الخرطوم: اليوم التالي
تكررت في الفترة الأخيرة وبصورة مزعجة للغاية ضبط استخبارات قوات الدعم السريع والقوات المسلحة عدد كبير من الأسلحة والذخائر في طريقها للعاصمة الخرطوم أو في بعض الولايات التي لم تحدث فيها أي خروقات أمنية من قبل مما أثار اهتمام عدد من الخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين والأمنيين، وكان آخرها ضبط الجيش لوري محمل بذخائر مختلفة بولاية القضارف.
وتحدث عدد من الخبراء بأن الانتقال الحرج الذي يعيشه ويشهده السودان الآن منذ الإطاحة بنظام البشير مترافقاً مع تشظي وانقسام وسط القوى والأحزاب السياسية لم يشهده السودان من قبل أغرى العديد من الدول الكبرى والإقليمية بالتفكير في السيطرة على موارد السودان الضخمة عبر جعله يغرق في مربع الفوضى الأمنية، ومن ثم تنفيذ أهدافها عبر أجهزتها الاستخباراتية موضحين أن هذه الدول تعتقد وترى أن السودان الآن في أضعف حالاته السياسية والأمنية ومن الممكن أن تمرر أجندتها الآن وفي هذا التوقيت بكل سهولة.
وقال الدكتور أحمد حسن الخبير والمحلل السياسي إن عدم وجود حكومة تنفيذية منذ قرابة العام وحتى الآن ألقى بمزيد من الأعباء على كاهل المؤسسة العسكرية السودانية بكافة أجهزتها وجعل الجيش والدعم السريع مرهقين ومستهلكين في قضايا ومشكلات كان من المفترض أن يواجهها الشريك المدني لعبور الفترة الانتقالية مبيناً أن ذلك أدى لفراغ كبير جداً في جسد الدولة السودانية نفذت منه العديد من أجهزة الاستخبارات المعادية للسودان والتي ترتدي ثوب الأصدقاء لتنفيذ أجندتها في نهب ثروات السودان والسيطرة عليه لافتاً إلى أنه إذا لم يتم تجاوز هذه المعضلة بتوافق عريض تتمخض عنه حكومة تتمتع بمصداقية ومقبولية كبيرة في الداخل السوداني سيظل السودان تحت التهديد والاختراق الأمني لفترة طويلة مؤكداً أن السياسيين السودانيين الذين هم خارج كيكة السلطة تعودوا على ممارسة السياسة من المنافي الاختيارية واستدعاء التدخل الأجنبي في بلادهم منوهاً إلى أن التاريخ السياسي السوداني يذخر بالعديد من الأمثلة والشواهد على ذلك.
ومن جانبه نبه الدكتور أحمد عطية الخبير الأمني والعسكري على ضرورة أخذ تصريحات بعض قادة الجماعات الإسلامية المتشددة والإرهابية بنقل أنشطتهم إلى السودان بالمزيد من الجدية مشيراً إلى أن عدم وجود حكومة والسيولة الأمنية التي يشهدها السودان الآن والانقسام السياسي الكبير شجع هذه الجماعات للحديث علانية بنقل أنشطتها للسودان داعياً إلى إحداث اختراق في الملف السياسي بوفاق يمهد لتشكيل حكومة كفاءات وطنية تتولى ملف الأعباء التنفيذية وتخاطب المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي وتستكمل ما تبقى من الفترة الانتقالية وتصنع مشروعاً وطنياً خالصاً يلتف حوله الشعب السوداني حتى وإن كان بالحد الأدنى من التوافق يمهد لانتخابات حرة ونزيهة.
ودعا عطية لمزيد من الالتفاف حول المؤسسة العسكرية السودانية والمنظومة الأمنية والشرطية مؤكداً أنه من نعم الله سبحانه وتعالى على الشعب السوداني أنه لم يحدث أي انقسام أو تشظٍ في هذه الأجهزة الوطنية مشدداً على أنها الضمانة الوحيدة لتجنيب السودان وشعبه الانزلاق لهوة سحيقة لا يمكن العودة منها.