الطاهر ساتي يكتب (قطر الصعيد)

:: بالشمالية تم تأجيل بداية العام الدراسي للثاني من أكتوبر، وبالجزيرة أيضاً تم التأجيل لأجل غير مسمى، و.. و.. هناك ولايات لم تعلن التأجيل بعد.. وليس هذا التأجيل بالجديد على التلاميذ وأسرهم، فالشاهد أن حال التقويم الدراسي في بلادنا مثل (قطر الصعيد)، أي يتوقف قبل أن تشعر الناس بسيره، وكذلك لا يختلف عن (جُبة الدروييش)، أي يضج بالثقوب والترقيع.. ومنذ عهد البشير، ثم حمدوك والبرهان، لم يحدث إكمال عام دراسي بلا تأجيل وأو تعطيل..!!

:: وكالعهد بهم دائماً عند كل خريف، يزعمون أن السيول والأمطار هي سبب التأجيل، بيد أن الحقيقة هي (سوء التخطيط).. لقد كلّت شرطة الدفاع المدني وملّت وهي تطالب السلطات بالخرطوم والأقاليم بمراجعة (التقويم الدراسي)، وكثيراً ما نبهت بأن بداية العام الدراسي في الخريف (غير مناسبة)، وأن المدارس من أكثر الأماكن التي تتجمع فيها مياه الأمطار بكميات كبيرة، وأن تجفيف المياه يستغرق الوقت والجهد، و.. و.. لا حياة لمن تطالب وتناشد..!!

:: فالمياه تتجمع في الحيشان وحول الفصول لحد تحويل المدارس إلى بؤر مخاطر.. ومن فواجع خريف العام قبل الفائت، وفاة طالبات تحت أنقاض جدار مدرسة أساس بأمدرمان، ثم نجاة تلاميذ إحدى مدارس الخرطوم بحري بعد انهيار عرش الفصل على رؤوسهم، حيث نجحت معلمة في إجلاء الصغار من تحت الركام.. وعندما انهارت الفصول – ليلاً – بالنهود والفاشر ومناطق أخرى، كان التلاميذ في بيوتهم، ولو كانوا في المدارس لكانوا في عداد الموتى..!!

:: بعد الثورة، نجحت وزارة التربية في تعديل السلم التعليمي إلى (6/3/3)، وكذلك عدّلت بداية العام الدراسي، ولكن التعديل لم يتجاوز فصل الخريف ومخاطره.. نعم، فمن الغرائب التي لم تجد لها العقول تبريراً منطقياً هو تزامن بداية العام الدراسي مع الخريف.. والمدهش، سنوياً يتحدثون عن تغيير عن هذا الموعد، ولكنهم يتناسون، ثم يقررون بأن تكون بداية العام الدراسي مع بداية مخاطر السيول والأمطار.. وفي خريف عام، وفي ذات تعطيل، قال وزيرهم: (تأجيل العام الدراسي بسبب الأمطار والسيول ليس بالأمر المزُعج)..!!

:: هكذا تحدّث بمنتهى (اللامبالاة).. وناهيكم عن تأجيل أسبوع أو ثلاثة، فإن خصم يوم من التقويم يؤثر على تحصيل الطالب، لأن هناك علاقة بين أيام العام الدراسي وحجم التحصيل الأكاديمي، هذا في أن يكون التعليم بالتخطيط العلمي والمهني، وليس بطريقة (مشطوها بي قملها)، أو كما يقول المثل في مقامات (الكلفتة)..على كل حال، لحين تأهيل المدارس والطرق وكل البنية التحتية (المنهارة)، ولحين تقوية الحُكم اللامركزي، بحيث يستقل كل إقليم بتقويمه الدراسي، نأمل أن تراجع سلطات التعليم موعد انطلاق العام الدراسي، بحيث ينطلق ليستمر، لا ليتوقف..!!

Comments (0)
Add Comment