذي فيه جانب من الروح المركزية، وما تم وصفه بـ(اعتصام الموز)، نحن نعلم أن تسمية (الموز) لمن يمثلون حركات الكفاح المسلح وغيرهم بأنهم يشبهون القرود، واستخدام مصطلحات مثل (الناس الما بتشبهنا).. كل هذه كانت إشارات، لكن نحن تحملنا لأننا نعلم أن الدفع في فاتورة الحرب أعلى، وأن البلد سيدفع أعلى وأكثر في الحرب من أن نصمت على هذه الإساءات.
الشيء الآخر نحن نرى أن هذه المجموعات المكونة للمركزي هي مجموعات فاشلة، ليست لديها آراء وأفكار وأطروحات لإدارة البلد.
نداء السودان والخلاف مع الحرية والتغيير متى بدأ؟
جاء النداء بقيادة الصادق المهدي بعد أن أعلنا نحن في (كاودا) وشكلنا الجبهة الثورية كحركات كفاح مسلح معلنين تعديل هيكلة الدولة، بعد ذلك رأينا أن ننفتح على القوى السياسية، فدعونا جميع القوى في (كمبالا) وتفاكرنا معها ثم شكلنا وثيقة الفجر الجديد الذي بني على البديل الديمقراطي وإعادة هيكلة الدولة، وعندما فكرنا في خلق إجماع وطني واجهنا خلافاً بين قوى الإجماع والمجموعة التي شكلت نداء السودان فيمن يكون رئيس المعارضة البعض تحفظ على الصادق المهدي، نحن الحركات وحزب الأمة والمؤتمر السوداني والبعث السوداني شكلنا (نداء السودان) واخترنا المهدي رئيساً، وشرعنا في دعوة القوى السياسية لإسقاط البشير، واجهنا خلافاً آخر نسقط النظام أولاً أم نحدد البديل، تم تشكيل لجنة برئاسة أمين مكي مدني ود. جبريل إبراهيم وآركو مناوي، ووضعنا (إعلان الحرية والتغيير) وذلك في ٢٠١٨، وشكلت المجموعة الأخرى (قوى الإجماع الوطني)، نحن أعلنا مناوي أميناً عاماً للنداء، وعمر الدقير مسؤول العلاقات الداخلية ومريم المهدي للعلاقات الخارجية؛ ووحدنا الجهود لإسقاط المؤتمر الوطني في الداخل والخارج وأعلنا التحالف.
_ فكرة إعلان التحالف من أين جاءت؟
جاءت منا نحن كجبهة ثورية، بدأت بالفجر الجديد ثم (إعلان باريس)، ثم وضعنا خريطة طريق ودعونا القوى السياسية في الخارج، بعضها كانت ترفض توحد من في المهجر، الحزب الشيوعي كان يرى الاجتماع في باريس رفض هذا؛ ورفض عقده في أديس، لكن في النهاية اتفق عليها، وتم تشكيل وحدة المعارضة، لكن بعد نجاح المعارضة الموحدة انقطع الاتصال بين المعارضين في الداخل والخارج، وأغلقت مريم والدقير هواتفهما وغيرا الشرائح، ولم يعد يمكن التواصل معهما إلا عبر أشخاص، وتحولا إلى ثوار بمفردهما، كان ذلك بعد بداية ثورة ديسمبر وظهور ملامح قرب سقوط النظام، مع صعوبة التواصل بدأوا التنسيق مع المكون العسكري دون الرجوع إلينا، من هنا بدأت فكرة الشراكة مع العسكر التي كنا نرفضها تماماً وأعلنا ذلك، وهذا كان موقفنا منذ البداية التحالف مع القوى المدنية وليس العسكر، هم أصروا على الشراكة، واتفقوا على تسوية بينهم وبين المكون العسكري، وأصبحنا نحن في نظرهم (متمردين) وهم (حكومة).
_ ما الذي تم بعد ذلك؟
بعد ذلك رأوا أن يقوموا بصياغة (وثيقة دستورية) وأرسلوا وفداً لمقابلتنا في أديس ونحن جبهة ثورية موحدة؛ وهم في طريقهم لتشكيل الحكومة مع المكون العسكري بعد فض الاعتصام، كأول تواصل بعد الانقطاع.
ممَّ تشكل الوفد؟
الوفد فيه إبراهيم الشيخ وآخرون، وكنا قطعنا شوطاً في التنسيق بغرض العودة إلى الخرطوم، لم نكن نفكر أننا بحاجة إلى تفاوض مع أي جهة، كنا ننوي البدء في الترتيبات الأمنية، ونشارك في الوثيقة الدشتورية لنضمنها كل قضايا الحرب والسلام، وكل القضايا المتعلقة بالأزمات ومن ثم نشكل الحكومة، لكنهم همشوا مكوناتنا الموجودة في لجنة داخل الخرطوم وأبعدوا منسوبينا تماماً من العملية السياسية، ثم شكلوا حكومتهم، وأعطوا أنفسهم (قسمة ضيزى) مع المكون العسكري.
