أثار رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة السودانية، العقيد إبراهيم الحوري، الجدل في السودان، بعد نشره مقالا ألمح فيه إلى اقتراب “ساعة الصفر”، فيما وصفه محللون بأنه تهديد ليس بمحله، وناتج عن انفعالات.
وقال الحوري إن “الجيش لديه ساعة صفر يحتفظ من خلالها بالقرارات التي تلبي أشواق وطموحات السودانيين التي تتوق لحكومة وطنية بفترة انتقالية تمهد لانتخابات يقول فيها الشعب كلمته”.
وأضاف الحوري في كلمة افتتاحية صحيفة الجيش السوداني: “ساعة الصفر ميقات زماني قادم لا محالة، إذا كان منهج القوى السياسية ما زال محفوفا بسلوك الغبينة (…) والتطاول على القوات المسلحة، ونسيان وتناسي هموم المواطن، وتأجيج الفتن لتأليب الرأي العام على ثوابت البلاد ومقدراتها”.
وأوضح أن “ساعة الصفر” تعبر عن قرارات لا تنقصها الجرأة أو الحكمة المعمول بها في منهج الجيش “الذي ما زال ينتظر أن تعود الأحزاب لرشدها وتعلن توحدها وتقدم ما هو ملموس وعملي في مستقبل حكم السودان (…) فالاستعداد للحرب يمنع الحرب ويحقق السلام”.
ليس بمحله
وتعليقا على مقال الحوري، قال اللواء أمين مجذوب، الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي، إن “العقيد إبراهيم الحوري لا يمثل القوات المسلحة، وهو رئيس تحرير صحيفة متخصصة مهنية، وللقوات المسلحة ناطق رسمي باسمها”.
وأضاف مجذوب في حديثه لموقع “الحرة” أن “هذا الحديث جاء في سياق تعليق من رئيس التحرير على المشاورات السياسية التي لم تصل إلى حل حتى الآن للأزمة السياسية”.
وتابع: “أعتقد أن حديثه فيه كثير من الانفعال ومسألة ساعة الصفر، أو التهديد بتدخل القوات المسلحة هو أمر ليس في محله، وربما يعتذر عنه في الأيام المقبلة، وعلى الصحيفة أن تتحدث بمهنية ولا تتدخل بالسياسة”.
بدوره قال المحلل السياسي، الرشيد إبراهيم إن “ساعة الصفر هو عنوان لمقال بجريدة، وهو مصطلح موجود في الأدبيات العسكرية”.
وأضاف إبراهيم في حديثه لموقع “الحرة” أن “ساعة الصفر لا يعلن عنها في الصحف، وترتبط بالانقلابات العسكرية (…) وانسحاب القوات المسلحة من المشهد السياسي مشروط بقدرة القوى المدنية على التوافق”.
وطالب الحوري، القوى المدنية أن توحد صفها، لتكوين حكومتها بمطلق الحرية، مضيفا: “أما إذا لم تواكب ضخامة المسؤولية وحساسية المرحلة وتصلح من شأنها وتتستر على فشلها بدعاوى هيكلة القوات المسلحة، فإن الجيش عندها وباعتباره الشريك الأساسي في الثورة والتغيير مع شعبه لن ينتظر أحزابا لا يجمعها التوافق على حد أدنى من برنامج وطني متفق”.
وفي يوليو الماضي، أعلن قائد الجيش في السودان، عبد الفتاح البرهان، حل مجلس السيادة، وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من الجيش والدعم السريع، بعد تشكيل حكومة تنفيذية.
وقبيل ذلك، مارست الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومجموعة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية (إيغاد) عبر ما يعرف باسم “الآلية الثلاثية”، ضغوطا لإجراء حوار مباشر بين العسكريين والمدنيين. إلا أن كتل المعارضة الرئيسية، مثل قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة، رفضت خوض هذا الحوار.
وقال المحلل السياسي، عمسيب عوض، إن “الحديث عن ساعة الصفر لن يكون أبعد من إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، التي تم خلالها إبعاد كل القوى السياسية من المشهد السياسي في السودان”.
وأضاف عوض في حديثه لموقع “الحرة” أن “القوات المسلحة استأثرت بالمشهد السياسي، بالإضافة إلى عدد من الفصائل السياسية المتفقة معها، ولا أعتقد أن تكون ساعة الصفر أبعد من ذلك”.
وتساءل “هل بعد إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر تم تلبية تطلعات وأشواق الشعب السوداني؟ وهل هناك نية واضحة للقوات المسلحة في إجراء انتخابات حرة ونزيهة في الوقت الحالي؟ وهل هناك إجراءات تصحيحية حقيقية على المشهد السياسي؟” (…) لا أعتقد ذلك والأمور تسير من تعقيد إلى آخر”.