والانقاذ تكمل عامها العاشر ، ويستتب لها الأمر والأمن ، وتجيز دستورا حلم به الإسلاميون منذ نصف قرن. وكذلك تستخرج بترولها بعد معارك اقتصادية واستراتيجية وديبلوماسية. فيتقدم ابن السودان البار وابن الحركة الإسلامية والمشروع والفكرة محمد عبد الله جار النبي ليحرر اسهم البترول كاملة للسودان من شركة شيفرون الأمريكية، والتي أوقفت العمل في بداية الثمانينات لأسباب الظاهر منها أنها أمنية والباطن والمستتر منها سياسية. وغلقت الآبار (بمفاتيح وأقفال وصواميل) تنوء بالقوة أولي العصبة. والمفارقة أن أول معسكر لكتيبة الشهيد هيكل في منطقة هجليج كان فوق هذه الآبار المغلقة.
وسياسيا حدث لقاء جنيف بين السيد الإمام الصادق المهدي والشيخ حسن الترابي. وعسكريا تراجعت الحركة الشعبية القهقرى وأوصلتها كتائب القوات المسلحة والمجاهدين إلى خور أشوا) في الميل 108 ومن مرتفعاتها ترى الاراضي اليوغندية. وامتلأت الخرطوم وقصرها الجمهوري ووزاراتها وبيوتها الفخمة بقادة الحركة الشعبية ومؤسسيها ، وتركوا قرنق وحيدا يندب حظه ويقول يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا. فاستقبلت الخرطوم كل من كاربينو كوانين ، وأروك طون أروك ، ورياك مشار ، ولام أكول أجاوين وتعبان دينق وفاولينو ماتيب.
واراد داعموا قرنق من الخواجات تبرير هزيمته وانقسام حركته وهرولة قادته نحو الخرطوم بالعامل الإقتصادي المتمثل في استخراج النفط وتصديره ، فهذا ما قاله الكاتب مايكل كلير في كتابه المشهور (الحروب على الموارد : الجغرافية الجديدة للنزاعات العالمية).
وبعد إن استقرت فكرة تجيبش الشعب عبر الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية في قطاعاته المختلفة (الطلاب : عزة السودان ومن قبل أسامة ابن زيد) وقطاع الموظفين (حماة السودان) والقطاع النسوي (نسيبة بنت كعب) أو اختصارا (أخوات نسيبة).
تقرر الانتقال إلى التطوير والتجويد ، فكان قرار تكوين القوات الخاصة، بالرغم من وجود قوات خاصة منتشرة هنا وهناك (سائحون ، الدبابون ، الطيارون، علي الكرار ، قوات أبوفاطمة (اللواء فيصل) ، قوات بكير ، الخضراء (كتيبة جهاز الأمن) .
وفي حادثة فريدة من نوعها تكونت (منظمة سلام العزة) وهي كتيبة نسائية خالصة للاسناد المدني والطبي ، وكذلك جمعية بلسم الطبية من طلاب وطالبات جامعة الجزيرة وعملت في كل من القضارف وكسلا والدمازين ، وكتيبة (نجمة الأسحار) من طالبات جامعة الجزيرة وعملت في الاستوائية، في العاصمة جوبا وما حولها.
رغم ذلك تمخض اجتماع منسقية الدفاع الشعبي وقطاع الطلاب الذي ذكرناه في نهاية الحلقة الأولى عن تكوين أول كتيبة خاصة منظمة عبر الأطر والمواعين و(السلسلة التنظيمية) وإدخال فكرة قوات الاحتياط وتجييش عامة الشعب كما في التجربة السويسرية والاسرائيلية، فكان قرار إنشاء وتكوين وتأسيس كتيبة الشهيد هيكل.
القرار ركز على الفئة العمرية الأصغرمن (20 إلى 30 عاما) باعتبار قوة التحمل والفهم السريع وضمانات المستقبل، وهي تعني الفئة الطلابية في المقام الأول، ونشأة الحركة الإسلامية نفسها كانت على عاتق الطلاب خاصة طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية ومن ثم المرحلة الجامعية.
وكذلك من الشروط الخبرة السابقة في العمليات العسكرية تدريبا ومشاركة في القتال مرتين على الأقل.
وبدأت الاتصالات و(البلاغات) كما يقول المصطلح التنظيمي، وكان من أوائل الحاضرين أفراد كتيبة الشهيد بلال ومعظمهم من طلاب الثانويات الذين امتحنوا الشهادة السودانية. ثم توالت وفود الجامعات المختلفة من العاصمة والولايات. وأصبحت هناك كتيبتان إحداهما من طلاب الثانويات والأخرى من طلاب الجامعات. وكانت المفاجئة حدوث خلاف بين المجاهدين أشبه بصراع الأجيال حول من يقود هذه الكتيبة ؟ لذا لم يتم تكوين (أمارة واحدة) ، وتجددت من جديد هتافات (سقيفة بني ساعدة): الأنصار: منا أمير ، والمهاجرون منا أمير. ووصلت الخلافات إلى مكتب الجامعات التنظيمي (التعليم العالي)، وكذلك إلى مكتب الثانويات (التعليم العام) وكذلك إلى منسقية الدفاع الشعبي. فكيف تم حل هذا الخلاف ؟ وهل تمكن المجاهدون من اختيار أمير لهم ؟ وهل تكونت أمارة واحدة للكتيبتين ؟ ونواصل……….
البريد الالكتروني
amekki2005@gmail.com