– ما الذي اتفقتم عليه في أديس مع الوفد، وهل تم الالتزام به؟
وقتها أعطيناهم رؤية ما اتفقنا عليه حول قضايا السلام والحرب، والتزموا أمامنا أن كل هذه القضايا ستضمن في الوثيقة الدستورية، لم يتم ذلك، لم يتم تضمين مطلبنا أن يسود السلام ويقدم على غيره من الملفات والمحاور، كذلك لم يلتزموا بما اتفقنا عليه من هيكلة تحالف الحرية والتغيير نفسه وجاءوا بهيكل آخر، وتم تعيين المجلس المركزي الذي لم يكن موجوداً في الاتفاق، وانفردوا بالسلطة تماماً، وصنعوا من أنفسهم حاضنة غير شرعية للعسكر، وغير شرعية لحمدوك أيضاً، ثم تم تشكيل المجلس الأعلى للسلام من (المركزي زايد العسكري) وتم تشكيل عضوية وفد للتفاوض برئاسة حميدتي وعضوية التعايشي وكباشي وآخرين، ومن الحرية والتغيير إسماعيل التاج ومستور، وهؤلاء جميعاً جاءوا للتفاوض كحكومة برئاسة حميدتي، من جانبنا وحدنا رؤيتنا حول السلام وتفاوضنا معهم كحكومة ومعارضة، ووصلنا الى الخرطوم وفق اتفاق السلام.
سؤال مهم، لماذا ينتقد المركزي اتفاقية سلام جوبا وهم أصلاً من وضعوها؟
هذا ما يحير في السامع، هم من شكلوا الوفد التفاوضي من البداية للنهاية، حتى حميدتي نفسه لم يكن باستطاعته اتخاذ أي قرار إلا بعد الرجوع للمجلس الأعلى الذي يضم السنهوري والدقير ومريم الصادق، وكل قيادات المركزي وتمت إجازة الاتفاقية ومباركتها من قبل الحرية والتغيير وأجيزت من داخل المجلس الأعلى للسلام، لذلك الحديث عن تحفظ أو رفض من قبل المركزي على تفافية جوبا للسلام مزايدات وتضليل للشعب السوداني.
ماذا عن الاستحقاقات بعد ذلك؟
لم تسر على النحو المطلوب كما هو الحال مع كل ما يدخل فيه المركزي، مثلاً نحن تحدثنا فيما يخص السلطة والثروة عن توزيعات بحسب الكم السكاني، البعض يتحدث عن أن ما تحقق للأقاليم كان اتفاقية السلام أكثر من استحقاقاتها، هذا ليس صحيحاً، بل ما تم أقل من الذي هو مفترض أن يكون، بحسب الإحصاءات إقليم دارفور يمثل ٣٥% من سكان السودان، وهي نسبة تمثيله في مجلس الوزراء، تحقق منها حتى الآن ٢١% فقط، ولم يدفع لدارفور حتى الآن (تعريفة) واحدة من مستحقاتها الـ٤٠% من الأموال المخصصة للاتفاقية.
بدأنا بتعقيد المشهد، ونختم برؤيتكم لتجاوز التعقيد؟
نتمسك نحن بحركة تحرير السودان والتحالف الوفاق الوطني بتوازن القوى السودانية في الفترة الانتقالية ونحذر من محاولة أي طرف منها الاستئثار بالمشهد السياسي. وفي ذات الوقت لا نستبعد لخيار حكومة تعد للانتخابات حال تعذر الوفاق، ونحن نحمل المجلس المركزي مسؤولية ما آلت إليه البلاد من عدم الاستقرار وما يتكبده الشعب السوداني من المعاناة، مكونات الحرية والتغيير ما زالت مصرة على الانفراد بالقرار الانتقالي. وموقف المجلس المركزي من اجتماع كافوري السبت الماضي، دليل على ما قلناه إن أعضاء التحالف يعتبرون أنفسهم الكتلة السياسية الوحيدة الممثلة للشعب ويتعاملون مع القوى السياسية على أنهم أعضاء في تحالف الحرية والتغيير، ما يدل على الأنانية والذاتية، هناك قوى حية ممثلة في الأحزاب السياسية وحركات الكفاح المسلح الموقعة على السلام.

Comments (0)
Add Comment