الفاتح عثمان: تعديل الوثيقة لتحقيق هدفين (…)
عبدالقادر محمود: التعديلات خطوة لإرباك المشهد السياسي الراهن.
الصادق المقلي: الكثير من التعديلات تتسق مع دستور المحامين
الخرطوم : محجوب عيسى
أكد متحدثون لـ(اليوم التالي) أن التعديلات التي قامت بها قوى الحرية والتغيير التيار الديمقراطي لتحقيق هدفين، امتلاك دستور والتفاوض من منطلق الثقل السياسي، وقالوا إنها تلامس بشكل أو بآخر جوهر شعار اللاءات الثلاثة، وتتماشى مع دستور المحامين ومطالب قوى الثورة الحية.
وأجاز ائتلاف جديد تعديلات على الوثيقة الدستورية 2019 تمنحه سلطات واسعة في الحكم، أبرزها، حذف اسم الحرية والتغيير الائتلاف الحاكم السابق والاستعاضة عنه بـ(القوى السياسية والمدنية وحركات الكفاح المسلح وأطراف العملية السلمية ولجان المقاومة)، وكذلك حذف اسم مجلس السيادة الانتقالى واستبداله بـ(السلطة السيادية) تتولى المهام السيادية في البلاد على أن تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة.
إرباك المشهد
يرى المحلل السياسي عبدالقادر محمود في حديثه لـ(اليوم التالي) أن التعديلات التي قامت بها قوى الحرية والتغيير التيار الديمقراطي تلامس بشكل أو بآخر جوهر شعار اللاءات الثلاثة.
وتوقع استجابة القوى الثورية لهذه التعديلات، سيما وأنها جاءت استباقية لوثيقة التسوية ذات الصبغة الثنائية.
ووصف التعديلات بأنها ممتازة في شكلها وتضمنت بنود عديدة أهملتها الوثيقة الدستورية السابقة، حيث ألغت المجلس السيادي واستعاضت عنه بالسلطة السيادية، وأكدت على ولاية وزارة المالية على أموال المؤسسات العسكرية وشددت على أن يتولى رئيس السلطة السيادية منصب القائد العام للقوات المسلحة، بجانب ذلك هنالك فقرة مهمة تضمنتها التعديلات تمثلت في إنشاء المفوضيات وأن تكون هنالك ستة أقاليم، بالإضافة إلى المجلس التشريعي الانتقالي.
وأشار إلى أن جميع مضامين التعديلات كانت تنادي بها قوى الثورة الحية ولا تتناقض مع النسخة الأصلية للوثيقة الدستورية التي توافقت حولها كل القوى السياسية المنضوية تحت إعلان الحرية والتغيير،
واستدرك.. لكن بسبب رفض المكون العسكري لها تمت الاستعاضة عنها بوثيقة أخرى شكلت البداية المشوهة للشراكة مع المكون العسكري، وأن في هذه التعديلات لا يوجد ما يشير إلى بقاء المكون العسكري شريكاً في الحكم، معتبراً ذلك تطوراً استراتيجياً في خطاب الحرية والتغيير التيار الديمقراطي.
وتساءل محمود، هل سيقبل المكون العسكري بالتعديلات، خاصة وأنه لم يحظ فيها حتى برئاسة مؤسسته؟
وأجاب.. لا أعتقد بأن المكون العسكري سيقبل التعديلات التي ستعمل على إقصائه بشكل نهائي وربما هنالك قوى أخرى لا ترغب في توسيع المشاركة السياسية إلى الحد الذي سمحت به التعديلات الدستورية، فقط تريد تسوية تسلطية تبقى لها مصالحها ومصالح الطبقات الاجتماعية التي تمثلها.
ويقول إن قوى الحرية والتغيير التيار الديمقراطي تدرك تماماً أن التعديلات لن تجد طريقها إلى التوافق المدني المدني، بل هي خطوة في اتجاه مزيد من الإرباك للمشهد السياسي الراهن.
تحقيق أهداف
ويعتقد الخبير السياسي الفاتح عثمان لـ(اليوم التالي) أن التعديلات التي أدخلتها قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني على الوثيقة الدستورية جاءت لتحقيق عدة أهداف أولها، أنها تمتلك نسخة من دستور مقترح لحكم السودان خلال الفترة الانتقالية، ما يجرد المجلس المركزي من ميزة أنه الوحيد الذي قدم مشروع دستور وأراد فرضه على بقية القوى السياسية، وثانياً سعى التوافق الوطني من خلال التعديلات للاتفاق مع مطالب الكثير من القوى السياسية خارج قحت المجلس المركزي وأن يلتف هؤلاء حول مشروع دستورها، وبالتالي تستطيع التفاوض من منطلق ثقل سياسي كبير مع الوساطة الدولية ممثلة في الثلاثية الدولية، وكذلك الرباعية الدولية.
