تمازج: مراجعة اتفاق جوبا لن تخرج الحركات من السلطة
الثورية: قوى الإقصاء طالبت بمراجعة السلام لأنه عارض مصالحها في السلطة والسيطرة
محلل: انتقاد اتفاقية جوبا موضوعي في كثير من جوانبه
الخرطوم: فاطمة مبارك
رشحت أنباء عن توصل الحرية والتغيير والمكون العسكري من خلال التسوية الجارية بينهما على مراجعة أسس اتفاقية جوبا للسلام، وتحدثت مصادر عن قبول الشركاء بذلك، وأشارت إلى إلغاء مساراتها والجلوس مع مسار الشرق ومجلس نظارات البجا لاحقاً لإيجاد حل وسط بينهما، وأشارت المصادر إلى أن الحركات ستحتفظ بنسبة مشاركتها في الحكومة والبالغة (25%)، وبناءً عليه ستقوم باختيار كفاءات مستقلة للحكم، وسيتم استبدال منصب حاكم إقليم دارفور والنيل الأزرق بكفاءات مستقلة.
تمسك بالحصة
فيما حذرت الحركات المسلحة من المساس بحصتها من السُّلطة الواردة في اتفاق السلام، وأعلنت رفصها لأي تسوية سياسية ثنائية بين قادة الجيش والحرية والتغيير.
وقال مساعد رئيس حركة تحرير السودان لشؤون الإعلام نور الدائم طه، وفقاً لـ(سودان تربيون) إن الحركات تتمسك بنصيبها من السُّلطة بموجب اتفاق السلام وعلى جميع الأطراف الالتزام بها من أجل مصلحة التحول الديمقراطي.
وأشار إلى أن أي تسوية سياسية بين قادة الجيش والحرية والتغيير ستقود إلى عواقب وخيمة.
اتفاقية جوبا للسلام
وكانت اتفاقية جوبا للسلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية في السودان والفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء «الجبهة الثورية» في الثالث من أكتوبر ٢٠٢٠م نصت على (8) بروتكولات، تتعلق بالعدالة الانتقالية والتعويضات، وملكية الأرض، وتطوير قطاع المراعي والرعي، وتقاسم الثروة والسلطة، وعودة اللاجئين والنازحين، وعلى مستوى السلطة كانت قد منحت الجبهة الثورية (3) مقاعد في مجلس السيادة الانتقالي، و(5) وزراء في الحكومة التنفيذية السابقة، إلى جانب (75) مقعداً في البرلمان الانتقالي الذي لم يتم تكوينه.
وتم الاتفاق قبل الانقلاب على تمديد الفترة الانتقالية (39) شهراً، تسري بالتوقيع النهائي للسلام، ودمج مقاتلي الحركات المسلحة في الجيش السوداني على (3) مراحل، تنتهي بانقضاء أجل الفترة الانتقالية، إلا أن اتفاق الترتيبات الأمنية واجه تحديات أعاقت تنفيذه
ومنح اتفاق جوبا للسلام (40) في المائة من السلطة في إقليم دارفور.
ومن أبرز الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا، حركة العدل والمساواة التي يقودها جبريل إبراهيم، وحركة جيش تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي، الحركة الشعبية شمال، بقيادة مالك عقار، بجانب فصائل أخرى منضوية في تحالف الجبهة الثورية..
انتقاد موضوعي
المحلل والمهتم بشأن الحركات المسلحة عبد الله آدم خاطر أشار في حديثه لـ(اليوم التالي) الى أن الانتقاد الذي يوجه لاتفاقية جوبا في كثير من جوانبه موضوعي، وقال: هناك نقاشات تتم في هذا الشأن واعترف بضرورة مراجعتها، خاصة أن مكتسبات هذا الاتفاق لم يتم تنزيلها على الأرض ليستفيد منها المواطن وأضاف خاطر: هناك تدهور في خدمات الصحة والتعليم والأمن في دارفور، وهناك مسائل كثيرة كانت كذلك محل انتقاد كالعلاقات مع الحكومة الاتحادية والتمويل والشراكات والتنمية، وحول احتمال رفض الحركات الموقعة على جوبا مسألة المراجعة، ويقول عبد الله: اذا كان التقييم مسألة ضرورية فيجب أن يتم بالاتفاق مع الأطراف الموقعة على الاتفاقية
خاصة أن تأثير اتفاق جوبا على السلام قابل للاستدامة في كل السودان لذلك أي تفكير لا بد أن يكون في إطار العملية السلمية لكل السودان، وهذا لا يجعل هناك سبب للحركات لتفكر بغير السلمية، خاصة إذا كان هناك تغيير لصالح البلد وفي هذه الحالة يجب أن تثبت أنها مع السلام الشامل وينخرطوا في أي عمل تصب نتائجه لصالح دارفور والأقاليم الأخرى، لأن كل الإصلاحات التي أعقبت اتفاق جوبا بما فيها المسودة الدستورية لنقابة المحامين التسييرية، أكدت أهمية الحكم الفيدرالي وتبادل السلطات كأساس للحقوق الدستورية على المستوى المحلي والولائي.
اتفاق نوعي
غير أن مقرر الجبهة الثورية د. محمد زكريا قال في حديثه لـ(اليوم التالي) إن سلام جوبا اتفاقية تاريخية ونتاج لمفاوضات عميقة ثرة تحاول الإجابة عن كافة الأسئلة التي أقعدت الدولة السودانية، وهو اتفاق نوعي والأول باعتباره تناول قضايا السودان شرقاً وغرباً، شمالاً ووسطاً والمنطقتين، خلاف ما سبقه من اتفاقيات، فضلاً عن أنه واحد من إنجازات الثورة السودانية التراكمية.
