يرى خبراء في الاقتصاد أن انخفاض التضخم لايعني تراجعاً في الأسعار، و إنما يعني تراجعاً في الرقم القياسي للأسعار الاستهلاكية، واصفين أن ما يحدث في الأسواق إنما هو كساد اقتصادي، وقالوا: من المعلوم أن أي نسبة تضخم تفوق 8% تعتبر سيئة جداً، مع العلم أن النسبة الحالية وفقاً لجهاز الإحصاء القومي انخفضت إلى ١١٧% مقارنة بالأرقام في شهر أغسطس المنصرم، في وقت حث فيه بعض الخبراء الحكومة على وضع خطة لتحريك الاقتصاد بزيادة الإنتاج ومن ثم الصادر، وذلك في إطار بنودها في الموازنة الجديدة للخروج من حالة الركود الاقتصادي الحالية التي تسببت في جمود الاقتصاد.
حالة كساد
بينما يعتبر الخبير الاقتصادي دكتور، هيثم محمد فتحي، أن انخفاض معدل التضخم لا يعني انخفاض أسعار السلع، وقال إنما يعني انخفاض معدل زيادة الأسعار، وأوضح أن التضخم يعرف بأنه ارتفاع في الأسعار والتكلفة وما ينتج من ذلك من تدهور في القوة الشرائية للنقود، فضلاً عن أنه يتسبب في زيادة الكتلة النقدية المتداولة كما أن انخفاض معدل التضخم لا يعني بالضرورة تراجع أسعار السلع، لكنه يعني تراجعاً في الرقم القياسي لأسعار السلع الاستهلاكية، وقال د. هيثم في إفادته ل(اليوم التالي) إن المواطن يشعر بانخفاض أسعار السلع في حال زيادة دخله الشهري، واصفاً أن ما يحدث الآن يسمى حالة كساد فى الاقتصاد، وليست هي عاملاً لتعافي أو أي تحسين وإنما تدهور الوضع الاقتصادي.
انخفاض الطلب
ويشير د. هيثم إلى خطورة المرحلة مقراً بأن الاقتصاد دخل في مرحلة تدهور بدأت بالركود الاقتصادي الذي استغرق بضع سنوات، ثم جاء الركود التضخمي، والآن ما سمي بالكساد التضخمي والذي يعني أن تكون السلع متوفرة في المحال، ولدى المستوردين في مخازنهم ولايستطيع المواطن شراءها، جراء تآكل القوى الشرائية للعملة بشكل كبير، وأوضح أن ما حدث من انخفاض في التضخم جاء نتيجة لارتفاع معدل الركود في الأسواق، قياساً بأسعار الدولار إلى جانب انخفاض دخل الأسر السودانية، مما أدى إلى خفض استهلاكها اليومي من السلع الضرورية، ونوه إلى أن الاقتصاد السوداني الآن في أوج ضعفه، قائلاً : هناك عرض كبير للسلع مقابل انخفاض في الطلب.
مؤشر جيد
فيما يعتقد الخبير الاقتصادي دكتور، عادل منعم، أن التضخم يقاس بأرقام المستهلك، وقد ظلت مؤشراته متناقصة في البلاد. و تجدر الإشارة إلى أنه كلما انخفض التضخم تزايدت قوة الجنيه السوداني، وقال إن هذا مؤشر جيد؛ لأنه بلغ ٢،٩ مليار دولار مقارنة ب ٢ مليار دولار من العام الماضي، ولفت إلى أن العجز في الميزان التجاري انخفض إلى 700 مليون دولار، وهذا يعادل ثلث مبلغ الدعم الخارجي بعد ٢٥ أكتوبر مقدرة بنحو 2 إلى 5 مليارات دولار، ويعتبر د. عادل عبر حديثه ل(اليوم التالي) أن انخفاض معدل التضخم مؤشر جيد للاستقرار الاقتصادي؛ الذي انعكس على المستهلك، وتشير توقعاته إلى انخفاض مزيد في معدل التضخم مع نهاية العام نحو تقديره بأن يتراجع إلى 80%، وقال: بالتالي ربما قد يصبح مثل التضخم في تركيا، وهي دولة غنية بامتلاكها لموارد غنية، وقطع بقوله: أما من ناحية ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية فهذا الارتفاع عالمي، مشيراً إلى أنه في السابق كان حوالي 3 أرقام عشرية؛ حيث انخفضت في نهاية العام إلى خانة عشرية؛ إلى أن أصبح الرقم أحادي، وحث د. منعم الجهات المختصة بأن تدعم الصادرات لجلب العملة الحرة من خلال العمل على الاستفادة من الموارد التي تتمتع بها البلاد، وقال: هذا يحتاج إلى ترشيد الاستيراد من السلع الكمالية وغير الضرورية حتى توفر الموارد من النقد الأجنبي بغية توجه الدولة لاستيراد السلع الاستراتيجية مثل الوقود والدواء والقمح وبعض مدخلات الإنتاج للإسهام في الإنتاج المحلي، ووفقاً لما قاله منعم؛ إن الاقتصاد بصورته الراهنة لا باس عليه وقد يسير نحو الأفضل.
المرتبة الثالثة
وبحسب الخبير الاقتصادي دكتور، الفاتح عثمان، فإن إعلان الجهاز المركزي للإحصاء في السودان عن انخفاض في معدل التضخم بلغ 8 درجات، إذ انخفض التضخم من 125% إلى 117%، ما جعله يؤكد أن انخفاض معدل التضخم لا يعني انخفاض الأسعار بل يعني انخفاض معدل زيادة الأسعار، وقال عبر حديثه ل(اليوم التالي) لا زال معدل التضخم في السودان عالٍ جدأ، إذ أنه في المرتبة الثالثة عالمياً، خلف لبنان وفنزويلا ويعتبر أن أي نسبة تضخم تفوق 8% سيئة جداً للاقتصاد، فما بالك بنسبة 117%، ودعا د. الفاتح الحكومة الحالية أو أي حكومة توافق سياسي سوداني جديدة للعمل على وضع خطة لتحريك الاقتصاد وزيادة الإنتاج والصادر في الموازنة الجديدة للعام القادم وذلك للخروج من حالة الركود الاقتصادي الحالية التي تسببت في جمود الاقتصاد، مشيراً إلى إغلاق المصانع وهجرة ملايين من المواطنين السودانيين إلى مصر وتركيا وماليزيا، وأردف قائلاً : لا يعتبر انخفاض التضخم لوحده؛ خاصة إن كان لا زال مرتفعاً كما في الحالة السودانية مؤشر لتحسن الاقتصاد، بل لابد من تبني سياسات مالية ونقدية متنوعة تصب في صالح تشجبع الإنتاج والصادر، وهذا يتطلب إعادة قوية من الدولة لتصبح متوافقة – على حد قوله – كما شدد على ضرورة وضع خطط تشجيعية وتحفيزية من أجل التقدم في الإنتاج، وبحسب قوله: إن كل هذا يتطلب تغييراً كبيراً في القوانين التي تحكم مستويات الحكم الاتحادي والقوانين التي تنظم الزراعة والصناعة، بجانب إلغاء أي قوانين تعوق الصناعة والزراعة واستبدالها بقوانين وسياسات مشجعة.