وشدد عثمان؛ على ضرورة النظر إلى دستور التوافق الوطني على أنه مجرد عمل سياسي يساعد في إثراء النقاش حول الدستور؛ لجهة أن المتعارف عليه إنجاز التوافق السياسي أولاً ثم تحويله إلى وثيقة دستورية وليس العكس، ويشرح أن خطوة جناحي قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والتوافق الوطني لكتابة دستور قبل إنجاز التسوية السياسية أمر غير عملي؛ لأن التسوية السياسية هي التي تحكم كيفية كتابة الدستور وليس العكس.
عوار صارخ
وصف المحلل السياسي الصادق المقلي، التعديلات التي تمت على الوثيقة الدستورية بأنها عوار صارخ جعل اتفاقية سلام جوبا تعلو على الوثيقة، في حالة حدوث أي تقاطعات بين الوثيقة واتفاقية جوبا، وذلك من خلال محاصصات التمييز الإيجابي، الأمر الذى يجعل ممثلي الحركات بمثابة وزراء حتى الممات، وأنه وضع بدعي غير مسبوق في العالم. وقال إن الذين عملوا على تعديل الوثيقة من كانوا وراء إلغاء الوثيقة من خلال دعم الانقلاب.
وأوضح أن التعديلات تجاهلت، المادة ٨٠، التي سكت عنها البرهان فى بيان الانقلاب، والتي تنص على الشراكة الثلاثية وأن السكوت لم يكن عن طريق الصدفة.
ويضيف.. إن استبعاد العسكر في التعديلات للوثيقة الدستورية والكثير من التعديلات تتسق مع مشروع دستور تيسيرية نقابة المحامين، وأن الخلاف الوحيد في تشكل الحكومة، ويشير إلى أن مشروع دستور المحامين ينص على حصر تشكيل حكومة من كفاءات وطنية مستقلة بواسطة القوى الثورية والسياسية و المدنية المناهضة للانقلاب، فيما تعديلات التوافق الوطني تحدثت عن القوى السياسية على إطلاقها.
ويقول إن التعديلات لم تتطرق على طبيعة العلاقة بين العسكريين والمكون المدني، علاوة على أنها أعادت تجربة التمثيل الإقليمي الفاشلة العشوائية لما أسمته بسلطة السيادة بدلاً عن مسمى مجلس السيادة وهو اختيار غير عملي، و يقع في التوصيف العشوائي، الأمر الذي يتقاطع مع مشروع المحامين الذي يعطي صلاحية تعيين كل هياكل السلطة للقوى السياسية و المدنية الثورية الموقعة على مسودة الدستور.
ويرى أنه لم توضح معيار الكفاءة دون محاصصة سياسية، واستقلالية لممثليهم في هياكل السلطة والإبقاء على نسبة ال ٢٥% لشركاء العملية السياسية، ما يجعل الباب موارباً لاحتفاظ نفس ممثليهم الحاليين في الحكم.
التعديلات المقترحة
وقد وقع ائتلاف سياسي جديد أمس الأول الخميس، على نسخة معدلة من الإعلان الدستوري لعام 2019م لتكوين حكومة مدنية انتقالية في البلاد، ويضم التحالف الجديد الذي دشن نشاطه تحت مسمى (الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية) مجموعة التوافق الوطني والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وحزب البعث السوداني علاوة على مكونات أهلية.
وكانت أبرز التعديلات المقترحة من الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية على الوثيقة الدستورية 2019 2022، أن تعدل الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية 2019م المعدلة 2020م على الوجه الآتي:
حذف عبارة “قوى إعلان الحرية والتغيير” أينما وردت في هذه الوثيقة ويُستعاض عنها بعبارة، “القوى السياسية والمدنية ولجان المقاومة الموقعة على هذه التعديلات” وأن تحذف عبارة “مجلس السيادة” إينما وردت في هذه الوثيقة ويُستعاض عنها بعبارة “السلطة السيادية”.
