الحقوا التعليم يا هؤلاء

د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
تضاعفت تكاليف التعليم على مستويي التعليم العام والعالي عشرات المرات، بسبب موجة التضخم المرتفعة التي تجتاح البلاد، فأصبح الآباء وأولياء الأمور عاجزين عن سداد المبالغ المليونية التي تطالبهم بها مدارس التعليم الخاص والجامعات. في حين تشكو المدارس والجامعات الحكومية من تردي البيئة التعليمية وبيئة السكن الجامعي، وهروب الأساتذة المؤهلين الى خارج البلاد.
مرت الآن قرابة الثلاث سنوات على عدم الاستقرار الذي لازم العملية التعليمية، طلاب الجامعات الذين دخلوا للسنة الأولى الجامعية في 2019 تجمد وضعهم في السنة الأولى عامان على الأقل، وطلاب المدارس لم تنتظم أيام التقويم الدراسي لديهم، فلم تستكمل المناهج الدراسية لعدة سنوات، بعض الطلاب الذين قام أولياء أمورهم بنقلهم لمدارس في دول أخرى، مثل مصر، اضطروا لإعادة العام الدراسي، لأنهم في اختبارات القبول يجدون مستواهم بعيد جداً عن نظرائهم من الدولة الأخرى، هذا ضياع لعمر وسنوات عزيزة لدى الشباب.
ما يضيع من سنوات جامعية ومدرسية شيء يستحيل تعويضه، وما يعتري العملية التعليمية الآن هدم للفئة العمرية التي تمثل نصف الحاضر وكل المستقبل، على ولاة الأمر في المجلس السيادي ومجلس الوزراء والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني المختلفة النظر بإمعان للتدهور الذي يعتري العملية التعليمية.
على الحكومة المركزية وحكومات الولايات رصد ميزانيات مقدرة للتعليم. التعليم الحكومي في مختلف المراحل يجب أن يعود له رونقه وبهاؤه، وأن يصبح هو الخيار الأول للأسر، بيئة تعليمية جيدة، وأساتذة مقتدرون تبذل لهم المرتبات الكافية. المجتمع الدولي يمكن أن يساعد بالمنح والمعونات في مجال التعليم، فعلى ولاة الأمور التواصل مع المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الإيسيسكو)، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الإلسكو). وفيها كلها شخصيات سودانية يمكن أن تساعد.
في ثمانينيات القرن الماضي عندما اجتاحت السيول والأمطار العنيفة مختلف بقاع السودان حدث دمار هائل للمدارس والمستشفيات، سارعت المملكة العربية السعودية الشقيقة عن طريق البنك الإسلامي للتنمية بجدة برصد ملايين الدولارات التي ساهمت في إعادة التأهيل والبناء للمرافق التي تدمرت.. التواصل مع مثل هذه المؤسسة العملاقة والخيرين في السعودية والكويت وقطر والإمارات وسلطنة عمان والبحرين يمكن أن يأتي بنتائج جيدة. خصوصاً أن المعلمين السودانيين كانوا ركيزة أساسية للتعليم في كل هذه البلدان.
وقبل هذا وذاك أدعو خريجي المدارس الثانوية والوسطى والابتدائية ممن فتح الله عليهم بالرزق الكريم أن يلتفتوا لحال المدارس التي درسوا فيها، ويقدموا لهما العون والمساعدة، ولي تجربة شخصية من خلال لجنة خريجي مدرسة محمد حسين الثانوية بأمدرمان، الكائنة بحي العرب، وهي من المدارس الثانوية العريقة، لقد أنفق خريجو هذه المدرسة حتى الآن ما لا يقل عن مائة ألف دولار على هذه المدرسة، فتمت صيانة مبانيها، كما تم تزويد فصولها بالمعينات، وتم دعم معلميها في مرتباتهم، فعاد للمدرسة رونقها الجميل، ولمثل هذا فليعمل الآخرون. والله الموفق.

Comments (0)
Add Comment