طالبة متعافية: التعاطي أوصلني مرحلة الموت
مصدر طبي: يتم التلاعب في جرامات تصنيع الحبوب لتكون مادة مخدرة “”
معالجة بمركز إدمان: فترة التعافي تبدأ من 6 شهور
طبيب علم نفسي: بداية الإدمان تجربة والمشكلات لها أثر كبير في الإدمان
طريق مختصر إلى الموت ترسمه المخدرات لمتعاطيها، يصعب على ذوي الإرادة الضعيفة الدوران للخلف والرجوع منه تفادياً للموت المحقق وهو الأمر الذي أثبتته التجارب وقضايا عديدة مليئة بالأحزان وشهدتها المحاكم، فتاة ذات الـ(24) من عمرها تحكي تفاصيل تجربتها مع الإدمان الذي كاد يودي بحياتها وتصبح في عالم النسيان.. الدولة تجري عدة مداهمات واعتقالات وتضبط الكثير من التجار أجانب وسودانيين، رغم ذلك تبقى المخدرات قضية وقائمة التعاطي تتصدر المشهد بين الفئات الشبابية المختلفة، فإلى متى يستمر الحال؟
تحقيق: رفقة عبد الله
تجربة طالبة
الطالبة بكلية الهندسة (م_ ق) التي تبلغ من العمر 24 عاماً، تحدثت لـ(اليوم التالي) عن تجربها مع تعاطي “الحشيش” وتقول: لقد جربته مرات عديدة، بينما المرة الأولى كانت التجربة قاسية جداً، ولم أستطع الحركة بعد التعاطي، ولكن المرة الثانية كان الأمر عادياً، ولم يؤثر كثيراً، أما التجربة الثانية فكانت مع (البنقو)، وبعد فترة من التعاطي تأثرت صحتي كثيراً وتدهور مستواي الأكاديمي، وظهر ذلك على الشكل الخارجي لجسدي، وبعد معاناة شديدة الآن تعافيت تماماً، ووجهت الطالبة رسالة لكل الشباب بعدم تناول كل أنواع المخدرات والمحافظة على أنفسهم.
حبوب الكبتاجون
يعتبر السودان نقطة عبور بالنسبة لتجارة الكبتاجون حيث يتم تهريبه من الدول المصنعة للدول المستهلكة وفي الآونة الأخيرة أصبحت تدخل البلاد كميات كبيرة من حبوب الكبتاجون، ففي نهاية العام 2021م قامت شبكة بالتنسيق مع عدد من المهربين بترحيل (20.000) حبة كبتاجون عن طريق شرق السودان، وتهريبه للخرطوم عن طريق شبكة إجرامية، وبحسب مصادر “اليوم التالي” تم ضبط شحنة يها أكثر من 200 ألف حبة كبتاجون بالبحر الأحمر.
ويعرف الدكتور محمد هاشم من خلال تصريحه لـ(اليوم التالي) أن حبوب الكبتاجون أو باسمها العلمي فينيثايلين ( fenethyline) عبارة عن حبوب يتم تصنيعها من مزج كل من مادتي (الأمغيتامين) المنبه للجهاز العصبي المركزي والتيوفيلين.
تاريخ التصنيع
ويقول هاشم إن تصنيع هذا الدواء في بداية العام 1961 وتم استخدامه بعدها من أجل علاج الأطفال المصابين بقصور الانتباه وفرط الحركة أو علاج لمرض الاكتئاب، وبحسب موقع ويب للصحة والسلامة فإن من أضرار حبوب الكبتاجون تساعد على اليقظة لفترة طويلة، وتقلل من تناول الطعام، وتقلل من سرعة القذف، لكن بشكل مؤقت، والهلوسة سواء البصرية أو السمعية، والإدمان، في حالة تناول الحبوب بكميات كبيرة ولفترة طويلة من الزمن فقد تؤدي ارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب.