وإلغاء البند (1) وفي المادة : ويُستعاض عنه بالبند التالي: (1) تبدأ الفترة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية وتُمدد لتنتهي خلال 24 شهراًِ من تاريخ التوقيع على هذا التعديل، كذلك تلغى المادة (8) ويستعاض عنها بالمادة الآتية: – تلتزم اجهزة الدولة في الفترة الانتقالية بإنفاذ المهام الآتية :
معالجة الأزمة الاقتصادية وفق برنامج دولة الرعاية الاجتماعية، تنفيذ اتفاق السلام واستكماله، التأكيد على تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان الموقع في أكتوبر من العام 2020 م ومعالجة أوجه القصور الخاصة بمسارات الشرق والوسط والشمال باتفاق أطراف السلام، بإلاضافة إلى أن تلتزم حكومة الفترة الانتقالية بدعم قيام مؤتمر شرق السودان الجامع وإشراك أهل الشرق بكافة أطيافهم السياسية والمدنية والأهلية لمراجعة واستكمال جميع الاتفاقيات المبرمة بشأن الشرق مع حكومة السودان على أن تضمن مخرجات هذا المؤتمر في دستور الفترة الانتقالية، والاستمرار في تعليق مسار الشرق حسب قرارات أجهزة الدولة إلى حين تحقيق التوافق بين جميع مكونات شرق السودان.
كذلك جاء في التعديلات أن ولاية وزارة المالية على المال العام بما في ذلك الشركات المملوكة للقوات المسلحة عدا الشركات التابعة للصناعات الدفاعية ذات الطبيعة العسكرية والصندوق الخاص للتأمين الاجتماعي للعاملين بالقوات المسلحة وأيلولة شركات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى لوزارة المالية، ومحاسبة منسوبي النظام البائد قضائياً عن كل الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب السوداني منذ الثلاثين من يونيو 1989 وفق القانون، مع ضرورة الشروع فوراً في قيام مفوضية الفساد، وذكر التعديل الإصلاح القانوني وإعادة بناء وتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية وضمان استقلال القضاء وسيادة حكم القانون عبر مفوضية الإصلاح القانوني، وأن يجيز المجلس التشريعي على وجه السرعة قانوني مجلس القضاء العالي ومجلس النيابة، فضلاً عن تفعيل لجنة التحقيق الوطنية المستقلة المختصة بالتحقيق في الانتهاكات التي جرت في الثالث من يونيو 2019 والأحداث التي تمت فيها انتهاكات حقوق وكرامة المواطنين (مدنيين أو عسكريين)
إلغاء القوانين والنصوص المقيدة للحريات أو التي تميز بين المواطنين. إجراء انتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.
أجهزة الحكم
وطالبت التعديلات بإلغاء المادة 10 ويستعاض عنها بالنص الآتي: تتكون أجهزة الحكم الانتقالي على النحو الآتي: سلطة سيادية، مجلس وزراء انتقالي وأن يكون السلطة التنفيذية العليا في البلاد، مجلس تشريعي انتقالي يمثل السلطة التشريعية والرقابية، حكم إقليمي – ولائي، علاوة على إلغاء المادة 11 ويستعاض عنها بالمادة التالية: أن تكون السلطة السيادية برئيس مدني، يكون رأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها، والقائد الأعلى للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى. على أن يكون له مساعدون مدنيون يمثلون أقاليم السودان الستة، وأن يتم اختيار رأس الدولة ونوابه بواسطة القوى السياسية والمدنية ولجان المقاومة الموقعة على هذه التعديلات.
كما أن يتم إلغاء البندين 1 و2 من المادة 15 ويستعاض عنه بالبند 1 التالي: يتكون مجلس وزراء من رئيس تختاره القوى السياسية والمدنية وأطراف السلام ولجان المقاومة الموقعة على هذه التعديلات ويعتمده رأس الدولة، وعدد من الوزراء يتم اختيارهم وتعيينهم بواسطة رئيس مجلس الوزراء بالتشاور مع القوى السياسية والمدنية وأطراف السلام ولجان المقاومة الموقعة على هذه التعديلات. على أن يكون بينهم 25% من أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان. وأن يكون مجلس الوزراء ورئيسه من الكفاءات الوطنية والمهنية المستقلة.
أعضاء المفوضيات
وفق التعديلات، يلغى البند (3) في المادة 39 ويستعاض عنه بالبند التالي: يعين رئيس مجلس الوزراء بالتشاور مع القوى السياسية والمدنية وأطراف السلام ولجان المقاومة الموقعة على هذه التعديلات رئيس وأعضاء المفوضيات الآتية :
مفوضية السلام، مفوضية صناعة الدستور والمؤتمر الدستوري، مفوضية الانتخابات، مفوضية الإصلاح القانوني، مفوضية مكافحة الفساد واسترداد الأموال العامة، مفوضية حقوق الإنسان، مفوضية إصلاح الخدمة المدنية، مفوضية الأراضي، مفوضية العدالة الانتقالية، أي مفوضيات أخرى.