سودانيون في مصر ..أدركوهم فإنهم يُهلكون؟!.

*رئيس الجالية السودانية: يوجد أكثر من (120) طفل من سودانيات لا يُعرف لهم آباء.*
مصدر مقيم بمصر: ضيق الحال والمسغبة دفع فتيات لامتهان الاصطياد
سوداني مقيم: سلوك بعض الفتيات في القاهرة أصبح مخزياً ومقرفاً.
*شؤون السودانيين بالسفارة: لم نتلق أي بلاغ وفاة فيه شبهة جنائية*
خبير علم نفس: الانحلال الأخلاقي يتعلق بالتربية قبل الهجرة

لم يجد الكثير من بعض السودانيين والأسر خياراً آخر وبديل في ظل الظروف الراهنة والحالة الاقتصادية الطاحنة من التردد في الاتجاه شمالاً والهجرة غير المدروسة إلى أرض (الفرعون) آملين في حياة مستقرة وعيشة رغدة هنية، فالرحلة إلى مصر لا تحتاج إلى تفكير أو إجراءات مُعقدة غير أن تحزم أمتعتك وتتجه صوب سوق ليبيا (قندهار) لتمتطي أفضل وأفخم وأسرع البصات المتجهة شمالاً، وخلال 24 ساعة فقط تجد نفسك في وضع مُبهر الشكل خالي المضمون والأهداف والمستقبل ..
أما بعض الشباب، فيحلمون من خلال وجودهم بالقاهرة ركوب (السمبك) الذي أصبح ظاهرة وموضة استشرت بين الشباب، ولركوب (السمبك) أهون على صاحب الضمير الحي من التسكع بين أزقة وقهاوي وكافيهات القاهرة..
أما بعض الفتيات، فتلك قصة أخرى، لقد فاقت حد الوصف وضاقت عليهن أنفسهن فتجرد البعض منهُن من القيم والأخلاق وتزينّ بما يملكن وركِبن قارعة الطريق، بعد أن لامست أعينهن الواقع وشربن من كأس الذلة ولباس المعاناة ثوباً مثقوب الجوانب واتضح لهن جلياً أن القاهرة ليس فيها غريب (مُعز)، فتُن بين إضاءات الشوارع وظلام الضمير، ولكنها رسالة توجه بها الكثيرون ممن زاروا بلاد (الفرعون) مؤخراً أن (أدركوهن يقتلن أو تمتهن أجساد بعضهن على قارعة فراش الرذيلة في قاهرة المعز حيث لا عز ولا يحزنون)!!.
الضياع والوهم
المواطن (…) فضل حجب اسمه قال لـ(اليوم التالي): يرقد الآن جثمان الشابة السودانية (عابدة) المهشم تماماً في مشرحة زينهم بالقاهرة تمهيداً لتشريحيها لمعرفة أسباب الوفاة (سقطت) عابدة من الطابق الحادي عشر من شقة في بناية سكنية بمنطقة الوراق بالقاهرة، عابدة، كانت قد تسلمت عملها في ذات اليوم الذي قتلت فيه، وكانت عاملة منزل لدى (راقصة) يبدو جلياً أنها من راقصات الصف الثالث اللواتي يعملن في كبريهات المدينة، ليس في العمل ما يعيب، ولكن إن رضينا أن نشتغل خادمات أليس من الأفضل أن نخدم في بلادنا؟
مضيفاً: قدمت عابدة من السودان بصحبة صديقتها إلى القاهرة وفي خاطرهما أحلام بسيطة فتوفيت الصديقة بالإسكندرية في حادث مماثل غرقاً في مسبح كما زعم في التحقيقات، وأشار أن القاهرة تعجن أبناء السودان في هجرة واغتراب عضوضين لا يكلف سوى ثمن تذكرة (بص) عبر شريان الشمال الذي ينهب شباب السودان ولم يضخ إلا الموت في أوردتنا التالفة فهم (يؤممون) صوب مصر التي لم تعد (مؤمنة) رغماً عن أنها أرض أهل الله، بلاد ضيقة ضاقت بأهلها، ولقمة عيش عزيزة صعبة المنال، لتزدحم القاهرة المليونية بقاطنيها من مصريين وأجانب جلهم من الجنسيات الأفريقية وأغلبهم من (عندياتنا)!!
