تبنت اللجنة السياسية لمجلس نظارات البجا بشرق السودان -التي تمثل جناحا ثانيا في مجلس نظارات البجا- خطوة جديدة لسحب البساط من التيار الرئيسي في المجلس برئاسة الناظر محمد الأمين ترك عبر موقف عدّه مراقبون متشددا لمنافسة ترك على القاعدة الجماهيرية العريضة التي تقف خلفه.
لماذا تبنى مجلس البجا عدم الاعتراف بالخرطوم؟
وأعلنت اللجنة السياسية لمجلس نظارات البجا نفسها حكومة مؤقتة في شرق السودان، وذلك رفضا منها لما تصفه بمماطلة الخرطوم في تنفيذ مطالبها بتخصيص منبر لمناقشة قضايا الشرق بدل اتفاق جوبا للسلام.
وقالت اللجنة في بيان إنه “رفضا لمماطلة الخرطوم في تنفيذ مطالب شعبنا وإصرارها على إقصاء شعبنا، وعملا بالحق المكفول لكل شعوب العالم في تقرير المصير، فإن المجلس الأعلى للبجا-الأمانة السياسية، تعلن أن مجلس البجا هو السلطة السيادية المعترف بها لدى شعب الإقليم والمفوضة رسميا من هذا الشعب في عقد اجتماع مشهود في سنكات، ونعلن أن الهيئة العليا للمجلس هي البرلمان التشريعي العرفي للإقليم، وأن اللجنة السيادية لتقرير المصير بلجانها المتخصصة هي الحكومة الوزارية التنفيذية المؤقتة للإقليم، وأن الملكية العرفية للأرض هي أساس ملكية الأرض في الإقليم إلى حين قيام سلطة تداولية دائمة”.
وأضاف البيان أنه بناء على ما سبق، فإن اللجنة تعلن “عدم اعترافها بحكومة الخرطوم ولا بأي سلطة أو مؤسسة أو إدارة مركزية أخرى تضع يدها على مواردنا وثرواتنا وحرياتنا الطبيعية قبل التوصل إلى اتفاق بين سلطة الإقليم وحكومة السودان”.
وأكدت اللجنة “حق سلطة الإقليم المؤقتة في إقامة مؤسسات حكم ذاتي متعددة للحكم والإدارة وتصريف الأمور، وبناء قوات عسكرية نظامية للدفاع عن الشعب وعن الحقوق، وللقيام بالدور الأمني والشرطي بالإقليم”.
وأضاف البيان أن “الأساس الذي نسير عليه هو حقوق شعبنا المنصوص عليها في قرارات مؤتمر سنكات المصيري للبجا 2020، القائمة على الحكم الذاتي على أساس الأرض والثقافة، تلك القرارات الحتمية التي لا نكوص عنها حتى إحقاقها أو الموت جهادا دونها، ومن مات مقاتلا لأجل حقه فقد مات في سبيل الحق”.
لماذا انقسم مجلس البجا؟
في يونيو/حزيران الماضي، أعلن رئيس مجلس البجا الناظر محمد الأمين ترك استقالته من رئاسة المجلس وتجميد نشاطه بعدما اتهم بعض أعضاء مكتبه القيادي بمحاولة اختطاف المجلس والتعبير باسمه من دون تفويض.
وكان مقرر المجلس والمتحدث باسمه عبد الله أوبشار اتهم ضمنا رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) المكلف بالإشراف على شرق البلاد بتوزيع سيارات على قيادات في المجلس للسيطرة عليه، والاستمرار في تجميد اتفاق جوبا (مسار الشرق)، وعدم الموافقة على منبر جديد لقضايا شرق السودان.
وأدى هذا الخلاف إلى انشقاق مجلس البجا الذي أعاد انتخاب ترك رئيسا له، وعقد تيار آخر مؤتمرا اختار إبراهيم ادروب رئيسا أيضا.
ما رسالة مجلس البجا من التهديد بالانفصال؟
يقول أحمد موسى المحامي والمستشار القانوني لمجلس نظارات البجا برئاسة محمد الأمين ترك إن البيان الذي صدر عن اللجنة السياسية يمثل التيار المنشق عن الناظر ترك.
ويوضح موسى في حديث للجزيرة نت أن ترك كان حدد نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل آخر مهلة للحكومة الاتحادية لإنشاء منبر خاص لحل مشكلة شرق السودان أو تقرير مصير الإقليم، لكنه اتخذ موقفا آخر بعد انضمامه الأسبوع الماضي لتحالف جديد باسم قوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية الذي يضم الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني والحركات المسلحة في دارفور.
وتبنى التحالف موقفا يدعو لتعديل الوثيقة الدستورية لعام 2019، ونص التعديل على أن يقوم رئيس الوزراء الجديد بعقد منبر لشرق السودان بعد 30 يوما من تسلمه مهامه.
ويقول المحامي أحمد موسى إن التيار الثاني يرى أن جهود التسوية الجارية حاليا لحل الأزمة السودانية تتجاهل شرق السودان، ويريد أن يوجه رسالة إلى من يقودون التسوية من الرباعية الدولية (الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات)، واللجنة الثلاثية الأممية الأفريقية التي ترعى الحوار بين أطراف الأزمة في السودان.
ما مصير مسار شرق السودان في اتفاق جوبا؟
يرى إبراهيم ضرار المهتم بقضايا شرق السودان أن مسار الشرق مات ومن الصعب تنفيذه، وأن الأوضاع في البلاد تجاوزته، ويعتقد أن هذا المسار ضحية للصراعات والتنافس بين المكونات الاجتماعية والقبلية في إقليم الشرق؛ مما أضاع مكاسب سياسية واقتصادية نص عليها الاتفاق.
ويقول ضرار للجزيرة نت إن قناعات ترسخت لدى زعماء قبائل شرق السودان بأن الإقليم خسر كثيرا جراء الخلافات في ما بينهم، وأن تهميش الإقليم سيستمر في حال لم يتحدوا ويمارسوا ضغوطا على الخرطوم.
وتم توقيع اتفاق مسار شرق السودان في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2020 بين الحكومة و”الجبهة الشعبية” و”مؤتمر البجا”.
ونص على تنفيذ برامج تنموية في الإقليم، وتحديد نسب لمشاركة الشرق في حكومة المركز والولايات الثلاث المكونة لشرق السودان؛ وهي البحر الأحمر وكسلا والقضارف.
لكن الاتفاق واجه معارضة قادة قبائل في الإقليم، على رأسها قبيلة الهدندوة التي شكلت مع قبائل أخرى “المجلس الأعلى لنظارات البجا”، وتبنى المجلس حملة لإلغاء المسار بحجة أنه لا يمثل أهالي الإقليم ومصالحهم.
وبين 17 سبتمبر/أيلول و27 أكتوبر/تشرين الأول الماضيين، نفذ المجلس إغلاقا شاملا للموانئ على ساحل البحر الأحمر والطرق البرية والمطار والسكة الحديدية، وتم رفع الإغلاق بعد سيطرة الجيش على السلطة إثر “الانقلاب” الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
المصدر : الجزيرة