جاءتني رسالة من صديق هو في مقام الاخ يقول لي محمود محمد محمود جاب ٩٥٪ تملكتني غيرة سالبة وقلت يعني شنو مئات جابو فوق التعسين، كون انسان احرز هذه الدرجة فغيره كثيرون جاء بها ما هو المميز ليكون محمود خبر ! يجعل صديقي يتجشم عناء الاتصال ليخبرني ويضيع وقتي.. في الاعلام لو ان كلب عض انسان فهو ليس خبر، لكن ان يعض انسانا كلبا فهذا ملفت للنظر
محمود الثالث..
Mahmoud the third III
نعم هو محمود الثالث في سلسلة هذه الاسرة الصغيرة في عددها وكبيره في رسالتها وسمعتها كما اعرفها، جده لابيه هو محمود الاول من دناقلة لبب امه حاجة هدية ووالده محمد الشريف او محمد شرفي بلغة دنقلا، محمود الاول كان اصغر من والدي في السن ومع هذا يحكي لي والدي ان محمود الاول كان يقطع المسافة من امتداد الدرجة الاولي -حي العمارات الحالي- وياتي لحي الصحافة مسافة تزيد علي الخمسة كيلومترات ليلقي درس التجويد ويوزع المصاحف او يحضر دروس في الفقه وهو طالب لم يكمل دراسته الجامعية وقتها، مع انه كان مهندس ميسور الحال بحكم التكوين الاسري واسع المعرفة شديد الاطلاع نابه في العلوم. صادق العاطفة لدرجة الحدة لا يعرف في الحق لومة لائم اذا آمن بقضية يمكنه ان يقاتل بالسيف والسنان في نصرتها، اشتهر بمحاربة الفساد والرزيلة حتي لو جاءت من اقرب الناس اليه.. لم تغريه السلطة او الجاه على ان يبدل مبادئه بثمن بخس.. هل هذا هو محمود الاول وقد مهد الطريق لمحمود الذي احرز الــ ٩٥؟ القصة لم تنتهي فهناك محمود الثاني الذي لا يعرفه احد اطل براسه يفرض نفسه علي بالمشهد وانا اطالع شريط الذكريات مع محمود الثالث كان علي قول المصاروة (قطعة لحمة حمراء) أدمي قلب والدته الطبيبة الرحيمة وهو يرحل عن الدنيا بهدوء ووالده خارج الوطن في رحلة دراسية شق قلب جدته د.اقبال بنت القضارف المرأة الصارمة صاحبة الرسالة والقلم، عندما وقفت بباب دارهم وانا استمع الي تفاصيل المعركة الدامية بين الاطباء وانياب المنية التي نشبت في جسم المولود ابن السبعة ايام كانت فرائصي ترتعد لكن اقبال السيوفي كانت جامدة بملامحها الرزينة وكانها طبيبة الجراحة تشق بطن مريض ثابتة رحمها الله مثل جبل اشم وهي تحاول عبثا اخفاء الحزن في داخلها وكانها تقول لمحمود الاول عذرا رحلت انت في معركة الشرف والكرامة ولم اكن الي جوارك فليس على النساء حرج، لكن لك العتبي ان يرحل من بين يدي محمود الثاني ويعجز الطب عن تيسير مركب النجاة له.. رحلت اقبال وقبلها رحلت امها زينب ذات الشلوخ الوضيئة ورحل عمنا علي سليمان ابن القضارف والدها وكل البشر الي زاول الا عمل صالح يدعو له.. محمود الثالث عساه شمعة تنير مسار آل شريف يجدد عهد جده وجدته في زمان يتباه فيه الحكام بالدعوى لنشر المنكر والرزيلة..صادفت محمود الثالث صاحب ال٩٥٪ في محضرة علمية في الخرطوم قبل اسابيع في درس فقه فتعجبت من بداهة عمره وسرعة اجاباته للشيخ ولم اكن اعرف ان هذا هو ابن ذلك السلسال حتي تطوع احد الحضور بعد انفضاض الدرس وعلمت ان ”العمل الصالح يرفعه“ فتمتمت بايات الكهف وعندها قصة ” وكان تحته كنز لهما“ نسال الله ان يعيد لابناء اهل الرسالة كنوزهم الضائعة..