في خاطر البعض أحلام الهجرة عبر بوابة مفوضية اللاجئين بالقاهرة والتي يسكن البعض حولها في حي السادس من أكتوبر يفترشون الأرض، تتبعهم لعنات سكان الحي الراقي الذين يتأففون من مجاميع تتزاوج وتنام وتقضي حاجاتها على قارعة الطريق، لذلك لابد من الإشارة إلى أن ضيق الحال والمسغبة دفعت بالكثيرات لامتهان أقدم مهنة في التاريخ فتجدهن تحت أعمدة الإنارة في شارع جامعة الدول العربية أو الأحياء الجديدة يتصيدن سائحاً عربياً أو مواطناً ثرياً لسد حوجتهن من مأكل ومشرب.
واقع مؤلم
رئيس الجالية السودانية بالقاهرة الدكتور حسين عثمان قال لـ(اليوم التالي): يوجد عدد من الموتى أحدهم من كسلا ما زال جثمانه لأكثر من شهر في الثلاجة بمستشفى المعادي إلا أنه تم الاتصال بنا لأجل تكملة الإجراءات نحن نواجه مشكلة كبيرة جداً في السفارة بالقاهرة وهي مشكلة الإجراءات وتعقيدها وعدم الاهتمام بحيث تبعث السفارة البيانات للخارجية بالخرطوم ووزارة الخارجية (يومها بي سنة) وفي نهاية الأمر لا تستجيب لأي طلب أو خطاب، بل أحياناً ليس لديهم استعداد للرد على مثل هذه الحالات وهو ما يعقد إجراءات الموتى من عدم اتخاذ أي قرار يتعلق بالدفن أو ترحيل الجثمان هذا في حالة الوفاة الطبيعية .
وأكد حسين أن معظم الفتيات أو البنات القادمات من السودان لديهن مشاكل أسرية تتعلق أحياناً برفضهن للزواج من جانب الأسرة وتأتي إلى القاهرة مع عشيقها أو من تحبه وفي نهاية الأمر تتفاجأ بالواقع المؤلم بعد أن تكون قد تزوجت منه (عرفياً) مما يعرضهن للضغط النفسي الكبير وبالتالي تقع عمليات الانتحار والقتل وغيرها، كاشفاً وجود أكثر من (120) طفل من فتاة سودانية (ما عارفين ليهم أب) ومن الغرابة إحدى السودانيات تركت طفلها في إحدى المولات في منطقة (6 أكتوبر) وتم اكتشافه بعد نهاية الدوام وزمن إغلاق المول من خلال بكاء الطفل وهي واحدة من الظواهر السيئة، وأخيراً تم تسليمه إلى أحد الملاجئ، وتم إخطار السفارة وللأسف لم تحرك ساكناً وأشار حسين الى أن السودانيين لديهم شعار ثابت تجاه السفارة السودانية وهو: (لو ما عنك زول) لن تستطيع أن تدخل السفارة، وابني من الموظفين في السفارة، وأضاف: (لو مات ليك زول يوم الخميس فإنها الماسأة والكارثة الحقيقية)، والحل في أمرين إما أن تدفع أو تنتظر حتى يوم الأحد لتبدأ عملية الإجراءات المتعلقة بالجثمان وتتمنى (زولك يموت غير الخميس أو الجمعة)، وبعد يوم الخميس الساعة الثالثة ظهراً لا يمكن لأي شخص من السفارة من السفير وحتى الخفير أن يرد على الهاتف مهما كان الأمر.
