زهير السراج يكتب : ثم ضاع الأمس مِني !

مناظير الجمعة 9 سبتمبر، 2022
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com

* كانت لدينا أجمل صناعات.. اكلنا وشربنا ولبسنا منها، وحقا كنا نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، وليس مجرد كلام ولكنها الحقيقة التي عشناها زمنا طويلا.

* في اوائل القرن صنعت مزارع الراحل (معلوف) اجمل عصير مركز من البرتقال والمانجو والليمون، وكانت كل طبقات الشعب تستعمله في بيوتهم وفي افراحهم.

* وانشأ الراحل (عزيز كافوري) أكبر مزرعة للابقار الحلوب، وصنع اول معمل للحليب المبستر والزبد النقي والكريم والقشطة وغيرهم، وكانت سياراته المتعدده تصل الي جميع سكان العاصمة في بيوتهم.

* واقامت شركه (جلاتلي هانكي) اكبر مصنع للزيوت وصابون الغسيل ماركه الغزالتين، وحاكتهم شركه بيطار في الزيوت، ومن بذره القطن  صنعوا اجمل صابون فاخر للحمام ماركة جابي، برائحة الصندل واخر برائحة الورود وثالث برائحة الياسمين.

* وأنشأ (عثمان صالح) اكبر مطاحن القمح السوداني وكفَّى كل المخابز ولم ينقطع الخبز يوما واحدا في كل ارجاء السودان، وأسس (اسطفانوس) اول طواحين فاخرة في الخرطوم بحري وكانت كل البلاد ترسل غلتها لمطاحنه حتي عُرفوا بعائله الطواحين.

* وانتشرت معاصر الزيوت في كل ارجاء السودان من عصر السمسم بالطريقه اليدوية الى ان دخلت الميكنة والمصانع  الحديثة، وكان السودان من اكبر مصدري الزيوت. بداها آل البربري في بورتسودان لتسهيل تصديرها لمصر والخليج وساحل شرق افريقيا.

* واقام العم (سعد) مصنع حديثا للحلويات في الخرطوم، وصنع اجمل طحنية من السمسم السوداني المشبع بالزيوت النقية، وصنع احلى الشيكولاتات وبسكويت كوكو (ويفر) وغلَّف حلوياته باجمل الأغلفة والعلب الملونة التي فاقت المستوردة، وحاكاه مصنع (كريكاب) ثم تنافست المصانع وتطورت، ولا ننسى كراتين حلوى المولد التي كانت فيها ارقى وانظف تشكيلة من الحلويات.

* وأسس الخواجة (جوليكيان) اول مصنع للادوات المنزلية من الصاج المطلي بالوان زاهية وصنع من الالمونية اجمل الاباريق والحلل والصحون.  واقام (اولاد مراد) مصنعا للعطور وصنعوا الكولونيا من انتاج النبوش الفرنسية وبنت السودان التي لا زال الشعب السوداني يستعملها في كل المناسبات.

* أما صناعة النسيج فلقد بدأت منذ اوائل القرن الماضي، وصنع الاقباط النقادة اول مناسج يدوية، وانتجوا اجود (القنجات) من القطن السوداني وصنعوا منه اثواب النساء وجلاليب الرجال واجمل الشال المزخرف، وحتي الانجليز فصلوا منه (البردلوبات) و(الجاكتات) والشورتات، ثم قامت المصانع الحديثه واول مصنع أقامته شركة امريكية وانتجت الدبلان والدمورية وكفت كل الشعب من هذه السلعة، وازدهرت الصناعة في السبعينيات وانتشرت المصانع في الحصاحيصا ومدني وشندي، وصنع الراحل (كمال الدين) اجود  الاثواب من القطن السوداني، وأسس الراحل (خليل عثمان) اكبر مصنع للغزل والنسيج، واكتفى السودان من النسيج وكان على وشك التصدير لولا الاهمال الفظيع الذي وجدته الزراعة والصناعة في حقبة التسعينيات وما تلاها.

* في الستينيات تأسست الصناعات الغذائية الراقية وتعليب الخضروت وتجفيف الألبان ..إلخ، واصبح السودان من عمالقة التصنيع الغذائي في افريقيا، وفي السبعينيات إزدهرت صناعة السكر ومنتجاته مثل الكحول الطبي والصناعي والعسل الاسود!

* ظهرت المطابع في وقت مبكر من القرن العشرين وأسس (مكاركوديل) اول مطبعة بذت مطابع مصر ولبنان، وفي مجال الاعلام والانتاج الفني والدرامي كانت شركة السودان للتمثيل والموسيقى التى تأسست في منتصف الاربعينيات واستوردت أول أستوديو للإنتاج الفني والدرامي في بداية الستينيات كان مجهزا باحدث التقنيات التى لا يوجد مثلها في البلاد حتى الآن!

* بالنسبة للعطور وادوات التجميل، اقام الدكتور (وليم لوقا)  مصنعا فاخرا في حلة القوز، وانتج الشامبو الفاخر وكريم نيفيا والعطور الجميلة، وأنشأ (اولاد حداد) مصنعا حديثا بجواره وصنعوا اجمل العطور الفرنسية والالمانية وكريمات  السيدات من انتاج لوريال الفرنسيه وكلونيا 4711 الالمانية واصباغ الشعر انتاج لوريال العالمية، ولم ينسوا لوازم المنازل فصنعوا الصابون السايل (مستر برايت) ومبيد الحشرات (بيف باف) وايضا المعقمات لنظافه الارضيات (بيانول).

* واقام (السلمابي) بالشراكة مع (حجَّار) اكبر مصنع للورق المقوى والكرتون والعلب، وفر قدراً هائلا من العملات الاجنبية، وأنشا (ادريس الهادي) اكبر مصنع لاصابع اللحام، كان يغطي السوق المحلي ويُصدِّر الي الهند وانجلترا.

* هذا على سبيل المثال فقط لا الحصر، وكان السودان مكتفيا ذاتيا من كل ذلك، ولا يحتاج إلا لاستيراد اصناف قليلة ومعدات ثقيلة محتكرة للدول الكبرى !

ثم ضاع الامس مني
وانطوت في القلب حسرة
https://www.facebook.com/profile.php?id=100063801450334
(مكرم  ميلاد سلامة) ..

Comments (0)
Add Comment