خطوة أولية في الطريق لإزالة بعض التشوهات التي تواجه قطاع النقل البري برزت مؤخراً، وهي العمل بنظام مداورة البصات السفرية للولايات السودانية المختلفة، ويعتبر هذا النظام خطوة لترتيب وتنظيم قطاع البصات السفرية، لما يشكل بعداً حضارياً في قطاع النقل البري نسبة للإيجابيات التي سيعكسها على مستوى النقل عموماً، ويسهم في حسم العديد من التعقيدات التي تجابه الموانئ والمواقف البرية بحيث أن مشروع مداورة البصات يسير وفق أسس وضوابط محكمة بقوانين منصفة لانتشال قطاع النقل البري من الخسائر المتصاعدة، ويثمر نظام المداورة في تسهيل عملية تنظيم دخول وخروج البصات السفرية من الموانئ وتخفيف الضغط على الطرق القومية السريعة، كما يعمل على محاربة السوق السوداء لبيع التذاكر خارج المكاتب الرئيسية والإسهام في التقليل من استهلاك الوقود في البلاد، وكان أمس الأول، دشن وزير النقل وممثل وزارة الداخلية ورئيس الغرفة القومية للبصات السفرية والأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني والأمين العام لغرفة النقل والأمين العام لديوان الضرائب، مشروع نظام مداورة البصات السفرية، من داخل مقر الميناء البري بالخرطوم، وشهد التدشين إدارة مرور السودان وشركاء النقل، وأكدت وزارة الداخلية على لسان ممثلها الفريق عثمان الحاج تنفيذ نظام المداورة في جميع الولايات ومراقبته بصورة مباشرة بحيث يعكس نشاطاً حضارياً في قطاع النقل البري في السودان.
متابعة وتقييم
قال وزير النقل المكلف هشام أبو زيد إن من أسباب الفشل في العمل بنظام المداورة هو عدم استصحاب شركاء العمل منذ العام 2020، وأكد أن نظام المداورة من أبرز خطط برامجه الرئيسية بالوزارة، وكشف عن إيداعه عدة مبادرات متعلقة بالميناء البري لدى مكتب والي الخرطوم من بينها قضية الميناء البري، ويعتبر أن قضية الميناء البري معقدة فيها جوانب قانونية واستحقاقية لجهات أخرى لم يفصح عنها، وقال: قدمنا مقترحاً بتبنى تشغيل الميناء وفق الشراكة وعلى حسب أسهم الشركاء السابقين لتطوير الميناء بشكل كبير، وأوضح أن الجانب الآخر أودع للوالي موقف قندهار وهو موقف متشعب داخل أزقة السوق الشعبي أمدرمان ولا بد من أن يكون هناك موقف واحد وهذه الرؤية أسهمت فيها الغرفة القومية للبصات السفرية بجانب اتحاد أصحاب العمل بشكل كبير خاص بقيام موقف بسوق ليبيا وبحري والمواقف العامة حتى نتمكن من ضبط وترشيد المواقف البرية الموحدة، واصفاً النقل البري بشكل عام في قطاعي البصات والحافلات السفرية بالمنشط الأكثر قومية في البلاد، مشيراً إلى أن البصات تصل أي محلية في ولايات السودان المختلفة وإذا كان هناك أي بعد قومي لأي عمل جماعي نستطيع حصره في قطاع نقل الركاب مما يعمل عليه من ربط محليات وولايات وأقاليم السودان، وأكد أهمية الترابط والتواصل الإيجابي ما بين كل المكونات المجتمعية، وقال: نعول على ذلك كثير جدا في المرحلة القادمة، وقطع بأن النقل البري له القدح المعلى في تلك المسألة وكذلك السكة حديد وأيضاً النقل النهري وكل هذه تربط البلاد من جنوبها إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها، وأشار أبو زيد إلى البرامج الجديدة التي ستلي برنامج المداورة، مؤكداً أن