حينما كان نائب الرئيس يصرخ في وجه زعماء قبيلة محذراً.. وينذر في مكان أن من يخالف تعليمات جمع السلاح سيكون مصيره القتل.. كان الوالي أحمد هارون بصوته الهادي يخطب في زعماء قبائل كردفان.. شكرهم على أن بندقيتهم قد حمت ولايتهم.. وأن تكاتفهم جعل ولاية شمال كردفان خالية من التمرد المسلح.. بذات المودة طلب منهم أن يردوا السلاح إلى المخازن، وإن حدث السيناريو السيئ سيعيد لهم سلاحهم.
قبل أربع سنوات كان ذات الوالي يقود مفاوضات صعبة مع شركة طيران خاصة بالخرطوم.. أقنعهم أنه سيشتري في كل رحلة عشرين مقعداً ليساعدهم في تسويق الفكرة.. بعد ثلاثة أشهر كان مدير الشركة يوقف مكرمة الوالي لأن خط الخرطوم الأبيض صار واعداً.. في يوم الناس هذا هنالك ثلاث رحلات يومياً إلى مدينة الأبيض.. وشركة طيران ثالثة تبحث عن مسرب إلى الأبيض.
في خور أبوحبل كان الفدان ينتج ٣ قناطير من السمسم.. الوالي يقنع رجل الأعمال وجدي ميرغني أن يجرب حظه بثلاثة آلاف فدان.. مزرعة وجدي تنتج ١٨ قنطاراً، وأعين المزارعين تتسع دهشة.. وجدي هذا العام يزرع ستة أضعاف ما زرعه سابقاً.. ثم يدخل ذات الرجل مع الولاية وشركة أخرى رائدة في شراكة رأسمالها مائة وخمسين مليون يورو.
معجزة هارون أخي في المياه.. كانت الأبيض تنتج إثني عشر ألف متر من المياه (يومياً) فيما حاجتها فوق الأربعين ألفاً.. المواطنون يصرخون والأفندية ينظرون أن الحل في مياه بحر أبيض البعيدة.. في أربع سنوات كان الوالي، ومن مصادر المياه الجوفية، وما يحصده من أمطار الخريف ينتج ثمانين ألف متر من المياه. كل.. الشبكة القديمة لا تحتمل جهد الوالي فتنفجر فيشرع في بناء أخرى.
في تقديري أن أحمد هارون نجح في امتحان الولاية، لأنه استند على شعبه.. يأكل طعامه كسائر أهل الولاية.. يشجع الهلال ويدعم المريخ.. ويغني من وراء بلوم كردفان.. ثم يصلي الصبح بالمسجد العتيق.. اقترب هارون من عامة الناس، فانخرطوا في مشروع نفير النهضة.. ساس الأهالي بحب ومودة فكانوا نعم العون والسند.
بصراحة.. بعد أن قضيت ثلاث ليال في مرابع كردفان زاد معدل الأمل في دواخلي.. لو كنت من ولاة الأمر لصممت دورة حتمية لكل شاغلي المناصب العامة يكون مسرحها عروس الرمال.. تجربة هارون جديرة بالدراسة.