التفوق في مراحل التعليم يعد أعلى درجات الفرح بالنسبة للطلاب، ولم يتوقف هذا الإحساس الرائع عند حد الطالب، بل يتمدد إلى داخل الأسرة وفوق شجرة العائلات، حيث تنهال التهاني والتبريكات على الجميع، بالأمس القريب أعلنت وزارة التربية نتيجة الشهادة السودانية، حيث فجر النجاح السعادة داخل البيوت، وتطاير صوته زغاريد، ولكن هذا النجاح الذي فتح صدور العناق بين الطلاب وعوائلهم؛ كان تحت مجهود جبار وكثير من الرهق، كما توجد قصص وحكايات مريرة أزالها طعم التفوق حلو المذاق..
في الوقت الذي رفض فيه البعض كشف تفاصيل معاناتهم قبل ظهور النتيجة، أزاح عدد من المتفوقين النقاب عن المشاكل والظروف القاسية التي واجهتهم قبل دخول غرف الامتحانات والبحث عن نتيجة تضمد جرح الظروف الغائر، حيث قالت الطالبة المتفوقة “لميس” والتي احرزت نسبة 98% في امتحان الشهادة السودانية هذا العام: إنها كانت تذاكر دروسها بنور العربات، وإنها لم تبدل جزمتها حيث ظلت ترتدي حذاءً واحداً طوال العام الدراسي..هذه القصة المأساوية للطالبة المتفوقة وجدت ردود أفعال كبيرة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين قابلوا حكاياتها بنوع من الإعجاب؛ لأن النجاح لا يتطلب الثراء الفاحش، بل الإصرار والمثابرة..
ولم يكتم “رجب مبروك” فرحة النجاح الذي حققه في الشهادة السودانية هذا العام ، لأن النتيجة التي حققها مسحت مرارة الوضع المأساوي الذي يعيشه حيث يقاتل بسلاح الإرادة من أجل توفير لقمة عيش نظيفة يسد بها رمق أسرته المترامية الأطراف، إلى جانب دفع استحقاقات ومتطلبات الحياة اليومية، ومع ذلك صارع ظروفه وجلس الامتحان قبل أن يتذوق طعم النجاح الذي مسح عنه التعب..
وعلى منصات التواصل الاجتماعي تداول الرواد صورة وقصة حاجة “كلتوم” بائعات الشاي وسط السوق العربي التي تستيقظ الصباح الباكر كل يوم لتذهب إلى محلاتها لبيع الشاي والقهوة من أجل توفير لقمة العيش ومصروف المدارس لأولادها، هذا الجهد المضني.. الحاجة كلتوم خطفت ثماره مؤخراً حيث حققت ابنتها “حليمة” درجة عالية بلغت 91,7 % وكتبت اسمها ضمن المتفوقين..
ورفضت إبنة خفير المدرسة كشف اسمها وتفاصيل أسرتها، ولكنها أكدت أنها من المتفوقات وأحرزت 94%، وهي نتيجةَ تعتز بها كثيراً، خاصة وأنها كانت تعاني من قلة المال لدرجة أنها في كثير من الأحيان تتناول وجبة واحدة في اليوم، وأشارت إلى أن ربنا عوض معاناتها وأسرتها بهذا التفوق الباهر الذي أنساهم مرارة المعاناة..