نظام المداورة سيخضع لرقابة تامة ومتابعة وتقييم، وأمن على التواصل بينهم في الوزارة مع شركاء نظام المداورة من أجل التجويد والاستمراية فيه، وأشار إلى أن ما يحققه نظام المداورة لها عدة فوائد أولاً: إن صاحب البص سيكون مطمئناً بأن ليس لديه مقعد أثناء الرحلة السفرية خالياً، وأشار إلى أن المسألة ليست بعدد الرحلات السفرية وإنما بعدد المقاعد مدفوعة القيمة في الرحلة وهذه هي التي تبنى عليها المداورة، ونوه إلى أنه قبيل نظام المداورة تتحرك البصات بعدد قليل من الركاب، وأعرب عن أمله أن ينعكس نظام المداورة بمردود مالي أعلى للتشغيل على أصحاب البصات والعاملين في الشحن والتفريغ وعمال الموانئ لتوفيق أوضاعهم، وقال: نتطلع لمسألة التأمين الصحي والتشغيل وتوزيع المهام، وأوضح أن نتائج نظام المداورة أثرها سيكون عقب قيمة التذكرة التي يدفعها المواطن خاصة بعد تحقيق تشغيل المركبة بصورة أفضل بجانب تحقيق أرباح أعلى لصالح أصحاب البصات السفرية بالإضافة إلى تحقيق مردود مالي أفضل لكافة المعاملين في القطاع وبالتالي مطلوب تحقيق قيمة مدفوعة أقل للمواطن لتسهيل عملية النقل.
تنفيذ المداورة
من جانبه يعتبر ممثل وزير الداخلية الفريق عثمان الحاج أن تدشين نظام مداورة البصات السفرية ينصب في السلامة المرورية بالحفاظ على الأرواح والممتلكات بجانب تقليل كثافة البصات في الموانئ البرية، وعدد إيجابيات نظام المداورة متمثلة في تسهيل عملية تنظيم دخول وخروج البصات السفرية من الموانئ والمواقف البرية، بجانب تخفيف الضغط على الطرق القومية السريعة بالمحافظة عليها بالإضافة إلى التحكم في ضبط السرعة الزائدة، وأشار إلى محاربة التفلت خارج الموانئ البرية ومحاربة السوق السوداء لبيع التذاكر خارج المكاتب الرئيسية، وقطع بأن نظام المداورة يسهم في التقليل من استهلاك الوقود في البلاد، بدوره أكد الفريق عثمان أنهم سينفذون نظام المداورة في جميع الولايات ومراقبته بصورة مباشرة، وجدد استعداد وجاهزية وزارة الداخلية بواسطة إدارة المرور بتنفيذ نظام المداورة بحيث أنه يعكس صورة حضارية في قطاع النقل البري في السودان.
الخسائر المتصاعدة
كشف رئيس الغرفة القومية للبصات السفرية أحمد عبد الحميد الطريفي عن تدهور قطاع البصات السفرية في السودان، وأكد خروج عدد كبير من الشركات بلغت (150) من شركات البصات عن سوق العمل، وقال إن القطاع النقل البري عدد البصات الموجودة حالياً تتجاوز 4 آلاف بص تم استيرادها بمبالغ كبيرة، ونوه إلى توقف عدد 2 ألف بص نسبة للأعطاب التي لحقت بها وأركنتها في الورش الصناعية، وقطع بأن البصات المستوفية لشروط خدمة النقل 2 ألف بص، مؤكداً أنها تغطي احتياجات كافة الرحلات من العاصمة إلى الولايات، وبدوره طالب الدولة بضرورة الإسراع في تنفيذ إيقاف استيراد البصات السفرية من الخارج نهائياً، داعياً إلى السماح باستيراد قطع الغيار لتلك البصات فقط للنهوض بهذا القطاع بصورة مثلى، وأكد الطريفي أثناء مخاطبته تدشين نظام مداورة البصات السفرية للولايات، أمس الأول بمباني الميناء البري بالخرطوم، سعيهم لإنجاح مشروع مداورة البصات بأن يسير وفق أسس وضوابط محكمة بقوانين منصفة لانتشال قطاع النقل البري من الخسائر المتصاعدة.
