أكد إحصاء صادم نشرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أن 6.9 ملايين طفل، سوداني، لا يذهبون إلى المدارس، ما يعني أن واحداً من كل ثلاثة أطفال في سن الدراسة في البلاد لا يتلقى التعليم، في حين أن 12 مليون طفل، آخرين لا يتلقون تعليماً جيداً، والأسباب متعددة من بينها نقص المعلمين، وتردي البنية التحتية، داعية إلى توفير بيئة تمكّن الأطفال من التعلّم، وتجعلهم يحققون أحلامهم، ويظهرون إمكاناتهم الكامنة.
ولظاهرة التسرّب المدرسي تاريخ طويل في السودان، وأدى ذلك إلى انتشار الأمية بنسبة تزيد عن 30 في المائة من جملة عدد السكان البالغ نحو 40 مليون نسمة.
وتشير المنظمة الدولية في إحصائها إلى أن “المدرسة ليست ساحة لتعليم الصغار أبجديات القراءة والكتابة والرياضيات، لكنها مكان لتعلّم المهارات الاجتماعية، واللهو في بيئة آمنة، كما أنها تحمي الأطفال من المخاطر الجسدية المحيطة، ومن بينها سوء المعاملة، والتعرض للاستغلال، والتجنيد في صفوف الجماعات المسلحة، كما توفّر الدعم النفسي والاجتماعي، ما يجعلها منقذة لحياة الكثير من الأطفال” في التحقيق التالي عملت “التيار” على تسليط الضؤ اكثر على هذه القضية الخطيرة وخرجة بالإفادات التالية..
—
الحاجة حليمة ميرغني تتحدث عن القضية وهي من إحدى الأسر التي تعاني من هذه القضية. تعمل الحاجة حليمة بائعة شاي في سوق الحمداني خرجت للعمل من أجل أن تعلم أبنائها التلاميذ وهي تعاني أشد المعاناة من ضغوط الحياة حيث ترك أحد أبنائها المدرسة وكان متفوق لكن أصر أن يترك الدراسة ليقوم بمساعدة أمه المغلوب على أمرها وليساعدها في تربية إخوته الصغار ويعمل بالعمل الحر. وقالت الحاجة حليمة من الأسباب التي تساعد في عملية التسرُّب من المدارس هي الرسوم الدراسية التي أصبحت صعبة جداً لا تستطيع كل الأسر دفع هذه المبالغ مما يجعل بعض الأسر تضحي بأحد الأبناء ليساعد أسرته في تعليم إخوته الصغار فهذه مأساة حقيقية، وناشدت الحاجة الدولة بأن تجد حل عاجل لحل هذه القضية.
قضايا شائكة
أم عزين سعد التي تسكن بحي الشقلة تقول لـ(التيار): إن مهنتها الأساسية الغسيل والكي في المنازل وتعمل ليل نهار من أجل تعليم أبنائها الصغار لكن هنالك بعض القضايا الشائكة التي تواجهها هنالك بعض المعلمين لا يحسنون التصرف مع أبنائها داخل حرم المدرسة مما اضطرها أن تخرج أحد أبنائها من المدرسة، لأن التعليم أصبح وسيلة لجمع المال والبيئة المدرسية أصبحت غير جاذبة مما يجعل التلاميذ يكرهون المدرسة والرسوم الدراسية باهظة جداً حتى أصبح بعض التلاميذ يرون المدرسة أشبه بالسجن مما يجعل التلاميذ يتسربون رويداً رويداً من المدارس.
التدهور الاقتصادي
الطالبة شاهيناز إسماعيل، تؤكد أن الرسوم الدراسية مع تدهور الأوضاع الاقتصادية من أسباب تسرب التلاميذ من المدارس، وتدرس الطالبه شاهيناز في المرحله الثانوية الصف الثاني وقالت في حديثها لـ(التيار): من أسباب تسرب التلاميذ من المدارس تدهور الأوضاع الاقتصادية مع الزياده والارتفاع الحاد في الرسوم الدراسية وهذا الارتفاع أدى إلى أن بعض الأسر تقوم بإيقاف بعض أبنائها من الدراسة بسبب هذا الارتفاع وأصبح التلاميذ في المدارس يدفعون ما لايقل عن ٧٥% من رسوم تسيير المدرسة، وأما في المدارس الثانوية يدفعون ما لايقل عن (100) ألف جنيه، في السنة الواحدة، والسؤال هو إذا كان أحد التلاميذ لا يملك نفس المبلغ لا يستطيع التعلم مثل إخوته ولايمكنه دفع هذه المبالغ الكبيرة، وترى شاهيناز أن الحل في يد الدولة ويجب تقوم بتخفيض هذه الرسوم العالية كذلك تهيئة البيئة المدرسية لحل هذه القضية المهمة.
