أجمع أكاديميون ومهتمون بالشأن الاقتصادي أن أي زيادة في الضرائب على الوقود ستنعكس على أسعار السلع والخدمات، وطالبوا بضرورة أن تكون الضرائب تصاعدية، داعين إلى النظر على تأثيرها على المواطن أو المستهلك الأخير، مؤكدين أن توقف محطات الوقود سيؤثر سلباً على قطاع النقل والمواصلات.
تهديد الوكلاء
وكان وكلاء محطات الوقود في السودان، قد هددوا بتنفيذ إضراب وتوقف عن العمل ابتداءً منذ مطلع الأسبوع، رفضاً للضرائب الباهظة التي فرضتها وزارة المالية، وقال وكلاء محطات وقود في العاصمة الخرطوم إن الضرائب زادت مؤخراً بنسبة ١٠٠% عن تقديرات العام الماضي، بينما فشلوا في إقناع السلطات بخفضها الأمر الذي جعلهم يقررون التوقف عن العمل.
تأثيرات سلبية
ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين مزمل الضي عباس أن الخبر محزن وله تأثيرات اقتصادية كبيرة جداً، وأوضح أن سياسية وزير المالية ركزت على إيرادات الدولة العامة عن طريق أداء المالية والتعرفة الجمركية، وقال في حديثه لـ(اليوم التالي) إن الضريبة في كل دول العالم تدفع من أي قطاع داخل الحكومة بنسبة معينة “ضئيلة جداً” مضيفاً أنها تحسب حساباً دقيقاً، وبرر ذلك لأن تأثيراتها سلبية، وتابع: صحيح أنها تعمل على زيادة الإيرادات الضريبية للحكومة، لكن تأثيراتها سلبية على المواطن أو على الشخص الذي يقع عليه العبء الضريبي.
عبء ضريبي
ويشير مزمل إلى أن إضراب هذه الفئة يمكن أن يؤثر على الإنتاج الزراعي، لأن معظم الإنتاج الزراعي الآن تأثر بالسيول والفيضانات، وقال: إن حدث هذا الإضراب من وكلاء الوقود سيكون هناك شح في الوقود وأزمة كبيرة، لجهة أن معظم هذه المشارع أصبحت تعتمد على الوقود في العمليات الزراعية، كما أوضح أن ذلك يمكن أن يؤثر على القطاع الحرفي في الإنتاج الصناعي، كما يؤدي إلى ظهور ظاهرة السوق الأسود وتأثيراته السلبية ومن ثم على قطاع النقل خاصة على تعرفة المواصلات، وفي الآخر يقع الأثر على المواطن ويتحمل العبء الضريبي الذي وقع على المؤسسات المعنية في الدولة.
ضريبة تصاعدية
ولحل هذه الإشكالية طالب مزمل بضرورة أن تكون الضريبة تصاعدية، موضحاً أنها تعني أن يكون أصحاب الدخول الأقل ضريبتهم أقل، وأصحاب الدخول المرتفعة تكون ضريبتهم مرتفعة بوتيرة ونسبة معينة سنوياً، داعياً إلى ضرورة النظر إلى تأثيرها على المواطن أو المستهلك الأخير على أن تحسب بنسبة معينة حتى لا يكون أثرها الاقتصادي كبيراً يؤثر على المستوى المعيشي في السودان.
سياسية عرجاء
وقطع الناطق الرسمي لحزب التحرير ولاية الخرطوم إبراهيم أبو خليل أن توقف محطات الوقود عن الخدمة سيؤثر سلباً على قطاع النقل والمواصلات، وأوضح أن وزارة المالية أصبحت “كالكلب المسعور” الذي يعض كل من يقابله وهو على وشك الموت، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي” إن هذا حال الحكومة ما عاد لها مورد غير الضرائب والجبايات، مضيفاً أنها في كل صباح جديد تزيد الضرائب دون مراعاة للآثار السيئة على هذه السياسة العرجاء.
حلقة أضعف
ويرى أبو خليل أن هذه الخطوة لها تأثير مباشر على المواطن، معتبراً أنه الحلقة الأضعف، وبرر ذلك لأن أي زيادة في الضرائب ستنعكس على أسعار السلع والخدمات، ولذلك حرم الإسلام الضرائب غير المباشرة لأنها تدخل في غلاء الأسعار، وتابع: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة، “أما الضرائب المباشرة فإن دولة الخلافة لا تفرضها إلا لضرورة ملحة ولا يوجد مال في بيت مال المسلمين وتؤخد من الأغنياء فقط من فضول أموالهم، ولا تؤخذ من الفقراء كما هو الحال اليوم.
إشباع كماليات
واستبعد أبو خليل وجود حلول إلا بتشييع هذا النظام القائم على الرأسمالية الجشعة إلى مثواه الأخير وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لتتنزل بركات السماء والأرض، وليعم العدل وتقوم الدولة بواجبها في رعاية الشؤون بتوفير الحاجات الأساسية لرعايا الدولة، وتابع: بل وتمكينهم من إشباع الحاجات الكمالية، قائلاً إن ثروات بلادنا إذا تم استغلالها لمصلحة الناس ستغنيهم ولن يكون هناك فقير أو محتاج.
تسوية الشركات
ويرى الباحث بمركز التنوير المعرفي سر الختم محمود أن سلاح الإضراب أصبح سلاحاً قوياً وسريعاً في المطالبة بالحقوق، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي”: إذا رجعنا إلى قرار الدولة المربوط أصلاً بتحرير الأسعار وتسليم الدولة المحروقات للشركات الخاصة فإن الدولة بذلك تكون قد فقدت مورداً من مواردها لسد فجواتها، وأضاف: ليس أمامها إلا أن تتحصل على ضرائب من هذه الشركات لسد الفجوات التي تحدثها آثار سياسة التحرير الاقتصادي، وتساءل: ألم تكن الحكومة ممثلة في وزارة المالية لها بديل جاهز لهذه الشركات، وتوقع أن يحدث هذا الإضراب فجوة كبيرة بالبلاد، وقال إن هناك أزمة ستحدث في كل شيء له ارتباط بالوقود، متوقعاً ارتفاع الأسعار لجهة أن الوقود سيباع خارج القنوات الرسمية، كما توقع أن تصل المالية إلى تسوية مع هذه الشركات لتدارك الأزمة أو الاستعانة بشركات حكومية.