ضياء الدين بلال يكتب: ورحل بروف عبد الله حمدنا الله

 

منذ أن استمعت إليه لأوّل مرة في حلقاتٍ باهرةٍ مع الأستاذ حسين خوجلي في برنامج (أيّام لها إيقاع) في منتصف التسعينيات، شدّني أسلوبه السلس الأخّاذ، ومعرفته العميقة بسير المبدعين ومدارس النقد الأدبي، وإحاطته بأدق تفاصيل التاريخ الاجتماعي السوداني والأدبي.
ذات مرة فجّرها داوية بمجلة المُلتقى، أمتع وأروع ما أنتجته الصحافة السودانية، قالها عبد الله حمدنا الله: (أم درمان مدينة مصنوعة)، فهاج أهل أم درمان وماجوا، وتطايرت قذائف المقالات في الرد عليه، وظل الرجل بهدوئه الأكاديمي الرزين على آرائه يُنافح عنها بقوة وصلابة معرفية نادرة.

في بداياتي الصحفية، سعيت ما استطعت لذلك سبيلًا لإجراء حوار معه، فكان نيل المراد عقب عودته من تشاد، حيث كان يثري مدرجاتها الجامعية بعلمه الغزير ومعارفه المتنوعة.
سعدت بذلك اللقاء، وامتدّت بيننا الصلات، كنت كثيراً ما ألتقيه في مكتب أستاذي الجليل البروفيسور عبد اللطيف البوني، فيحلو الحديث، ويطيب المجلس، وتشرق الأفكار، وتسطع الرؤى ما بين معلومات حمدنا الله، وتأمُّلات عبد اللطيف.

اليوم شيّعت جامعة أفريقيا العالمية أساتذة وطلاباً وإداريين وعُمّالاً، عالماً جليلاً ومثقفاً رفيعاً ورجلاً خلوقاً، من أبهى منارات السودان السامقة، البروفيسور عبد الله حمدنا الله، ذلك النبع المعرفي الفيّاض بالخير والعلم.
تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء الكرام.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
تعازينا لأسرته الكريمة وأهله الكرام، ولزملائه وطلابه وقرائه وأصدقائه داخل السودان وخارجه.

Comments (0)
Add Comment