البترول الأبيض (القطن).. الإسهام في تطوير اقتصاديات المجتمعات

درجت اللجنة الاستشارية الدولية لأبحاث القطن والاتحاد العالمي على انعقاد المؤتمر الدولي السابع لأبحاث القطن، والذي يقام كل أربع سنوات، وفيه تتم مناقشة كافة الترتيبات التي تتعلق بإنتاج وتسويق أقطان العالم، هذا بجانب مشاركة كافة الشركات المصدرة والمستوردة العاملة في مجالات القطن المختلفة، وكان قد شارك في المؤتمر الدولي القطن 40 دولة، وشارك السودان بعلماء ومختصين من منظمة القطن للتنمية والتدريب في المؤتمر الذي كانت فعالياته بالقاهرة الأسبوع الماضي، بتنظيم من قبل الاتحاد العالمي لأبحاث القطن واللجنة الاستشارية الدولية للقطن وبرعاية من منظمة الأقطان الأمريكية وجامعة تكساس، وبحسب خبراء زراعيين فإنهم تبينوا أين السودان الآن من العالم ومن سوق القطن وإنتاج القطن، وكل ما يتعلق بهذا المحصول المهم والمهم في تطوير اقتصاديات المجتمعات والبلاد، في ظل تقدم دول أفريقية مثل (الصومال، بنين، زمبابوي، زامبيا) في مقدمة قوائم القطن عالمياً من حيث الإنتاج والإنتاجية، وبعض الخبراء الاقتصاديين يرون أن الاقتصاد القومي كان يعتمد على محصول القطن بصفة أساسية بجانب محاصيل أخرى في توفير العملات الصعبة ودعم الخزينة العامة للدولة، سيما بعد إعادة انضمام السودان إلى الهيئة الاستشارية للبلدان المنتجة والمستهلكة والمتاجرة للأقطان فرصة ذهبية كبيرة للاستفادة من المشاريع الرائدة التي تطرحها هذه الهيئة الاستشارية التي يعد فيها السودان من أوائل أعضائها منذ تأسيسها في عام 1939.

وكشف رئيس منظمة القطن للتنمية والتدريب اللواء شرطة، فتح الرحمن الماحي في تصريح صحفي عن مشاركة المنظمة بأكثر من11 من العلماء والمختصين في مجالات القطن المختلفة من هيئة البحوث الزراعية وجامعة الجزيرة ووزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بأوراق علمية في المؤتمر، وأشار إلى جهود المنظمة ودورها في دعم المشاركين بالتنسيق مع الشركاء من أصحاب المحالج والشركات وذلك بهدف تعزيز ودعم خطط واستراتيجيات المنظمة لتطوير وحماية محصول القطن لدوره في النهوض بالاقتصاد الوطني والوقوف على أحدث التقانات لرفع الإنتاجية وتبادل المعلومات ولقاء الخبراء المشاركين في المؤتمر وزيارة المعاهد المصرية والوقوف على البورصة المصرية للقطن ونقل ماهو مفيد.

 

أمرٌ مهم

يقول الخبير الزراعي علاء الدين بابكر إن عودة السودان بقوة للجنة الاستشارية الدولية لأبحاث القطن أمر مهم، وتابع: الفضل يعود لمنظمة القطن الأمريكية التي عملت على تحمل نفقات وفد كبير من الباحثين والعلماء في مجال القطن عبر شركاء النجاح من الذين دعموا هذا الوفد وقد قدم الوفد عدداً من الأوراق العلمية والبحثية كما كان الانتصار الكبير الذي حققه الوفد هو الفوز في ترشيحات الجمعية العمومية ليرجع السودان كما كان في السابق عضواً بالمكتب التنفيذي للمجلس الاستشاري العالمي للقطن بفوز الدكتورة تهاني يوسف العاقب ليعود السودان مرة أخرى إلى ساحات القطن العالمي، ومضى قائلاً: زار أعضاء الوفد باسم منظمة القطن الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن بالإسكندرية ووقف الوفد بحضور رئيس مجلس إدارة الهيئة وكيل أول وزارة التجارة والصناعة ومندوب الحكومة لدى اتحاد مصر للأقطان المهندس محمد خليل خضر، كما وقف الوفد على التطور والاهتمام الذي توليه الدولة للأقطان وعملية فرزه وتحديد درجاته وتوفير أحدث الأجهزة وأكثرها تطوراً لتحديد درجات جودة القطن والشعرة وعلميات التصافي وعلميات الصناديق النمطية القياسية التي يتم الاحتكام إليها في حالة اختلاف الأطراف في تصنيف القطن.