وقال حسين إن معظم السودانيين في القاهرة عطالى وما شغالين ولو تم تشغيلهم سيكون عبر عقود الإذعان وهي سخرية من السودانيين ولو سألت عن السبب فإن الرد بسيط: (ما عندكش إقامة أو تصريح عمل) وهي واحدة من المشاكل الكبيرة لأن القانون المصري يشدد في حالة تصريح العمل لأي أجنبي يجب أن يكون المقابل عدد (4) مصريين.
مضيفاً أن الاتفاقية التي تتعلق بمعاملة السودانيين والمصريين هي قديمة تتعلق فقط بالمدارس والجامعات، وكشف حسين وجود مجموعات منظمة تعمل على استهداف الشباب السوداني فيما يتعلق بالهجرة الى أوروبا وهؤلاء يتم استقبالهم من المطار ويتم ترحيلهم إلى (6 أكتوبر) وتصنيفهم من حيث السفر ما بين الإسكندرية أو ليبيا، السفر عبر ليبيا بتكلفة 2000 دولار وعبر الإسكندرية بمبلغ 1000 لأن الطريق طويل. مبيناً أنه بعد اكتمال العدد للسفرية من جنسيات مختلفة وفي مسافة وسط البحر يقوم صاحب المركب (بقلب) المركب يخرج من يخرج ويموت ويغرق من يغرق والمبرر لصاحب المركب أنه إذا وصل إلى الجهة المقصودة فإن المحاسبة تقع على صاحب المركب، وليس المهاجرين وكذلك عبر ليبيا وهي جريمة منظمة وكلهم شباب أقل من 30 عاماً وهناك ظاهرة أخرى تتعلق ببيع الأعضاء ويتم التحضير لهذه العملية في أحد المنازل بشبرا مقابل نسبة للمستشفى أو من يجري العملية وإذا كانت العملية فيها سماسرة أحياناً (ممكن ياكلوا قروشك)!!.
وأكد حسين أن مصر حالياً أصبحت غير ملائمة لتستقبل السودانيين، بل توجد أعداد كبيرة من السودانيين في السجون المصرية انتهت مدة عقوبتهم ولا نستطيع ترحليهم للسودان لعدم وجود إمكانات مادية بحيث لا يمكن ترحيل المساجين عبر البر للتكلفة العالية وهناك الكثيرين في الحراسات وأقسام الشرطة .
مشدداً أن كل ما يعانيه السودانيون في مصر هو نتاج ضعف الحكومة السودانية أولاً، ووزارة الخارجية ثانياً، والسفارة السودانية بالقاهرة ثالثاً، وكذلك السودانيون يتحملون أيضاً الكثير من هذا التدهور والتراجع الكبير.
وطالب حسين جميع السودانيين القادمين إلى مصر (تعالوا بقروشكم) إن شاء الله 100 دولار فقط وعلى القادمين عبر المطار أن تكون التذكرة ذهاب وعودة وأي شخص قادم إلى مصر بدون هدف أو غرض واضح (ما تجوا) وقال حسين: (أنا قابلت البرهان وحكيت ليهو كل شيء وكاشفنا الجميع ولكن لا حياة لمن تنادي)!! .