تقليل البصات
فيما قال الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل السوداني الصادق سوار الدهب إن تدشين نظام المداورة ظل الحديث عنه منذ قبل 6 أعوام، وأكد أنه جرت العديد من المحاولات لإدراج البرنامج في الخطة بيد أن الظروف كانت غير مواتية، وأوضح أن نظام المداورة يعني الاصطفاف لما فيه من إيجابية في قطاع النقل، وأكد أن نظام المداورة يعمل على تقليل عدد البصات السفرية لتصبح منافسة مقننة، وأفتكر أنها من ثمرات هذا المشروع، وأعتقد أن السلامة المرورية ستتحقق، وقال: بالنسبة للضرائب أنه يستبعد مسألة التهرب الضريبي نسبة لأن المعلومة أصبحت واضحة، وأفتكر أن ديوان الضرائب سيجني منها الكثير، في الوقت نفسه أن البيئة بالميناء البري ضعيفة لأبعد حد، وألمح إلى أن المظهر بالميناء ردئ جداً، وكشف عن اتجاه لتدوير عدد 3 مواقف جديدة بالعاصمة المثلثة الخرطوم، أمدرمان، بحري، وقال: ينبغي دعمها من القطاع الخاص سيجري العمل فيها قريباً، آملاً أن تسير الأمور بالصورة التي يتطلعون إليها.
مصالح مشتركة
بينما أكد الأمين العام لغرفة النقل صلاح إبراهيم أن تدشين نظام المداورة فيه مصالح مشتركة بين القطاعين العام والخاص، بدوره وجه رسالة للحكومة باستصحاب اتحاد أصحاب العمل في كافة الخطط الاستراتيجية بحيث يقدم المشورة في كل ما يتعلق بالاقتصاد الوطني، وناشد الحكومة بدعم القطاع الخاص، وقال إن نسبة 80% من إيرادات الدولة مصدرها الرئيس من القطاع الخاص.
توحيد الرؤى
إلى ذلك يعتبر الأمين العام لغرفة الحافلات السفرية يوسف أحمد الشيخ أن برنامج مشروع نظام المداورة يحتاج إلى توافق بين جميع الشركاء، ورهن نجاح مشروع المداورة بالإيمان بالفكرة من قبل أصحاب الشركات واللجنة التسيرية والحكومة، داعياً إلى توحيد الرؤى لتنفيذ هذا المشروع الذي سيخدم قطاع النقل بشكل مباشر.
الغش والتزوير
بينما قال الأمين العام لديوان الضرائب محمد علي مصطفى إن نظام المداورة طبقته العديد من دول الجوار في السابق، وأبان أنها أول خطوة لترتيب وتنظيم قطاع البصات السفرية، قائلاً: فوجئت حينما يدشن لأول مرة نظام مداورة البصات في السودان، وأضاف أن سعة ركاب البص السفري 45 راكب، وتابع قائلاً: يتم تحصيل الضرائب في نظام المداورة الجديد من 23 تذكرة فقط من جملة 45 تذكرة ليصبح المتبقي لأصحاب البصات وذلك لتشجيعهم لإعادة الترتيب والتنظيم، وشدد على ضرورة محاربة التزوير في قطاع للنقل، داعياً إلى تغيير طباعة منفستو البصات السفرية في مطابع العملة، وأكد سعيهم في ديوان الضرائب إلى العمل على تحديث أختام ديوان الضرائب بأختام مشعة لتفادي الغش والتزوير وما يتم تحت (التربيزة) في قطاع النقل البري، واصفاً المظهر العام بالميناء بغير الحضاري وغير لائق، وحث أصحاب البصات على دفع مساهمة 500 جنيه لمعالجة المظهر بالميناء، وقال إن العالم تطور بفضل الضرائب، في إشارة منه إلى تلقي الخدمة المباشرة عبر سداد الضرائب، ونبه إلى ضرورة التطور في خدمة قطاع النقل نظراً للتقدم الذي أحرزته العديد من دول الجوار (كينيا، أوغندا، إثيوبيا) نظراً لترتيب قطاعات النقل في تلك الدول.