 

سوق القطن

وبحسب ملاحظاته قال علاء الدين إن التطور الكبير في أجهزة الفرز التي توفرها الهيئة والتي تسهل العملية للفريز وتحافظ على القطن وعدم اختلاط بعضه البعض بجانب توفيرهم لأجهزة القياس وجهاز المايكرسكوب للأطوال، وكذلك توفير وإعداد الميكرولاب مما يؤكد أن الفريز المصري يعمل وفق متطلبات السوق العالمي للقطن بأحدث ما توصلت إليه الأجهزة، وأكد أن هذا ما نفتقده في السودان الذي لو لا جيل الفرازين المخضرمين لخرجنا من هذا السوق، وحدد أوجه القصور التي أقعدت البلاد في هذه الوضعية وأخرجتها من التصنفيات العالمية وأبعدتها من موقعها الريادي في المقاعد الأمامية، منوهاً إلى أن هذا لا يعفينا من هذه المسؤولية الكبيرة، وتساءل: لماذا لا توجد لدينا هيئة تحكيم، ولماذا لا نملك مثل هذه الأجهزة الحديثة المتطورة، ولماذا كل هذا الإهمال؟، وأوضح أن الزيارة بينت أين نحن الآن من العالم ومن سوق القطن وإنتاج القطن، وكل ما يتعلق بهذا المحصول المهم والمهم في تطوير اقتصاديات المجتمعات والبلاد – على حد تعبير، مشيراً إلى تقدم دول مثل (الصومال، بنين، زمبابوي، زامبيا) بيد أن السودان في أواخر قوائم القطن.

 

آفاق أرحب

وذهب قائلاً: المنظمة فتحت آفاق كبيرة للقطن في السودان أولها استعداد رئيس المنظمة الأمريكية للقطن بزيارة السودان ودعمه لقطاع صغار المزارعين وزراعة القطن بالسودان ودعم منتجيه، بالإضافة إلى لفتة حقيقية لنعرف أين نقف نحن الآن وأين يقف العالم فيما يتعلق بإنتاج القطن وحلجه وفرزه وتصديره وكيفية التعامل مع هذا المحصول المهم، مؤكداً إهمال الدولة له بائن وغير مبرر، ويضيف متحسراً على راهن زراعة القطن ومجالاته المختلفة، متمنياً أن تولي الدولة محصول القطن ما يحتاجه من اهتمام.

 

محصول القطن

بينما يؤكد المحلل الاقتصادي الدكتور محمد عيد كليس، أن السودان يتمتع بثروة زراعية هائلة تشكل المقومات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وزاد بالقول: تاريخياً، ولوقت قريب كان يعد محصول القطن ضمن الصادرات المهمة للسودان، وأشار في حديثه لـ(اليوم التالي) إلى أن الاقتصاد القومي كان يعتمد على محصول القطن بصفة أساسية بجانب محاصيل أخرى في توفير العملات الصعبة ودعم الخزينة العامة للدولة وذلك من خلال الرسوم على المحاصيل الزراعية، وأوضح أن مشروع الجزيرة كان يعد المصدر الرئيس لإنتاج القطن إلى جانب المشاريع المروية الأخرى كمشروع السوكي الزراعي ومشروع الرهد الزراعي، مؤكداً أن مشروع الجزيرة أحدث أثراً اقتصادياً واجتماعياً تمثل في انتشار خدمات التعليم والصحة والطرق والمياه بالإضافة إلى خدمات الكهرباء في جميع قرى المشروع وقيام مصانع الغزل مما جعل هذه المنطقة جاذبة للأيدي العاملة، ويواصل حديثه قائلاً: على الرغم من التطور في الصناعات النسيجية من الألياف الصناعية، إلا أن القطن ما زال له أهمية كبيرة من خلال الطلب العالمي المتزايد عليه وفي الاستخدامات المتزايدة كإنتاج الزيوت والعلف وصناعة الورق.

فرصة ذهبية

وأبدى د. كليس أسفه قائلاً: بالرغم من تطور الإنتاج العالمي من القطن كماً وكيفاً، وبالرغم من المزايا التي يتمتع بها القطن السوداني من حيث الجودة والنوعية، ومساهمته في الاقتصاد السوداني، إلا أن الكميات المنتجة والمصدرة من القطن في السنوات الأخيرة شهدت تدهوراً وتراجعاً كبيراً في صادرات القطن خاصة في الأسواق العالمية، وأضاف: بل فقدت صادرات القطن الأسواق الخارجية التقليدية، وأرجع ذلك إلى العديد من المشاكل والمعوقات التي شكلت عائقاً للإنتاج وحركة التصدير منها أسباب فنية وسياسية وتمويلية، ودعا إلى ضرورة التركيز في الوقت الراهن على أهمية اقتصاد القطن وإزالة معوقات إنتاج القطن وتصديره، وقال إن إعادة انضمام السودان إلى الهيئة الاستشارية للبلدان المنتجة والمستهلكة والمتاجرة للأقطان ليصبح العضو التاسع والعشرين عالمياً والعضو الثاني عشر في إفريقيا فرصة ذهبية كبيرة للاستفادة من المشاريع الرائدة التي تطرحها هذه الهيئة الاستشارية التي يعد فيها السودان من أوائل أعضائها منذ تأسيسها في عام 1939، ويؤكد أن الاستفادة من إعادة الانضمام لهذه الهيئة يتطلب جهوداً وسياسات حكومية مشجعة ومحفزة للقطاع الزراعي وزراعة وإنتاج وتصدير القطن كمحصول نقدي، وقال في ختام حديثه إن الهيئة الاستشارية للبلدان المنتجة والمستهلكة والمتاجرة للأقطان عرضت على السودان في السنوات القليلة الماضية عدداً من هذه المشاريع المبتكرة، متمنياً أن تتم دراسة المشاريع والاستفادة منها لمصلحة الاقتصاد القومي.

Comments (0)
Add Comment