بينما يقول رمضان جون إنه ترك الدراسة في سن مبكرة كان يدرس التلميذ رمضان جون بمدرسة عبدالله بن عباس الأساسية بنين ترك الدراسة في سن مبكر جداً لأسباب مهمة وهي أسباب مادية لأن التعليم أصبح شيئاً صعباً جداً، فأضطر أن يترك الدراسة ليضحي بنفسه من أجل إخوته الصغار ومن أجل أن يتعلموا، وتتكون أسرة رمضان من أربعة أشخاص في المنزل لديه أخ وأختين يتعلمون معاً ووالده توفي عليه رحمة الله ، أما الوالدة أصبحت تناضل وتجاهد من أجل أن تقدم العون والسند لأبنائها، لكن لم تستطع، مما دفع ابنها رمضان لترك الدراسة ليساعدها في تربية إخوته الصغار ورسوم التسجيل أصبحت صعبة وبعض المدراس رسومها تتراوح مابين ٩٠ ألف إلى ١٥٠ألف جنيه، وهذه مسالة صعبة جداً وتخيل أن هذه المبالغ الكبيرة لثلاثة تلاميذ صعبة جداً لا تستطيع أسرة توفير هذه المبالغ في التعليم، وضحى رمضان لكنه -أيضاً- لم يوف بالغرض، وقال رمضان، إن موضوع التسرب مهم جداً لابد أن تنظر الدولة في هذا الموضوع، وقال: الحل الأمثل هو تخفيض هذه الرسوم الهائلة وترغيب الطلاب في التعليم وأوصى رمضان إخوته التلاميذ بالاجتهاد بقدر الإمكان وأن لا يعتمدوا على أهلهم في الدراسة وأن يعلِّموا أنفسهم بأنفسهم لأن الأسر أصبحت غير قادرة على مساعدة أبنائها في التعليم.
جهود المسؤولين
الطالبة سمر صالح، تؤكد أن قضية التسرُّب من المدارس تحتاج من المسؤولين إلى اجتهاد كبير وتدرس التلميذه سمر في مدرسة الثورة الجديدة بنات وهي مدرسة بإحدى أحياء أم درمان وتضيف أن قضية التسرُّب من المدارس موضوع كبير جداً يحتاج من المسؤولين إلى اجتهاد كبير من أجل أن يعبر بالتلاميذ لبر الأمان، التلاميذ هم مستقبل الأمه وإذا لم تتدخل الدولة في حل هذه المشكلة فهي دولة فاشلة، لأنها لم تهتم بقضية التلاميذ، وقالت سمر: الحل الأساسي لهذه القضية هو ترقيب التلاميذ في التعليم وتهيئة البيئة المدرسية جلعها بيئة جاذبة، لأن البيئة تلعب دوراً كبيراً في الدراسة نفسها وتساعد في التهيئ النفسي للتلاميذ، فإذا لم يجد التلاميذ بيئة ملائمة فلن يرغبوا في موضوع الدراسة إذا كانت البيئة نظيفة وجميلة والتعامل راقي من المعلمين والمعلمات سيسهم في توافق التلاميذ، وأوصت سمر الأسر بمساعدة أبنائها على التعليم ودعمهم معنوياً ومادياً في موضوع الدراسة، وقالت: إن هنالك بعض الأسر تقوم بإخراج أبنائها من المدرسة خاصة البنات من أجل الزواج مما يسهم في عملية التسرُّب من المدراس.
قضية محورية
من جانبها ترى فلورة أكود، من إحدى الأسر السودانية ولها طفلان أن قضية التسرُّب قضية محورية يجب حلها اقتصادياً واجتماعياً، ويرى بعض التلاميذ أن آبائهم يعانون في القيام بتوفير لقمة العيش لهم وما بالك بتوفير مصاريف الدراسة لهم مما يجلعهم يقومون بترك الدراسة والدخول في الأعمال الحرة لكي يساعدوا أسرهم، وأوصت فلورة بعض الأسر عندما يكون هنالك مشاكل عائلية عليهم ترك هذه المشاكل على جنب مما يساعد في عملية التسرُّب من المدارس والطلاق، أيضاً له دور محوري في هذه القضية وأوصت فلورة بعض الأسر بمساعدة أبنائهم في التعليم وتهيئة الجو الملائم للدراسة لهم.
في غضون ذلك تقول وداد عيدروس، المحاضره في إحدى الكليات: إن التسرُّب له عددة أسباب أولها الضائقة الاقتصادية بحيث أن بعض الأهل لا يستطيعون توفير حق وجبة الفطور وكذلك لا يستطيعون توفير حق المواصلات مما يجعل الطفل يترك الدراسة. ثانياً: التعامل داخل حرم المدرسة بعض المعلمين يعاملون بعض التلاميذ بقسوة و بعض التلاميذ يرون هذا العنف من المعلمين يكرهون المدرسة مما يدفع بعض التلاميذ لترك المدرسة، وأوصت د. وداد بأن تتدخل الدولة لتساعد التلاميذ وأسرهم في مجانية التعليم وتقوم بإعفائهم نهائياً من الرسوم الدراسية وتوعية الأسر بأهمية التعليم حديثها حول تسرب ٧ ملايين طفل، ترى د. وداد أن هذا عدد كبير جداً من حقهم أن يتعلموا وعلى الدولة أن تبذل أقصى جهد لإعادتهم إلى المدارس مرة أخرى.