سلوك مشين
الأستاذ عادل الصول المقيم بمصر قال لـ(اليوم التالي) إن عدداً كبيراً من الفتيات السودانيات أعمارهن بين 20 إلى 30 عاماً حالتهن الاجتماعية مختلفة بين متزوجات ومطلقات وغير متزوجات جئن للقاهرة أو مصر باعتبار أن الأوضاع هنا أفضل حالاً واستقراراً بدعوى إما من صديقاتهن أو أقربائهن، ولكنهن تفاجأن بالواقع بعد فترة قليلة بحيث لا يمكن لأي شخص هنا أن يستضيف آخر أكثر من ثلاثة أيام نسبة لارتفاع تكاليف المعيشة والصرف العالي وتغير الأوضاع في جمهورية مصر، فمصر لم تعد هي مصر (الزمااااان)، كل شيء تغير وتحول وتبدل، مضيفاً أن عملية البحث عن عمل للفتيات صعبة وفرصهن في ذلك قليلة، إما (خادمات أو عاملة منازل)، وهذه أيضاً تحتاج لمعرفة ووسيط، وأشار الصول الى أن بعض أحياء مناطق (الفيصل. أكتوبر وأرض اللواء) أصبحوا يستأجرون شققاً مع بعضهن لممارسة (الدعارة)، والبعض الآخر مصاحب المصريين والسودانيين موضحاً أن البعض أيضاً يأتين إلى (الكافيهات) بلباس غريب وهنا تتم عملية البيع والشراء والاحتيال على السودانيين الجدد بعد الذهاب بهم إلى الشقة (يلقى الدايرو والما دايرو في كايرو) حسب لغتهم مصطلحاتهم المستخدمة بينهن وقال الصول إن الوضع (مقرف) تماماً وحتى الأحياء الشعبية يتجولن بطريقة مائعة وبدون خجل وأصبحن مهدداً أمنياً كاشفاً أن عدداً من السجون المصرية بها عدد ليس بالبسيط من الفتيات السودانيات .
وأكد الصول أن السفارة السودانية أوضحت أن هؤلاء دخلوا مصر عبر تأشيرة دخول رسمية، ولذلك لا شأن للسفارة بما يفعلونه، بل المطلقات اللوآتي يأتين بأطفالهن الصغار أصبحن هاجساً كبيراً مندداً أن كثيراً من السودانيين في القاهرة غير مقتنعين بالسفارة ودورها هنا وطالب الصول الأسر السودانية الذين لهم أبناء وبنات في القاهرة بمتابعتهن ومعرفة ما يفعلونه في (القاهرة) سيما تلك الزيجات العرفية من الأجانب والسودانيين فالوضع كارثي وخطير ويحتاج للجانب الاجتماعي والأسري أكثر من الجانب الحكومي وأرسل رسالة استغاثة بقوله: ( يا أهل السودان أدركوا أبناءكم وبناتكم بالقاهرة فإنهم يهلكون)…
السفارة ترفض
سفارة السودان بالقاهرة رفضت الإدلاء بأي تصريح أو إفادة نفياً أو إثبات.. عدا ما أوضحته شؤون السودانيين بالسفارة بأنه لم يأتيها أي بلاغ عن حالة موت بصورة مشكوك فيها أو وفاة فيها شبهة جنائية.
اختلاف الحضارات
الدكتور صابر حسين أحمد اختصاصي علم النفس قال لـ(اليوم التالي) إن السلوكيات التي يمارسها بعض السودانيون بمصر تتعلق باختلاف الحضارات الأمر الذي يؤدي للتغير في السلوك والأخلاق بسبب الحريات المتاحة، خلافاً للكبت والتقييد والتضييق في السودان ..
مضيفاً أن سلوك بعض الفتيات السودانيات بمصر أمر مؤسف أن يتنازل الشخص عن قيمه وأخلاقه نظير المادة، سيما وأن الحياة في مصر قاسية جداً، مبيناً أن التنازل عن المبادئ لا تكون إلا لشخص هين وضيف، ولكن أي شخص كانت لديه رغبة في ممارسة سلوك محدد في السودان ولم يتسنَّ له ذلك سيقوم بفعله مجرد أن يخرج من السودان، وأوضح أن الأعمال الهامشية التي تمتهنها بعض الفتيات والشباب ناتجة عن المكانة الاجتماعية في السودان ونظرة المجتمع لتلك المهن وهو تخلف اجتماعي ..
ولكن نسبة للظروف القاسية في مصر أجبرت هؤلاء أن يتقبلوا هذا العمل بصورة طبيعية..
مشدداً أن الانحلال الأخلاقي يتعلق بالتربية الأسرية قبل أن يتعلق بالهجرة أو وجود مساحة كافية من الحريات.

Comments (0)
Add Comment