وبحسب زكريا أن الاتفاق حاول تجاوز التشوهات أبرزها التهميش والمظالم ومعالجتها عبر بروتكلات السلام، الأمر الذي أضر بمصالح قوى المصالح والاختطاف التي عارضت الاتفاق قبل وبعد التوقيع، وأنها الآن تدعو إلى إلغاء أو تعديل الاتفاق طمعاً منها في عودة الاستئثار بالقرار، وإقصاء قوى سودانية أصيلة.
وأوضح أن اتفاق جوبا واجه رفضاً مبطناً ومعلناً من قبل القوى الرافضة للسلام وهي قوى الاختطاف والتهميش والإقصاء، سيما وأن الاتفاق جعل الشراكة آلية لاتخاذ القرار، وأن قوى الكفاح المسلح ترى أن الاتفاق ملكاً للسودانيين، وأكد مناهضتهم لأي جهود لإلغاء أو تعديل الاتفاق.
وقال مقرر الثورية إلى إن نقد الاتفاقيات من عيوب نظام الإنقاذ الدكتاتورية وإن إعادة مثل هذه الثقافة مرفوض ولم يشبه الثورة السودانية، وعلى قوى الإقصاء إعادة النظر في المواقف الرافضة للسلام، وأضاف: “ومن يرفض السلام يفتح أبواباً للحرب”.
وتابع: قوى الإقصاء تنادي بتعديل وإلغاء الاتفاق لأنه عارض مصالحها في السلطة وفي السيطرة على مقاليد الأمور، دون تقديم مبررات موضوعية، إنما تطلق ادعاءات دون حيثيات.
وطبقاً لزكريا أنه في حال تم إلغاء هذا الاتفاق أو تعديله لا يوجد قانون يمنع قوات الحركات من التحرك في كافة الجغرافية السودانية ويمكن أن تكون بسلاحها غداً في الخرطوم أو أي من أحياء أمدرمان، ولمثل هذه الأوضاع انعكاساتها على المشهد العام، لجهة أن الذين يدعون إلى الإلغاء أو التعديل لا يعون المخاطر والسلبيات التي تقع على الانتقال جراء هذه المطالب غير المدروسة والمبررة.
ونوه إلى أن تضحية الحركات من أجل السودان تتمثل في التمسك قوياً بالسلام ومكتسباته وتنفيذها بالإضافة إلى رفض مساعي ومظاهر الإقصاء وأن تكون آلية اتخاذ القرار شراكة بين السودانيين دون احتكار وتجير السلطة لصالح مشاريع حزبية.
ودعا القوى السياسية إلى تقوية اللحمة الوطنية وتفويت الفرصة على الدعوات التي تقلل من السلام وأهله وأن لا تظهرهم طلاب للسلطة لأنهم سودانيون ولهم استحقاقات سياسية بموجب الاتفاقية ويجب الوفاء بها.
حفظ حقوق
ويقطع القيادي بالجبهة الثورية رئيس حركة تمازج قطاع جلهاك د. محمد إسماعيل لـ(اليوم التالي) أن مراجعة اتفاق جوبا للسلام، لن تخرج الحركات من السلطة، لأنها لم تأتِ للسلطة، وأن النسبة التي تتمسك بها في إطار الوثيقة الدستورية من أجل تنفيذ اتفاق جوبا.
وقال: ليس هناك تخوف من الخروج من السلطة، والحركات لا ترفض المراجعة في حال المحافظة على حقوق الحركات التي تجعلها تنفذ الاتفاق، إنما نرفض الإقصاء.
وشدد إسماعيل على ضرورة أن تكون المراجعة في التنفيذ وفي نقاط محددة، وتبديل بعض المواقع في الاتفاق نتيجة لإخفاق البعض، وذلك لإنصاف كثير من الحركات سيما وأن الحركات تحتاج إلى مراجعة داخلها.
وأشار إلى أن الحركات ضحت وجاءت من أجل المواطن حتى يعيش في سلام.
رضا تام
ومن جهته يطالب القيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق المجلس المركزي وحكومة البرهان بالوفاء بتعهداتهم السياسية بموجب اتفاقية السلام، وأن لا يعدل فيها نصاً، إلا بموافقة حركات الكفاح المسلح كطرف ثانٍ، لأن العقد شريعة المتعاقدين.
وشدد عبدالرازق في حديثه لـ(اليوم التالي) على البدء في الترتيبات الأمنية وتحويل الحركات إلى أحزاب سياسية وأن تحافظ على حقوقها بموجب الاتفاقية، إلا إذا وافقت على التعديل هذا حقها وفقاً للرضا التام والتشاور.
إلا أن المحلل السياسي الفاتح عثمان يقول لـ(اليوم التالي) إن اتفاقية جوبا للسلام تحتاج لمراجعة في عدة جوانب أهمها المستحقات المالية للاتفاقية لأن تطبيقها مستحيل دون وجود جهة دولية تقبل بتمويلها، مسارات الشرق والشمال والوسط، تحتاج إلى مراجعات، علاوة على المزايا التي خصصت لأبناء دارفور دون بقية أهل السودان خاصة في التعليم والوظائف.
ويلفت إلى أن حصة أعضاء اتفاقية جوبا للسلام في الحكم فهذا شأن غير مهم لغالب الشعب السوداني، ولكنه مهم للأحزاب السياسية عند إعادة قسمة السلطة بينها في الفترة الانتقالية.
ووفقاً لمحجوب إن مراجعة اتفاقية جوبا ضروري وعلى القوى السياسية عدم التركيز على نصيب أعضاء الاتفاقية في الحكم، بل التركيز على القضايا التي تجعل تطبيق الاتفاقية مستحيلاً ويهدد أمن البلاد.