الحشيش الأفغاني
دخل مؤخراً إلى البلاد بكميات ضخمة (الحشيش) الأفغاني من دول الجوار مثل “اليمن” حيث قامت شبكة أجنبية بمساعدة شخصيات سودانية بعقد صفقة ضخمة من أجل دخولها إلى العاصمة الخرطوم وتوزيعها. وذلك حسب مصدر موثوق به تحدث لـ(اليوم التالي)، وقال المصدر إنه تم إدخال (200) كيلو حشيش أفغاني يطلق عليه التجار اسم (نوتيلا)، وهذه الكميات تم إدخالها إلى الخرطوم، وقبل توزيعها تم ضبطها من قبل مكافحة الجريمة بجهاز المخابرات العام وصاحب البضاعة (أجنبي الجنسية) يُدعى أبو عبد الله، بحوزته عدد (205) من الحشيش الأفغاني، وتم تدوين بلاغات ضدهم من قبل الجهات المختصة، وإلقاء القبض على بقية الشبكة، وبحوزتهم (92) كيلو حشيش، وتم فتح بلاغ جنائي ضدهم لدى الشرطة. وتوقع المصدر دخول كميات أكبر طبقاً للمعلومات التي تحصلت عليها إدارة مكافحة الجريمة المنظمة وإن هنالك جهات تسعى لإدخال كمية من المخدرات للخرطوم قادمة من بورتسودان وهي عبارة عن (50) كيلو من الحشيش الأسود عبر ترحيلات تقوم بإرسال الطرود لشركة.
التلاعب بالجرامات
وفي السياق تحدث مصدر طبي لـ(اليوم التالي) فضل حجب اسمه أن هنالك تلاعب كبير بإنتاج حبوب (النير فاكس) حيث يتم التلاعب في زيادة الجرامات في تصنيع الحبوب فيتم إنتاجها بجرام (150) بدلاً من (75)، ويتم بيعها للشباب كمادة مخدرة، وأكد المصدر أن هنالك عدد من المصانع تعمل على ذلك، وأرجع السبب لعدم المتابعة والمراقبة .
فئات مختلفة
الدكتورة أمل محمد معالجة بأحد مراكز الإدمان بالخرطوم، تقول في حديثها لـ(اليوم التالي) إن نسبة الشفاء لكثير من الحالات في تحسن كبير مع تطوير مراكز المعالجة، لافتة الى أن الحالات المتأخرة تكون أكثر صعوبة في طرق العلاج، وأن أغلب فئات الإدمان تكون من سن (21 إلى 40) عاماً مشيرة أن هنالك الكثير من أنواع المخدرات التي يستخدمها الشباب بينما الآيس الذي يتصدر القائمة، وأيضاً هنالك نوع يسمى “الحريق” يتم استخدامه أيضاً، وتحدثت أمل أن أقصى مدة للتعافي تكون 6 شهور، وطرق العلاج تختلف على حسب المريض، وكمية المادة المخدرة في جسمه.
بداية الإدمان تجربة
وتقول دكتورة علم النفس لبنى أحمد لـ(اليوم التالي) إن أغلب بداية المدمنين تكون بسبب الظروف المحيطة بالشخص أو مشكلات أسرية، ويبدأ إدمان المخدرات بالتعاطي التجربيي على سبيل التسلية في مواقف خاصة، ويصبح تعاطي المخدرات أكثر تكراراً، وأشارت لبنى الى أن المخدرات عادة تكون عبر وصفة طبية أو الحصول على أدوية من صديق تم وصف الدواء له، مضيفة: يختلف خطر الإدمان وسرعة تحولك لمدمن، وتنطوي بعض العقاقير مثل المسكنات الأفيونية على خطر أعلى وتتسبب في الإدمان بسرعة أكبر من غيرها .
وتابعت لبنى حديثها: مع مرور الوقت قد يحتاج المدمن إلى جرعات أكبر من العقار ليصل إلى نشوة، وسرعان ما يحتاج إلى العقار لمجرد أن يشعر أنه في حالةٍ جيدة، مؤكدة أن زيادة استخدام العقار قد يجد الشخص صعوبة متزايدة في الاستمرار بدون العقار، وقد تؤدي محاولات التوقف عن استخدام العقار الى إحساس قوي بالرغبة فيه ويجعل المدمن مريضاً بدنياً. وهنا يحتاج المدمن إلى تدخل عاجل من الطبيب والأسرة والأصدقاء والدعم النفسي الذي له أثر كبير في العلاج بسرعة كبيرة، إضافة إلى مركز علاج إدمان متطور للتغلب على الإدمان على حد قولها. وقالت: أغلب أسباب الإدمان تعود لأسباب أسرية أو اقتصادية، مؤكدة أن عامل الفقر يلعب دوراً كبيراً في الإدمان، فالفقر كان ثاني أسباب التعاطي بعد العامل الأسري والضغوطات النفسية التي يتعرض لها الشخص أثناء سن المراهقة .