قال تقريرٌ صادرٌ عن منظمة ألمانية إن اتفاق جوبا للسلام بين الحركات المسلحة والحكومة السودانية لم يهدئ الوضع بل أنشأ بدلًا عن ذلك تحالفات جديدة بين الجماعات المسلحة وقوات الأمن بعد عقود من التهميش، مشيرًا إلى أنهم يعملون على تقويض إمكانية عودة البلاد إلى التحول الديمقراطي.
وأوضح التقرير الذي اطلع عليه “الترا سودان” أن انعدام الأمن في دارفور يمكن أن يتصاعد ويسهم في زيادة زعزعة الاستقرار في البلاد. وحثّ المانحين الدوليين على الضغط على قادة الحركات المسلحة للتخلي عن السلطة، وطالب المانحين -في الوقت نفسه- بالترويج بـ”حكمة” لمشاريع تعزيز السلام في دارفور.
وأشار التقرير إلى أن قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع “شبه العسكرية” الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي” تعهدا بتسليم السلطة إلى رئيس حكومة مدنية إذا توصلت الأحزاب السياسية والحركات الاجتماعية إلى اتفاق.
وبحسب التقرير، فالسودان لا يزال بعيدًا عن القدرة على الانتقال إلى قيادة “غير عسكرية” تتمتع بشعبية “واسعة”، ولا تزال البلاد في طي النسيان منذ انقلاب تشرين الأول/أكتوبر 2021، وتحكم قوات الأمن، ولم تعين سوى “حكومة تصريف أعمال”.
وأردف التقرير: “يعد ممثلو الجماعات المسلحة التي دعمت الانقلاب عقبة رئيسية أمام إنهاء الأزمة السياسية”، قائلًا إنهم أصبحوا جزءًا من الحكومة على مدار تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام.
ورأى التقرير إن إدراج قادة اتفاق جوبا للسلام في الحكومة لم يؤدِّ إلى تهدئة النزاعات السودانية في المناطق الطرفية من البلاد، بل أدى إلى تأجيجها كما هو الحال في كثير من الأحيان في السودان، لافتًا إلى أن العنف المسلح في المناطق الريفية “أسوأ بكثير مما يحدث في المركز السياسي في المنطقة داخل العاصمة وحولها”.
وتابع التقرير: “بينما قُتل نحو (120) شخصًا في الخرطوم منذ الانقلاب على يد قوات الأمن خلال المظاهرات، قُتل نحو (10) أضعاف عدد القتلى في الهجمات والمواجهات المسلحة خارج العاصمة خلال نفس الفترة – وأبرزها في ولايات غرب دارفور الخمس”.
ونوّه التقرير بمحاولات الحكومة السودانية نزع “الطابع السياسي” عن العنف في دارفور، وتصويره على أنه “صراعات قبلية بحتة”، موضحًا أن النزاعات هناك تحدث في الواقع لأسباب “معقدة”.
وقال التقرير إن الوضع السياسي “المتقلب” في الخرطوم يؤدي إلى تفاقم التوترات المحلية في الأطراف، بينما تعمل عملية السلام الخاصة بالصراعات في دارفور والمناطق الطرفية الأخرى في السودان على تغيير ميزان القوى في الخرطوم لصالح قادة الحركات الذين “لا يُعرف أنهم أصدقاء للديمقراطية” – على حد تعبير التقرير.
ورأى التقرير أنه خلال الحرب الأهلية تطور السودان إلى “سوق سياسي عسكري” تُستخدم الهجمات المسلحة فيه كأداة لأصحاب المشاريع في الصراع السياسي لإثبات وجودهم ورفع ثمن ولائهم في المفاوضات مع ممثلي الحكومة.