:: جبريل إبراهيم يمضي (مُكرها) على ذات الخطى التي مشاها إبراهيم البدوي (طوعاً).. لقد أعلنت لجنة الهيكل الراتبي بالكهرباء عن تعليق إضراب العاملين بعد التوصُّل إلى (حلول مُرضية).. لم تفصح اللجنة عن الحلول المرضية، ولكن كان شرط استئناف هو تنفيذ مقترح الهيكل الراتبي، وبلغ فيه الحد الأدنى إلى ما يزيد عن خمسمائة ألف جنيه، والحد الأعلى إلى ما يقارب مليوني جنيه، وهي تقريباً (3.500 دولار)..!!
:: لم تفصح اللجنة عن الحلول المرضية، ولكن يبدو أن جبريل مضى على ذات خطى البدوي، مكرهاً وليس طوعاً كما فعل البدوي.. فالبدوي كان من الكفاءات المُختارة – بمعايير قوى الحرية – لإدارة اقتصاد البلد.. وبعد أن استلم الوزارة، فجأة زاد مرتبات العاملين بنسبة (569%)، وكان ذلك في مايو 2020.. وبعد أشهر من هذه الزيادة (غير المنطقية)، طالب البدوي حكومته ببيع شركة جياد لسداد رواتب (ثلاثة أشهر)..!!
:: لم يُفكِّر البدوي في تطوير جياد ومُضاعفة عائدها، بل فكّر في بيعها لصالح رواتب زادها سيادته (بلا تفكيرٍ).. فالتضخم الراهن قادنا إليه البدوي، وكان مُتوقعاً، لأنه راهن في ميزانية الدولة على (المِنَح والهِبَات)، ثم تفاجأ بعودة حكومته من مؤتمر المانحين بألمانيا – 25 يونيو 2020- بالوعود والكلام المعسول والدعوات الطيبات ثم (1.8 مليار دولار)، وهي محض أرقام قيلت في قاعة المؤتمر، ولم تٌدفع منها الدول – لحكومة حمدوك – دولاراً..!!
:: نعم، كأن ما عليه حال الاقتصاد لا يكفي تضخُّماً، قادت سياسة البدوي البلد إلى (الفخ الأكبر)، وهو زيادة الأجور بنسبة (569%).. وإلى يومنا هذا، لا يعلم أحد ما هي معايير هذه الزيادة؟، وأين ومتى وكيف تمّت الدراسة؟، وما هي موارد هذه الأجور الضخمة؟.. والإجابة هي أن البدوي قرّر الزيادة وحده، مُتكئاً على مورد الفاتح عز الدين في عهد الفُلُول (رب رب رب)، أي طباعة العُملة..!!
:: ومع طباعة العُملة، راهن البدوي على بيع ما تبقّى من أُصول البلاد، لسداد رواتبه (الفلكية)، وما كانت شركة جياد إلا أول البيع.. أي إن كانت جياد تكفي لسداد رواتب (3 أشهر)، فإنّ التصنيع الحربي قد يكفي لسداد (6 أشهر)، وما تتبقّى من الفترة الانتقالية يُمكن سداد رواتبها ببيع طائرات الجيش ودبّاباته بالقطع، أي كـ(إسكراب).. أو ربما كان هكذا تفكير الكفاءة – بمعايير النشطاء – البدوي..!!
:: وعليه، لو أن الحلول المرضية التي توصلت إليها لجنة الكهرباء هي موافقة الحكومة على مقترح الهيكل الراتبي، فإن الشعب على موعد مع إضرابات قطاعات أخرى والمزيد من التضخم.. نعم، طالما الحد الأدنى في أجور العاملين بالكهرباء (ألف دولار)، فليس هناك ما يمنع العاملين بالتعليم والصحة وغيرهم المطالبة برفع الحد الأدنى لأجورهم إلى (1.500 دولار).. وإن كان وزير مالية حكومة النشطاء اقترح بيع شركة جياد لسداد مرتبات (3 أشهر)، فعلى وزير مالية حكومة الفوضى بيع جامعة الخرطوم لسداد مرتبات الثلاثة أشهر القادمة..!!