الحرب والنزوح
بدورها تضيف د. كوثر أحمد محاضرة في إحدى الكليات، أن من أسباب عملية التسرُّب من المدارس هي أن السودان يمر بمرحلة صعبة جداً، أولها مشكلة الحرب والنزوح والهجرة من منطقة لمنطقة أخرى والوفيات الكبيرة بالنسبة للزوج والأرامل وشهداء استشهدوا في الأسر، لذا أصبح التعليم خطير جداً وأصبح العبء كبيراً على الأمهات مما دفعهم للعمل كبائعات شاي حتى يستطعن توفير لقمة العيش للأبناء فكيف يستطعن تعليم أبنائهن والفقر واحد من الحواجز والارتحال من مكان لمكان وكذلك التفكك الأسري الموجود له دور، ومن ناحية أخرى المعلمون والمدرسة لهم دور كبير كي تكون المدارس جاذبة، لأنها أصبحت غير جاذبة حتى في بيئتها وغير قادرة على توفير الوجبات للتلاميذ وغير قادرة على توفير الكادر المدرب لكي يستطيع جذب التلاميذ حوله، وقالت د. كوثر –سابقاً- كانت هنالك معاهد تقوم بتدريب المعلمين في كيفية التعامل مع التلاميذ وعدم توفر نشاطات
للتلاميذ.
ظاهرة خطيرة
إلى ذلك يؤكد الخبير التربوي الهادي سيد أن التسرُّب ظاهرة قديمة وكل المنظمات ودول العالم تشكو منه يتفاوت من منطقة لأخرى، وأيضاً يتفاوت من دولة لأخرى والتسرُّب ظاهرة خطيرة علي المجتمع وخطيرة على الدولة وعلى العالم كله وأسبابه متعددة منها في السودان أسباب سياسية وينتج عنها عدم استقرار وخاصة الاستقرار الاقتصادي يعني مسلسل يولد من السياسة إلى الاقتصاد ثم يليه إلى المجتمع ثم الأسرة ثم المدرسة نفسها الأن في السودان الناس تحتاج للأكل لذلك بعضهم يدفع بأبنائهم لمساعدتهم، ويرى بعض التلاميذ أن الأسرة محتاجة والفقر -أيضاً- أصبح مشكلة كل ما احتاج البيت أصبح غير مهيأ مع الولد في مواصلة دراسته. المدرسة كذلك عندها التزاماتها وأشيائها من زي مدرسي وحقيبة مدرسية والرسوم الدراسية وكذلك توجد مناطق تحتاج إلى البُنى التحتية التي هي شبه منهارة من نقص في المعلمين. ويقول الهادي حول فقدان المدارس لـ٧ملايين طفل، أنهم ٦ملايين طفل، حسب تقريره غير صحيح مليون طفل فقط، يحتاجون للمنظمات العالمية والمحلية وبعض الخيِّرين للوقوف لمحاربة قضية التسرُّب الذي كان سببه الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعيهة، وناشد جميع المنظمات بأنه يأمل في حل هذه القضية الملحة. وقال: إن الحل في المجتمع نفسه لأن في كل مدرسة هنالك مجلس أمناء مهمته الأساسية حل مشاكل التلاميذ لكي يقضوا تماماً على هذه الظاهرة كذلك عليهم تفقد تلاميذهم جيداً مما يجعلهم يعرفون من تسرُّب من المدرسة وتحل له مشاكلته.
أما صابر أحمد سليمان، خبير تربوي يؤكد أن قضية التسرُّب من المدارس لها عدة أسباب من أهمها عدم توفر الكادر التعليمي المدرب ليقوم بتهيئة الجو للدراسة مما يدفع بعض التلاميذ للملل وترك الدراسة، وقال صابر: البيئة لها دور كبير في العملية التعليمية، لكن الأن أصبحت أغلب المدارس غير مهيئة للتلاميذ مما يجعلهم غير منسجمين مع الدراسة ويجعلهم يرون أنهم في سجن مفرط وكذلك قلة النشاطات الترفيهية في المدارس وعدم تنمية مهارات التلاميذ ومواهبهم مما يدفع التلاميذ لترك الدراسة وكذلك هنالك بعض الأسر فاقدي السند مما يدفع أحد الأبناء ليضحي بنفسه من من أجل إخوته وكذلك الحالة الاقتصادية لها أثر الأن الرسوم التعليمية أصبحت غالية جداً مما يدفع الأسر لإخراج أبنائهم من الدراسة في المناطق الطرفية ليعملوا بمناجم الذهب كذلك الحروب والنزاعات لها أثر في عملية التسرُّب، حديث صابر حول عدد ٧ ملايين طفل، قال: إن هذا عدد كبير جداً من حقهم أن يتعلموا وعلى الأسر السودانية حل هذه المشكلة، لأن التعليم هو عماد ازدهار الأمة، كما أوصى بأن تقوم الدولة بالتدخل السريع وإنقاذ الموقف لأن التعليم يمثل كل الحاضر وأساس المستقبل.
تحقيق: إسماعيل سعد الدين